الإنهيار الإقتصادي.. والمعالجات..!

3٬852

بقلم/ م. أنور مثنى العامري

استغرب كثيراً عندما أرى مطالبات بعض السياسيين اليمنيين أو الاقتصاديين، او حتى بعض الناشطين بطلب تدخل خارجي لإنقاذ عملتنا الوطنية.

فلا توجد اي دولة في العالم بأكمله تنتظر إنقاذ عملتها بطلب ودائع من دول شقيقة
وهي مقيمة في فنادق خمسة نجوم خارج الوطن، ورواتبها بالعملة الصعبة، فيما تقوم ايضاً بطبع المزيد والمزيد من الأوراق النقدية المحلية، لصرف الرواتب وتكديسها في الأسواق، حتى وان كانت هذه الدولة تمر بحالة حرب.

ومن سيقبل اعطائك المزيد من الودائع ، وهو يتسائل عن مصير الودائع السابقة، وطريقة الفساد الذي تم إدارتها به، بينما لم يتم محاسبة احد.

الإنقاذ الوطني للاقتصاد والعملة يحتاج إلى ماهو أكثر بكثير من هذا، وعلى سبيل المثال:
– يحتاج الى وضع برنامج إصلاح هيكلي للمالية العامة للحكومة ، مع حزمة من الإصلاحات النقدية والمالية المتكاملة تمكن الحكومة من مواجهة التحديات القائمة وإطلاق قدراتها وتحقيق معدلات النمو والتشغيل المطلوبة بما يتناسب مع الإمكانيات والموارد البشرية والطبيعية والمادية المتوفرة حالياً.

– يحتاج الى إدارة كفء تتمتع بثقافة البحث على زيادة النمو والانتاج.
– يحتاج إلى نوايا صادقة ، ورقابة حقيقية ، ومسئولية تاريخية ووطنية ، ومحاسبة رادعة.

– اين الدور الحكومي من التطوير الإداري والإستراتيجي للعب الدور الحقيقي في عالم السلع والتجارة.

– أين الرقابة على القطاع المصرفي ومنع الصرافين من الدخول في سوق المشتقات النفطية او المواد الاستهلاكية ، فهم بهذا اكبر سبب للتلاعب بالعملة (والمضاربة بها)..!

– أين دور وزارة الصناعة من الرقابة والتحقق من أسعار المواد التي يتم دعمها بأموال الودائع ولماذا لا يتم تشكيل لجان لمقارنة أسعار البيع في اليمن بأسعار الشراء بعد تحديد هامش الربح والذي من الضروري ان يخضع هذا الهامش لقانون حكومي يحمي المستهلك من جشع التجار واستغلالهم.

– أين دور (المؤسسة الاقتصادية) حتى لو يتم استبدالها حالياً بإنشاء جمعيات استهلاكية تعاونية كما هو الحال في (جمهورية مصر العربية) لتواجه جشع التجار ، والبيع عبر نقاط حكومية بأسعار مخفضة للمواطن.

– الإنقاذ يحتاج لتشكيل مجلس اقتصادي اجتماعي، يتكفل بصياغة السياسات العامة التي تكفل استجابتها لمتطلبات الوضع القائم.

– الإنقاذ يحتاج لتشكيل لجنة إصلاح الإدارة العامة لتعمل على الحوكمة الرشيدة والشفافية ، والمحاسبة للفساد.

– يحتاج لتشكيل لجنة (العقود والاحتكارات والمناقصات) لتراقب التعاقدات الحكومية أثناء هذه الفترة.

– الإنقاذ يحتاج إلى الكثير والكثير والكثير ، ولا يحتمل التأخير أو التنظير.

– من مهام البنك المركزي هي: “المحافظة على النقد لتأمين أساس نمو اقتصادي واجتماعي دائم” ، فأين دور البنك المركزي من كل ذلك ، بل على العكس تماماً ، لعب دوراً عكسياً في المعادلة الاقتصادية والمالية ، ومن بين اهم الاصلاحات لهذا الصرح المالي (تغيير الإدارة الحالية للبنك المركزي).

إن إستمرار الوضع الراهن القائم على الانهيار الاقتصادي سيكون له دور سلبي وقد يصل لمرحلة الركود التام ، حيث تصبح عدم القدرة على معرفة موعد انفراج الأزمة من أكبر المساوئ المرتبطة به ، والذي بدوره يؤدي لانتشار الفقر والفساد ، مما سينكعس عاجلا أم آجلا في مشكلات كبرى كأعمال الشغب والسرقة والبطالة.

و أخيراً.. يجب ان يتصرف كل وزير وكل مسئول في الدولة كرجل دولة يتحمل مسئولية وطنية وتاريخة، ولا يتصرف كرجل أعمال.

م/ أنور مثنى العامري
مدير عام شركة النفط اليمنية /الحديدة