دلالات تصاعد التحركات الأجنبية في اليمن ..“تقرير“..!

5٬700

أبين اليوم – تقارير

تقرير/ حلمي الكمالي:

تطفو القوى الأجنبية المساندة لحرب التحالف على اليمن، تدريجياً إلى سطح المشهد خلال الآونة الأخيرة، في خطوة قد تعكس حجم المشاركة الغربية والدولية لهذه الحرب التي تحمّل خيبات قوى التحالف من القارات السبع للعام الثامن على التوالي؛ لكنها تحمّل دلالات كثيرة في ظل المستجدات الطارئة في اليمن والمنطقة.. وهذا ما يضع الكثير من التساؤلات حول أسباب إندافع تلك القوى للظهور إلى واجهة المشهد..؟!

بالعودة سريعاً إلى مجمل التطورات في المسرح اليمني، سنلاحظ تصاعداً كبيراً للتحركات الأمريكية البريطانية شرقي البلاد، وبشكل واسع وملفت، فخلال أغسطس الجاري فقط سُجلت عشرات العمليات والأعمال المشبوهة للقوتين الغربيتين، على رأسها إرسال قوات بريطانية جديدة إلى مطار الغيضة، ودفع قوات برية أمريكية إلى حضرموت، إلى جانب إنزال قوات فرنسية في شبوة، وإرسال خبراء وضباط صهاينة إلى سقطرى.

التحركات الأجنبية هذه، لم تعد في نطاق مساعدة عمليات قوى التحالف السعودي الإماراتي في حربها على اليمن وحسب، وما كان يصاحبها من شعارات رنانة أسقطها التحالف ذاته مؤخراً، وهو ما يمكن ملاحظته تماماً من مسلسل الإقتتال الطويل بين فصائل التحالف، الممتد من محافظة لحج جنوباً إلى محافظة حضرموت شرقاً؛ بل تندرج تحت عناوين وأهداف وغايات أمريكية غربية مباشرة لها علاقة بضمون الغايات الحقيقية التي تقف خلف ستار التحالف منذ وهلته الأولى.

في المقام الأول.. يمكن قراءة التحركات الأجنبية الأخيرة ضمن الأطماع الأمريكية الأوروبية في تأمين إستمرار تدفق الطاقة إلى الأسواق الغربية، وبالتأكيد ليس هناك مرتعاً لآلة النهب الأمريكية أكثر من المناطق اليمنية الخاضعة تحت سيطرة التحالف وفصائله، وهذا ما يفسر إندفاع القوات الأمريكية إلى حقول البترول في الهضبة النفطية لزيادة الإنتاج، وهرولة الفرنسيين لإمتصاص ما تبقى من غاز بلحاف، وإستمرار العجوز البريطاني في العبث بسواحل ورمال المهرة بحثاً عن “حصته” في الثروات اليمنية، بالتزامن مع إنفجار المعارك الطاحنة بين فصائل التحالف.

ما يحدث في اليمن، ليس بعيدا عن المتغيرات السياسية والعسكرية في المنطقة والإقليم، التي أحدثتها صمود “محاور الممانعة” وعلى رأسها صنعاء، أمام مشاريع التخريب الغربية، ومساعي الولايات المتحدة لتعويض خسائرها المتراكمة، بتعميق الحضور الأمريكي العسكري خلف جلباب التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، واستثمار ما يملكه الأخير من مقومات جغرافية وحيوية؛ تؤهلها لإعادة إفراز غطرستها على المنطقة ومن بوابة البحر في الدرجة الأولى.

ولعل هذا ما تترجمه بوضوح توجه الولايات المتحدة مؤخراً، لزيادة حجم الترسانة الحربية قبالة السواحل والجزر اليمنية، ومنها ما تم إعلانه رسمياً على لسان قائد الأسطول الأمريكي الخامس “تشارلز برادفور كوبر”، الذي أكد بنشر بلاده 100 من المنصات المتطورة لإطلاق الطائرات المسيرة في مياة البحرين العربي والأحمر، ناهيك عن توسع التحركات الإسرائيلية في مضيق باب المندب وجزيرتي ميون وسقطرى.

ما يمكن استدراكه مما سبق، هو أن فشل التحالف في اليمن قد تسبب بإضطرابات كبيرة في السياسة الأمريكية، العاجزة عن لململة عجز وكلائها السعوديين والإماراتيين، الأمر الذي يدفع واشنطن بالتأكيد للظهور علناً على سطح المشهد اليمني، في محاولة لتدارك إنهيار المشروع الأمريكي الغربي، مستغلة الهدوء النسبي الذي فرضته الهدنة الأممية المعلنة، ومحاولة تصوير وجودها العسكري كواقع عبر شركات الطاقة أو أي مسوغ آخر، للحفاظ على ما تبقى من حضور للإمبرطورية الشائخة، أو تأمين الهروب من تداعيات هزيمة التحالف.

على كلٍ.. فإن التحركات الأجنبية في اليمن، أياً كانت المسوغات أو تحت أية يافطة، فإنها مرصودة وتحت دائرة الإستهداف العسكري لقوات صنعاء، التي توعدت بصريح العبارة على لسان قياداتها العسكرية والسياسية، بإستهداف جميع القوى والشركات الأجنبية التي تنهب ثروات اليمن، وحددت فترة قصيرة حتى إنتهاء الهدنة القائمة؛ كمهلة أخيرة لها لمغادرة البلاد؛ وهي تهديدات أكد خبراء ومراقبين غربيين بأنها تؤخذ على محمل الجد من قبل المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين، استنادا لتهديدات مماثلة سابقة كلفت التحالف السعودي الإماراتي والقوى الغربية المساندة له، ثمناً باهظاً.

 

YNP