القوات التي أعلن “العسيري“ تدميرها تُبعث من ميدان السبعين.. تقرير..!

5٬611

أبين اليوم – تقارير

تقرير/ إبراهيم القانص:

لا يزال اليمنيون يتذكرون تصريح المتحدث الرسمي لقوات التحالف، في الساعات الأولى لبدء العمليات العسكرية صبيحة الـ 26 من مارس عام 2015م، إذ ظهر العسيري حينها ليعلن متباهياً أن طائراته دمرت 85% من القدرات العسكرية اليمنية، التي صنفها في حينه بالتابعة للانقلابيين الحوثيين، لكن يبدو أن “بقية القصف أنمى عدداً”، فقد عادت إلى الأذهان الشطحة الانتفاخية لناطق قوات التحالف..

وأدرك اليمنيون كم كانت هزيلة وبائسة، وهم يشاهدون العرض العسكري الأكثر مهابة على الإطلاق، إذ عبر ميدان السبعين، الأربعاء، خمسة وثلاثون ألف جندي مقاتل من خيرة شباب اليمن، كوحدات رمزية تمثل القوات المسلحة اليمنية، البرية والبحرية والجوية، في عرض لم تشهد له العاصمة اليمنية مثيلاً..

وربما تعذّر على غيرها من العواصم العربية، وأرتال من الآليات والعتاد الحربي المصنع محلياً، من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيَّرة والألغام والزوارق البحرية، الأمر الذي تجاوز التوقعات ولم يخطر ببال الخصوم ولا الأصدقاء.

محللون وخبراء عسكريون، تساءلوا كيف استطاعت صنعاء إنجاز ذلك المستوى المتقدم من التصنيع العسكري، والتأهيل القتالي لذلك السيل الجارف الذي غطى أكبر ميادين العاصمة اليمنية، بعد أكثر من سبعة أعوام من الحرب والحصار الاقتصادي الخانق، معتبرين ذلك نوعاً من الإعجاز، خصوصاً أن تلك القوات وتلك الأسلحة بأنواعها لم تظهر في ذلك العرض إلا بعد ما أثبتت تفوقها وفاعليتها وقدراتها القتالية ميدانياً، خلال سنوات من التصدي لأكبر وأحدث ترسانة عسكرية على مستوى المنطقة العربية، تلك التي تملكها السعودية والإمارات، مؤكدين أن ذلك الأداء جدير بالتدريس في الأكاديميات العسكرية العالمية.

ويؤكد مراقبون، أن التحالف يمر الآن بأسوأ أوقاته على الإطلاق، سواء من حيث الإخفاق والفشل العسكري أمام قوات صنعاء، أو من حيث الإحراج الذي يحاصره نتيجة فقاعات انتصاراته الإعلامية التي ظلت تتباهى بالإمكانات القتالية لقواته، فقط للتغرير بأتباعه والدفع بهم إلى مسالك الموت العبثي والهزائم المتلاحقة، فما الذي يمكن أن تقوله قوات التحالف وقياداته، وماذا بقي بمقدورهم من التزييف والتضليل، خصوصاً بعد ما ظهر رئيس المجلس السياسي التابع لصنعاء، مهدي المشاط، وسط ميدان السبعين، محاطاً بتلك القوة البشرية، والعتاد الحربي الذي أنجز رجاله جزءاً كبيراً منه..

بل إن أكثر ما سيبعث الأسى والحسرة في نفوس قيادة التحالف هو أن المشاط وصل إلى ميدان السبعين على ظهر مدرعة سعودية، هي واحدة من غنائم قواته خلال انتصاراتها على القوات الملكية السعودية، والتي لا مجال هنا لحصرها.

تساؤلات كثيرة، أوجدتها الدهشة التي رافقت مشاهدة العرض العسكري غير المسبوق لقوات صنعاء، فهل يعتبر هذا العرض ضمن نسبة الـ 15% التي تبقت مما تم تدميره بطائرات التحالف وفق تصريحات العسيري في الساعات الأولى من الحرب، أم أن دول التحالف جرّت على نفسها الدواهي حين أقدمت على انتهاك حقوق الجوار والدين والعروبة، بحربها على اليمن، متناسيةً الفرق بينها وبين شعب كان أول من أشاد حضارة بشرية بعد طوفان نوح..

ربما تكون الأيام المقبلة حبلى بالكثير من الإجابات، لكن الثابت هو أن صنعاء استطاعت صناعة العلامة الفارقة، وفرض المعادلة التي تقتضيها مرحلة لا مجال فيها للمساومة على حق مسلوب، لا يتأتى أبداً بالركون إلى أي منطق سوى انتزاع الحقوق بالقوة التي تصنع السلام وتفرض هيبة الحق.

أما القوى اليمنية الموالية للتحالف السعودي الإماراتي، فلا تزال تتخبط بين ولاءاتها المتعددة، وأهدافها المشتتة وغير الواضحة، باحثة عن نفسها في ضبابية الموقف الذي وضعت فيه باختيارها، وعن هوية تنازلت عنها منذ سلمت أمرها للتحالف، وانضوت تحت وهم “الشرعية” الذي استمال به ولاءها، لتقاتل نيابة عنه أبناء بلدها، الذين تم توصيفهم بالانقلابيين والأذرع الإيرانية..

بينما تبحث دول التحالف عن وسيلة لتحسين علاقاتها مع طهران، وطيلة سنوات الحرب اندفعت تلك القوى بتهور وحماس شديدين للقضاء على ما وصفته بالانقلاب على النظام واستعادة الدولة، مضحيةً بكل ما كان يفترض أن تتمسك به، لتكتشف في وقت متأخر انقلاب التحالف عليها وسلبها صفة الشرعية الزائفة التي منحها إياها، فقط ليمتطيها باتجاه تحقيق أهدافه ومن يقف خلفه، وأطماعهم التوسعية في اليمن..

أما استعادة الدولة التي طالما زايدت وتشدقت بها فقد فرطت بما كان تحت سيطرتها في المحافظات الجنوبية والشرقية، التي تدار الآن بإشراف وقرار قيادة التحالف، والذي حوّلها بدوره إلى بؤر للصراع الداخلي والفوضى الأمنية والأخلاقية، وأحكم قبضته على الثروات والمنافذ البرية والبحرية والجوية، محرّماً على تلك القوى التواجد في بلادها لا للحكم ولا للإقامة..

في وقت استطاع من وصفهم التحالف بالانقلابيين الحفاظ على مؤسسات الدولة، وإدارتها بأقل القليل من الإمكانات، باسطين الأمن والاستقرار في كل مناطق سيطرتهم، ذات الكثافة السكانية الكبيرة والموارد المحدودة، وها هم يفاجئونه بإنجاز عسكري وصلت تباشيره إلى عمق دول التحالف قبل عرضه في ميدان السبعين.

المصدر: YNP