التضخم “بعبع“ المصارف المركزية فكيف ستتم مواجهته..!

3٬829

أبين اليوم  – متابعات
ذات مرة، أدرك محافظو المصارف المركزية حول العالم ما يتعين عليهم فعله للتعامل مع التضخم. واليوم، يتصارعون مع العواقب الاقتصادية لفيروس كورونا. لقد انهار الإجماع على أفضل السبل لكبح جماح التضخم وخلق استقرار في الأسعار الآخذة في الارتفاع.
وبعد أعوام من تحديد أسعار الفائدة على أساس توقعات التضخم والسعي لتحقيق هدف يبلغ حوالى 2 ٪ ، تتبع السلطات النقدية في جميع أنحاء العالم استراتيجيات متباينة، بحسب ما ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.
والأسبوع الجاري، حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي تضم 38 دولة تمثل 60 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، من أن “اليقظة مطلوبة”، إلا أن أي محاولة لرفع أسعار الفائدة يجب أن تكون معتمدة على الدول وموجهة بالتحسينات المستمرة في أسواق العمل.
يأتي ذلك في وقت لا تزال علامات ضغوط التضخم الدائمة والتغيرات في موقف السياسة المالية غامضة للغاية، فكل مصرف مركزي كبير بإمكانه اليوم القول إن سياسته تلبّي المعايير، إذ غيّر مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي موقفه لإعطاء مزيد من المساحة لكبح التضخم وأعطى أولوية أكبر للتوظيف.
بينما يجد المصرف المركزي الأوروبي نفسه متورطاً في خلاف في شأن نسبة تسامحه مع أي تجاوز للتضخم، فيما يكافح مصرف اليابان عبثاً من أجل الانتعاش في ظل التوقعات بنمو أسعار المستهلكين.
قبل عام أدى انتشار كورونا إلى سحق الاقتصادات في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى انخفاض أسعار السلع الأساسية وحتى إلى خفض تكلفة برميل النفط في الولايات المتحدة إلى ما دون الصفر.
سياسة مالية حذرة
وبينما كان التحول في استراتيجية الولايات المتحدة هو الأكثر جذرية، حين أعلن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جاي باول، العام الماضي، عن إطار عمل نقدي جديد. يسعى فيه المصرف المركزي الأكبر في العالم إلى الابتعاد عن الزيادات الوقائية في أسعار الفائدة لدرء الضغوط التضخمية المحتملة مع السعي بإصرار إلى التوظيف الكامل. وهي استراتيجية تقول إنها ستفيد مزيداً من الأميركيين، بمن في ذلك العمال ذوو الأجور المنخفضة ومجموعات الأقليات.
وسيسمح للتضخم بتجاوز هدف 2 ٪ لبعض الوقت بعد فشل طويل الأمد، في محاولة لضمان توقعات الشركات الأميركية بأن تظل أسعار الفائدة منخفضة لفترة طويلة، بالتالي ستنفق بدلاً من الادخار. أحد دوافع الاحتياطي الفيدرالي هو تجنب تكرار موقفه بعد الأزمة المالية، عندما أدى تشديد السياسة إلى إبطاء التعافي ..
وقالت محافظة الاحتياطي الفيدرالي لايل برينارد، الثلاثاء، “إنني منتبهة للمخاطر على جانبَي هذا المسار المتوقع”. وأضافت أنها ستراقب بياناخهت التضخم بعناية للتأكد من أنها لم تتطور “بطرق غير مرحب بها”. ولكنها أيضاً ستكون منتبهة لمخاطر التراجع في وقت مبكر جداً. وحذرت برينارد من الاتجاهات السابقة للوباء المتمثلة في “أسعار فائدة متوازنة منخفضة” وتراجع الاتجاه الأساسي للتضخم.
لكن المنتقدين قلقون من أن استراتيجية الاحتياطي الفيدرالي قد تم تصميمها لعالم من السياسة المالية الحذرة، وليس لعصر الوباء والاقتراض والإنفاق الهائل، وأن هذا قد يتركه وراء المنحنى إذا تصاعدت ضغوط الأسعار. وكانت الزيادة السنوية البالغة 3.1 ٪ يوم الجمعة في مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي عززت بعض تلك المخاوف …
وفي هذا السياق برزت خلافات حادة وجدال في اوساط المصارف اليابانية والاوربيةحول كيفية التعامل مع مشكلة التضخم التي ازدادت حدته جراء تاثير وباء كورونا ..
المصرف اليابان يسعى إلى التزام تجاوز التضخم على مدى الأعوام الخمسة الماضية، لكنه لم يقترب حتى من هدفه البالغ 2٪ . ومن اللافت أن القليل تغيّر بعد الوباء،
في غضون ذلك، ينخرط صانعو السياسة في منطقة اليورو في جدال حاد، بينما يجري المصرف المركزي الأوروبي مراجعة لسياسته الخاصة التي سيتم الإعلان عن نتائجها في سبتمبر (أيلول) المقبل..
لكن إيزابيل شنابل، المديرة التنفيذية للمصرف المركزي الأوروبي، حذرت من تلك السياسات والاجراءات التي ستكون محفوفة بالمخاطر إ وشككت في استهداف متوسط التضخم بشكل رسمي خلال فترة محددة .
يرى بعض الاقتصاديين ان هذه الخلافات غير ذات جدوى ، فالمشكلة تكمن حسب وجهة نظرهم في السياسة النقدية التي ينتهجها محافظي المصارف حيث انهم يفتقرون الى الادوات الفاعلة لمعالجة مشكلة التضخم .
وقال ريتشارد بارويل، رئيس قسم أبحاث الماكرو في “بي إن بي باريبا” لإدارة الأصول، إن المصرف المركزي الأوروبي “نفدت ذخيرته” تقريباً، وبينما ارتفع التضخم في منطقة اليورو في مايو (أيار) أعلى بقليل من هدفه الذي يقترب من 2 ٪ ولكن أقل من 2 ٪ ، فإنه سيتخذ سياسة مالية طموحة أو ببساطة سيتسلح بالحظ للقيام بذلك لفترة طويلة .
ويرى بارويل ان الاسواق الاوربية بحاجة الى حوافز مالية ضخمة على غرار مافعله بايدن لانقاذ الاحتياطي الفيدرالي من مواجهة خيارات صعبة في الاشهر المقبلة . 

المصدر: الاندبندنت  بالعربي