أبو أحمد.. الشمعة التي أحرقت نفسها لتضيء للآخرين..!

242

بقلم/ جلال النسي

تعجز الكلمات وتختفي الأحرف كلما هممت في رثاء أخي الغالي أبا أحمد.. فقد كنت الأب الحنون والبلسم الشافي لآلامي.. وكنت النبراس الذي يضيء لي منار المستقبل واليد الحانية التي تمسح دموعي كلما واجهت أزمة أو مشكلة تمتد لتقيل عثراتي..

وأنت النور الذي يطل بصيصه من وراء الأفق حين أجد نفسي في نفق مظلم.. لقد أفتقدتك يا أبو أحمد كثيراً.. وقد أطل عام جديد ولكنه خالي من وجودك.. لم يفارقني خيالك في صحوتي ومنامي..

وتظل الذكرى العطرة ملازمة لفكري فأنت حي في ضميري ووجداني.. وأراك أمامي كلما اشتدت ظروف الحياة.. وطيفك لا يفارق بالي كلما صفت وزالت غيوم الكآبة..

لم أنساك قط كلا.. وألف كلا.. فأنتم أكبر من أن ينساكم المرء.. روحكم الخيرة تجول في الأجواء وتطوف على أصدقائكم ومحبيكم وأعمالكم الطيبة باقية..

غادر جسمكم الطاهر نتيجه نزيف دماغي وارتفاع ضغط الدم الشرياني الذي لم يمهله طويلاً وجعله يتوارى خلف الثرى..

تلك الجلطة اللعينة التي أحرمتنا الأب الرؤوف وأجل إنسان عرفه غيري من الناس الذين تعايشوا معه حين تولى مهامه في صحيفة الثورة بأبين كنائب مدير..

وعرفه الكثيرون بنبل أخلاقه وروح الإيثار التي يتحلى بها.. فقد كان البلسم الذي يمسح ويتألم لأنين الآخرين.. ويتفانى ولا يدخر جهداً في سبيل محو وإزالة الألم من كل من عرفه..

وكان ينشر البهجة والسرور لمن حوله ويظل كالشمعة التي تحرق نفسها لتضيء للآخرين معالم الطريق والنور الذي يهدي التائهين إلى سواء السبيل.

فإليك حيثما.. كنت فالجنة هي مأواك بإذنه تعالى.. فلن ننساك أبداً بالدعاء والرحمة والغفران كما لن ننسى بالدعاء لأسرتك بالصبر والسلوان..

فالف رحمة تغشاك وصبراً.. صبراً لأهلك وعشيرتك وأصدقائك وكل محبيك.. ولا عتب لا عتب ولا لوم لمن تناساك ونسي جمايلكم ومواقفكم المشرفة.. فهي كالسوط تسلخ جلود الناكرين للمعروف والجاحدين للجميل.. وما جزاء الإحسان إلا الإحسان..

أما نحن فذكراكم لم تفارقنا مدى الحياة ومازلت في عقلي وقلبي ولن أنسى ما حييت حين قبضت على يدي عندما لفظت أنفاسك الأخيرة شعرت حينها كأنك تريد قول شيء لي وإن لم تنطق.. ولكنني أحسست بمشاعرك المتدفقة نحوي والمكانة التي احتلها في قلبك.

وختاماً لا يسعني إلا التأوه فآه ثم آه على فراقك يا أبا أحمد.. فو الله إنك لازلت تحتل مكانة عليا في قلبي.. فقد كنت الأب والأخ والصديق.. وتركت فراغاً كبيراً جعلنا كتائه في هذه الحياة القاسية التي قست أكثر واشتد سعيرها بفراقك..

وداعاً إلى أن ألقاك في جنة الخلد بإذن الله السميع المجيب وإنا لله وإنا إليه راجعون.