تعرف على هوية مقتحم الكونغرس ذي القرنين والوشوم

ينتمي إلى حركة "كيو أنون" التي تعتقد أن الولايات المتحدة تديرها منظمة إجرامية تشمل عائلات كلينتون وأوباما وروتشيلد والخلاص على يد ترمب. يعتقد أنجيلي أن دونالد ترمب يخوض معركة ضد الدولة العميقة في الولايات المتحدة (أ ف ب)

7٬957

أبين اليوم – وكالات

 

 فيديل سبيتي

 

“إذا لم تكونوا مستعدين لاستخدام القوة لحماية الحضارة، فاستعدوا إذن لقبول البربرية”، هذه الكلمات أطلقها الشاب، الذي تداولت صوره وكالات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي بعد واقعة اقتحام الكونغرس، مرتدياً قبعة مصنوعة من الفرو ولها قرنا الجاموس الأميركي، وعلى ذراعيه وشوم كثيرة. فمن هو، وما جذوره، وما انتماءاته السياسية؟ خصوصاً بعد ما قال بعد الحادثة، في رسالة نشرها عبر شبكة “بارلر”، “نحن وطنيون على جبهة أريزونا، أردنا أن نوصل طاقتنا الإيجابية إلى واشنطن”.

وشوم وقرون

يدعى الشاب جاك أنجيلي، ويطلق على نفسه اسم “كيو شامان”، وحرف الكيو نسبة إلى انتمائه إلى حركة “كيو أنون” الموالية لحكم ترمب، أما شامان فهي تعني الديانة الشامانية التي مارسها الهنود الحمر.

والوشوم الموجودة على صدره ويديه، أحدها رسم لحجارة جدار على ذراعيه، اعتبرتها وسائل إعلام أميركية إشارة إلى الجدار الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك. وتوجد وشوم أشبه بالفأس، وهو وشم من الفايكينغ. وكذلك المثلثات الثلاثة المتشابكة رمز فالكنوت، بحسب ويكيبيديا الإنجليزية، وهو رمز استعادته حركة “ووتانيسم”، العنصرية النازية الجديدة المعادية للسامية، وربما يعود أيضاً للإله الإسكندنافي أودين، إله الحرب والحكمة والشعر لدى شعوب الفايكينغ، ووشم شجرة العالم، وهي أيضاً رمز للميثولوجيا الإسكندنافية.

الوشوم الموجودة على جسد أنجيلي تحمل دلالات عدة (أ ف ب)​​​​​​​

​​​​​​​

أما القبعة وقرونها، فهي قرون الجاموس الأميركي “بوفالو”، وهو شعار وطني للولايات المتحدة، لكن في الأصل يعود هذا الرمز إلى الهنود الحمر الذين قدسوا الجاموس الأميركي، الذين مارسوا الطقوس الشامانية، ومنهم انطلقت نحو العالم بعد اكتشاف حضارتهم.

وأن تكون شامانياً تحترم مقدسات الهنود الحمر وفي الوقت عينه يمينيا متطرفاً، فإنما يدل على ضآلة الثقافة، وهو ما يشير إلى أن الشاب يبحث عن الاستعراض بحسب سيرته. وهو الذي يقدم نفسه على أنه مغن وممثل مشهور. لكنه في الحقيقة اكتسب شهرته في ليلة الكابيتول غازياً لمركز الديمقراطية الأميركية.

من جايك أنجلي؟

جايك أنجيلي، البالغ من العمر 32 عاماً، شخصية معروفة في حركة “كيو أنون” (QAnon)، وشوهد في الاحتجاجات السابقة في 2020، حين ظهر “كيو شمان” أمام كاميرا لمراسل من “أريزونا سنترال”، وقال في تلك المقابلة “يجب أن يشعر رئيس الولايات المتحدة (ترمب) بدعمنا له. عليه أن يعرف أن هناك أميركيين وطنيين جيدين يقدرون جداً كل ما يفعله”. كما ظهر في عدة فيديوهات نشرها عبر الإنترنت، يمارس طقوساً شامانية كالقرع على الطبول، أو في أخرى يصرخ مطالباً بعدم التزام الإقفال أو التباعد الاجتماعي بسبب كورونا، لأنه فيروس مؤامرة، بحسب اعتقاده. وفي كل الأحوال، يردد أنجيلي ما تنشره حركة “كيو أنون”، التي ينتمي إليها على شبكة الإنترنت، التي باتت نظرياتها “المؤامراتية” تلقى قبولاً بين شريحة غير ضئيلة من الأميركيين، وحول العالم أيضاً.

ينتمي أنجيلي إلى حركة كيو أنون التي تؤمن بـ "المؤامراتية" (أ ف ب)
ينتمي أنجيلي إلى حركة كيو أنون التي تؤمن بـ “المؤامراتية” (أ ف ب)

 

أما الشامانية فهي عبارة عن تصور خاص لعلاقة الإنسان والطبيعة، وهو تصور يفترض صلة خاصة بين الناس والظواهر الطبيعية، وأن الكائن البشري هو جسد مادي وعدة مكونات غير مرئية، أي الروح والنفس، التي يمكنها أن تغادر الجسد، وتبقى حية بعد الموت. وهي تغيب أثناء النوم إلى عالم الأحلام، وغيابها المستمر يفسر المرض. أما غيابها النهائي فيعني الموت. ويرتدي الشامان ملابس تمثل حيواناً معيناً، مثل الغزال أو الطائر أو الدب أو الجاموس الأميركي الذي كان أكثر انتشاراً بين سكان أميركا الأصليين.

حركة “كيو أنون”

هي عبارة عن مجموعات مختلفة ومتداخلة من المريدين لنظريات إدارة العالم، ويدور معتقدهم حول فكرة “حكومة الظل” العالمية التي تدير العالم من خلف الكواليس، وتهدف إلى استعباد البشر وتسييرهم على هواها بعد السيطرة على ثروات العالم، وهذه الحكومة تتألف من أثرياء العالم من رجال الأعمال والمصرفيين وبعض رجال السياسة والإعلام.

ويعتقد مؤمنو هذه الحركة أن دونالد ترمب أحد العناصر المهمة في خوض المعركة ضد حكام العالم أو “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة، وأن معركته ستنتهي إلى إعدام آلاف الأشخاص “الأشرار”.

لكن هذا هو العنوان العريض، أما في التفاصيل، فلهذه الحركة نظرة خاصة نحو كل حادثة، تبرره وفق ما يسميه الإعلام “نظرية المؤامرة”. إذ تعتقد أن بيل غيتس ومجموعة من رفاقه هم من نشروا فيروس كورونا، ليدفعوا الناس إلى تناول اللقاح الذي يحتوي على شريحة متناهية الصغيرة يمكنها جمع المعلومات عن كل شخص، وتقوم بتسييره وفق رغبات هذه الجماعات، وهم بالطبع من أكثر مشيعي هذه النظريات التي تطلب من الناس عدم تناول اللقاح، إلى أن جرى حظرهم عن معظم منصات التواصل الاجتماعي.

وبحسب دراسات شركات وسائل التواصل الاجتماعي واستطلاعات الرأي تبين أن هناك الملايين من المستخدمين يؤمنون ببعض أو بجميع النظريات الغريبة التي تنشرها “كيو أنون” منذ 2017 تاريخ انطلاقها بواسطة بضعة أشخاص عبر شبكة الإنترنت، وجاءت جائحة كورونا لتزيد هذا العدد.

ووجدت دراسة أجراها “مركز بيو للأبحاث” في سبتمبر (أيلول) 2020 أن ما يقرب من نصف الأميركيين سمعوا عن الحركة، وهذه النسبة هي ضعف العدد الذي كان عليه قبل ستة أشهر. وفي الدراسة نفسها تبين أن خُمس من سمعوا عنها يحملون نظرة إيجابية للحركة.

ونواة أفكارهم هي أن الولايات المتحدة تديرها منذ عقود منظمة إجرامية، تشمل عائلات كلينتون وأوباما وروتشيلد، فضلاً عن المستثمر الكبير جورج سوروس ونجوم من هوليوود وغيرهم من النخب ا.لعالمية. ويشدد “كيو”، الذي هدفه تحذير الأميركيين من مكيدة عالمية، ولفت أنظارهم إلى خطة خارقة ليتصدوا لها، أن عليهم البقاء متأهبين لرد ترمب الذي سيكون على شكل “عاصفة” آنية تسقط المؤامرة وتعيد السلطة إلى الشعب.

المصدر أنديبندينت عربية