بين أزمة الحكومة وتضارب الأجندات.. لبنان إلى أين..!

197

أبين اليوم – الأخبار الدولية 

ثلاثون عاماً مرت على إتفاق الطائف تقريباً، لم تتمكن خلالها المنظومات الحاكمة والقوى والأحزاب السياسية اللبنانية من ترسيخ أساس قوي للحياة السياسية في البلاد. وما تشهده بيروت في السنوات الأخيرة ومنذ عام حتى الآن تحديداً نتيجة طبيعية لثلاثة عقود من أزمات حلها مؤجل وتضارب للأجندات الخارجية والداخلية المتحكمة في مسار الأمور.

قد يكون ما يحصل حالياً هو الأكثر حساسية وخطورة في لبنان. حيث الأفق مسدود على أكثر من صعيد وسبل الحل لا تبدو واضحة حتى اللحظة.

على مستوى الحكومة:

ما زالت مهمة سعد الحريري لتشكيل الحكومة تراوح مكانها، بل وتتجه إلى مرحلة اسوأ من قبل. الحريري لم يقدم حتى الآن التشكيلة التي تلبي المعايير التي وضعها رئيس الجمهورية  ميشال عون.

والمهلة التي استغرقها الحريري حتى الآن أطول من شخصيات كلفت في السابق واعتذرت بعد فشلها، لكن تمسك الحريري بالتكليف له اكثر من ابرزها تمسكه بالفرصة الأخيرة التي تبقيه في الموقع السياسي (الذي ورثه من والده رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري)، ولذلك هو يراهن ربما على تمرير الوقت في انتظار اي تسوية خارجية او توافق دولي اقليمي على حلحلة الامور في لبنان تاتي به رئيسا قويا للحكومة.

في المقابل تتمسك القوى السياسية التي اختارت الحريري لتشكيل الحكومة باختيارها، لكنها مستعدة في الوقت نفسه للتخلي عنه إذا لم يقدم على خطوة شجاعة تحرره من الاسقاطات الداخلية والخارجية التي تمنعه من تقديم تشكيلته الوزارية.

رئاسة الجمهورية أكدت وبشكل قاطع الا تشكيل للحكومة خارج المعايير الميثاقية والوطنية المتفق عليها.

على مستوى أزمة الحريري الداخلية:

يعاني الحريري من ضغوط كبيرة إلى جانب تحدي تشكيل الحكومة، تتمثل بالمساعي التي تقوم بها أطراف لإبعاده عن المشهد السياسي بعد خسارته دعم قوى في الداخل والخارج.

وللبدء من الخارج، خسر الحريري دعم السعودية بعد قضية احتجازه في الرياض من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. أما داخلياً فقد حصل توتر بينه وبين حزب القوات وتباعد بينه وبين الحزب التقدمي بزعامة وليد جنبلاط.

لكن الملفت هو مساعي قوى سياسية (سنية) لبنانية للاطاحة بالحريري، واحداث طرابلس والتوتر الامني تحت مسمى (المطالب المعيشية والاقتصادية) لا تخرج من هذا الاطار.

وما كلام الحريري عن استغلال لمشاكل الناس في طرابلس لأغراض سياسية الا اشارة الى محاولات تستهدفه شخصياِ، ومن قلب عائلة الحريري حيث تؤكد التقارير ان بصمات “بهاء الحريري” حاضرة بوضوح في احداث طرابلس، وان هناك مخطط لايجاد قيادات (سنية) جديدة تمهد لواقع سياسي جديد في لبنان على اساس تطورات الساحة الاقليمية والدولية.

الأمر الخطر الآخر هو اتضاح ملامح اجندات خارجية في لبنان، ففي وقت تعمل البروباغاندا المعروفة للترويج لتدخل إيراني مزعوم في التفاصيل السياسية اللبنانية، بدأت بعض الأطراف بطرح سيناريوهات مرتبطة مباشرة باجندات خارجية، وهو ما دأب عليه حزب القوات اللبنانية في المرحلة الأخيرة وحديث زعيمه سمير جعجع عن تشكيل جبهة معارضة جديدة تطالب باجراء انتخابات مبكرة (رغم العوائق اللوجيستية والسياسية والامنية لذلك).

غير أن المشترك في كل ما يحصل هو مراهنة جميع الأطراف على عامل الوقت. لقد ساهمت سياسات الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب في تأزيم الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان، والجميع بات ينتظر الان نتائج التغيير على ضوء مجيء ادارة جو بايدن، خاصة الأطراف التي قدمت نفسها وكيلاً حصرياً لتنفيذ مشروع واشنطن الذي اشرفت عليه دوروثي شيا سفيرتها في بيروت.

وسط كل ذلك تأخذ الأزمة الاقتصادية والصحية والمعيشية منحى تصاعدياً، وبالتالي يمكن ان يشكل هذا فرصة تستغلها أطراف معينة لتفجير الوضع، الا اذا تلاقت المساعي الدولية والاقليمية والارادة الداخلية لايجاد قاعدة جديدة تنتج منظومة أكثر إلتزاماً بمعالجة الأزمة التي تكاد تعصف بلبنان على كافة الصعد.

المصدر: العالم