ترامب رحل.. إنتهاء “القوة الناعمة الأمريكية“ وبروز “الإرهاب المحلي“..!

204

أبين اليوم – متابعات

طوال عقد من الزمن تقريباً تبجح الأمريكيون بنجاحات على الساحة الدولیة بفعل نظریة القوة الناعمة التي أسس لھا “جوزیف ناي” احد اھم  منظري السیاسة الخارجیة الامیركیة في عھد الرئیس الاسبق باراك اوباما. ولا یمكن انكار ان نظریة القوة الناعمة حققت اھدافھا في ساحات عدة دولیاً (رغم ان ذلك لا یعني براءة ھذه الاھداف)، لكن منذ اربع  سنوات حتى الان ومع كل ما شھدتھ الحیاة السیاسیة الامیركیة خاصة منذ  الانتخابات الرئاسیة حتى الان تغیرات مھمة حصلت في تركیبة السیاسة الأمريكية.

على قاعدة ان دونالد ترامب لم یكن رئيساً قادماً من المنظومة السیاسیة التقلیدیة (ولم یكن مرشحاً مرتھنا لارادة حیتان المال والاعلام والاقتصاد في الولایات المتحدة)، كان لا بد من ان تشھد الحیاة السیاسیة الأمريكية في عھده تغیرات محوریة.

فشخصیة ترامب لم تكن تقلیدیة وبالتالي انعكست ھذه الشخصیة على سیاساتھ داخلیاً وخارجیاً. وھناك شبه اجماع على أنه لو بقي لولایة ثانیة، كان سینجح في ترسیخ سیاق واطار مختلف كلیا لھذه السیاسة.

والان مع تنصیب جو بایدن رئیسا للبلاد، من الخطأ القول ان اثار سیاسات وشخصیة ترامب ستنتھي، فالرجل بكل ما احتوته شخصیته كان انعكاسا لحالة قدیمة جدیدة في المجتمع الامیركي اظھرت معظم جوانبھا السلبیة بفعل وجود شخص مثل ترامب في اعلى منصب في البلاد.

لا یمكن توقع الكثیر من التغیرات في سیاسات ادارة بایدن عن ادارة اوباما، رغم ان بایدن یسعى لاظھار تمایز عن رئیسه الاسبق. وعليه فان القوة الناعمة التي شكلت اساسا للسیاسة الخارجیة الامیركي ستبقى على اھمیتھا في ادارة بایدن-ھاریس، لكن التحدي الاكبر امام الادارة الجدیدة ھو السیر في ھذه السیاق بما تبقى من اسس ھذه النظریة والتي تعرضت لتھالك وتآكل في مقوماتھا السیاسیة والاجتماعیة في عھد ترامب.

في المقابل ھناك تحد آخر أمام بایدن یتمثل بظھور النزعة الیمینیة المتطرفة التي عاشت افضل ایامھا في عھد ترامب، ھذه النزعة القائمة على نظریات ھي على النقیض تماما من الاسس التي تحكم الحیاة السیاسیة الامیركیة.

ما شھده الكابیتول ھیل لیس إلا نموذجاً مما قد تشھده البلاد في المستقبل. اقتحامات مبنى الكونغرس لم یتم استخدام السلاح فیھا على نطاق ملحوظ ومؤثر، لكن الاحصاءات تقول ان ھناك حوالي 300 میلیشیا یمینیة مسلحة في انحاء البلاد، وھي جاھزة لاظھار نشاطاتھا الى العلن واخراج فكرھا الالغائي لیراه الامیركیون والعالم.

لذلك یقول معظم المحللون السیاسیون ومراكز الدراسات في الولایات المتحدة ان اعادة الصورة التي تظھر وحدة الامیركیین ستكون تحدیا صعبا جدا امام بایدن (رغم ان ھذه الصورة في كثیر من جوانبھا دعائیة لا اكثر)، واستعادة ھذه الصورة ضروریة لنجاح ادارة بایدن. تقول مجلة فورین افیرز ان صیحات النفاق ستعلو في كل مرة ستتحدث فیھا ادارة بایدن ومسؤولوھا عن تصدیر نماذج الى دول العالم على المستوى السیاسي والاجتماعي والثقافي. السؤال الاول والاھم الذي ستواجھھ واشنطن سیكون.. وماذا عما یحصل داخل الولایات المتحدة؟ كیف یمكن لدولة تعاني من الانقسام وانتشار التطرف الیمیني والفكر الالغائي للاخر ان تتحدث عن حقوق الانسان و”نشر الحریة” في باقي الدول؟

ستصارع الادارة الأمريكية الجدیدة على جبھتین، جبھة استعادة الصورة التقلیدیة داخلیا وخارجیا واستعادة القوة الناعمة التي ساعدت واشنطن كثیرا في السابق، وعلى جبھة مواجھة المد الیمیني المتطرف والذي تصنفه المؤسسات الامنیة الامیركیة “ارھابا محلیا”.

ومن الواضح ان نجاح إدارة بایدن او فشلھا في اي من الجبھتین سیحدد ما اذا كانت الترامبیة ستنتھي ام ستعود من جدید.

المصدر: العالم