صنعاء ترسم الملامح النهائية لمستقبل التحالف.. “تقرير“..!

488

أبين اليوم – تقارير

تقرير/ إبراهيم القانص:

لم تضطر الأنظمة الخليجية إلى خوض حرب أو مواجهات على الأرض منذ ظهورها الحديث على خارطة جغرافيا المنطقة، رغم أن بعضها اخترعت مناسبات وطنية تحتفل بها سنوياً تحت عناوين البسالة والبطولات.

التي لا تتجاوز كونها تخيلات تلامس هوىً في نفوس أنظمتها، كي تبعد عن نفسها حقيقة أنها مستحدثة ولا رصيد لها في جانب النضال والبطولات، قياساً بغالبية دول المنطقة التي خاضت حروب تحرير واستقلال من احتلال دول أجنبية ظلت تصادر سيادتها وثرواتها وحرياتها عقوداً من الزمن..

لكن الكيانات الخليجية برعت أكثر من غيرها في تمويل الحروب الأهلية وحركات التمرد والتنظيمات المتطرفة في غالبية بلدان المنطقة العربية، وتجاوزت بأنشطتها التدميرية الجغرافيا العربية إلى دول القارة الأفريقية وبلاد الشام وغيرها، ممولةً وداعمةً لكل الحروب والنزاعات المسلحة حتى دمّرت اقتصادات تلك الدول وبنياتها التحتية ونسيجها الاجتماعي.

كانت اليمن هدفاً احتل قائمة نشاطات دول الخليج التدميرية، وبعد عقود من مشاريعها التخريبية في اليمن تحت مسميات المنح الإنسانية والخيرية قادت بنفسها حرباً معلنة منذ عام 2015م، بعدما استندت إلى دعامات محلية طالما ظلت تقيمها لشراء الولاءات السياسية والقبلية وشكلت بعد ذلك فصائل مسلحة للقتال في صفوفها..

ومن ثم تمكنت دول التحالف من زرع النزاع بين تلك التشكيلات والمكونات المحلية وعمقت هوّة الصراع البيني، لتستكمل مشاريعها وأهدافها الكبيرة والحقيقية التي ظهرت بوضوح في الاستيلاء على الموانئ اليمنية والسواحل الممتدة لآلاف الكيلو مترات، والجزر والمواقع الاستراتيجية والمنافذ البرية، والمحافظات النفطية، الأمر الذي عدّه مراقبون احتلالاً متكاملاً بدأ ناعماً بعناوين الإغاثة والإنسانية والتعاون وانتهي بالحديد والنار.

ربما تكون محافظة المهرة دليلاً تتجسد من خلاله أهداف ونوايا دول التحالف على حقيقتها بعيداً عن التضليل الذي سخّرت له منظومة هائلة من وسائل الإعلام، فالسعودية تحتل مطار الغيضة وتتخذه مقراً لقواتها المنتشرة على طول سواحل المهرة، كما أحكمت سيطرتها على منفذي شحن وصرفيت الحدوديين مع سلطنة عُمان، وتحت مسمى مكافحة الإرهاب فتحت المملكة أبواب محافظة المهرة أمام قوات بريطانية وأمريكية، بعدما جلبت أعداداً من عناصر التظيمات الإرهابية ووطنتهم في بعض المناطق كمبرر لاستقدام القوات الأجنبية إلى المحافظة.

والأسلوب نفسه اتخذته الإمارات في جزيرة سقطرى اليمنية، التي تحتلها بتواطؤ ظاهر من حكومة هادي، حيث يصل إلى الأرخبيل وبشكل أسبوعي ضباط استخبارات إسرائيليون، منتحلين شخصيات السياح، تنقلهم أبوظبي على متن الطيران الإماراتي، وقد سبقتهم سفن حربية أفرغت عتاداً عسكرياً ومعدات وأجهزة بدأ العمل بتركيبها في عدد من المواقع الاستخباراتية المشتركة..

ومواقع عسكرية أفاد ناشطون من سقطرى أن الإمارات بدأت فعلياً بناءها بمشاركة إسرائيلية في جزيرة “درسة”، إحدى جزر أرخبيل سقطرى غير المأهولة بالسكان، وكانت الإمارات أنشأت قواعد عسكرية أخرى خلال الأعوام السابقة في عدد من جزر الأرخبيل، إضافة إلى عمليات التجريف الكبيرة والمتواصلة للتنوع الطبيعي من الكائنات والأحياء البرية والبحرية والأشجار التي لا توجد سوى في سقطرى.

اصطدمت دول التحالف بوعي اليمنيين من خلال مواجهتهم لمشاريعها المشبوهة في بلادهم، ولم تكن تتوقع أن تكون مهمتها صعبة إلى الحد الذي فقدت فيه قدرتها على تأمين حدودها ومنشآتها الحيوية ومواقعها الاستراتيجية، حيث أصبحت هدفاً مشروعاً لقوات صنعاء، التي أدركت مبكراً حقيقة تدخل التحالف العسكري في اليمن، وأخذت على عاتقها مواجهته والتصدي له..

واستطاعت خلال السنوات الماضية وفي وقت يُعدّ قياسياً، من وجهة نظر خبراء عسكريين، تصنيع وتطوير عدد من الأسلحة النوعية كالصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيّرة، متمكنةً من قلب موازين المواجهة وتغيير المعادلة، الأمر الذي جعل دول التحالف تبحث عن مخرج مما أدركت متأخراً أنه ورطة، مناشدةً المجتمع الدولي التدخل والتوسط لوقف هجمات صنعاء بإتجاه السعودية زعيمة التحالف..

والتي أصبحت في حالة رعب وإرباك لم تستطع إخراجها منه ترسانتها العسكرية المهولة ولا تحالفاتها الكبيرة وأدواتها المحلية، خصوصاً بعدما أصبحت قوات صنعاء على أبواب آخر معاقل التحالف الاستراتيجية “مدينة مأرب”.

البوابة الإخبارية اليمنية