الصراع السعودي الإماراتي في اليمن.. التنافس في الجنوب والإنتقام في الشرق..“تقرير“..!

308

أبين اليوم – تقارير

خلال الفترة الماضية اشتدت حدة الإشتباكات العسكرية بين قوات الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” (الموالي للسعودية) وقوات المجلس الإنتقالي الجنوبي “الموالية لدولة الإمارات العربية المتحدة” في المحور الجنوبي لليمن.

وانتشرت أخبار تلك الإشتباكات على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإقليمية والدولية. وهذا الاشتباكات العسكرية التي وقعت بين حلفاء السعودية من جهة وحلفاء الإمارات من جهة أخرى، جاءت في وقت بذل فيه مسؤولو الرياض كل جهد ممكن في الأسابيع الأخيرة لمنع أو على الأقل تقليل مستوى التغطية الإعلامية لما يحدث في المحافظات الجنوبية التي تقع فيها تلك الاشتباكات.

وعلى الرغم من هذه الجهود، فإن مقتل العشرات من المرتزقة السعوديين والإماراتيين في محافظة “أبين” اليمنية، جعل من جديد الخلاف بين الرياض وأبو ظبي في جنوب اليمن  عنواناً رئيسياً في وسائل الإعلام الإقليمية والدولية.

إن أحد الأسباب والعوامل المهمة التي أدت إلى الكشف عن الخلافات القديمة والخفية بين المعتدين السعوديين والإماراتيين في اليمن،  متجذرة في “شمولية” الأسرة السعودية وعلى الرغم من أن السعودية قامت بتشكيل عدوان عسكري على أبناء اليمن الأبرياء العزل بعد تشكيل تحالف ضم أكثر من 17 دولة، إلا أنها ترفض حتى الآن دفع جميع مستحقات شركائها الذين خسروا الكثير من جنودهم ومعداتهم العسكرية في الحرب ضد الشعب اليمني.

ولهذا وفي مقابل مشاركتهم في الحرب على اليمن، يريد الشعب الإماراتيين السيطرة على عدد من محافظات المحور الجنوبي للبلاد. وفي غضون ذلك، طالب المسؤولون الإماراتيون، بصفتهم إحدى الدول النشطة في تحالف العدوان ضد اليمن، مرارًا وتكرارًا بحصتهم في غنائم هذا التحالف الغاشم، لكن السعوديين رفضوا دفع هذه الحصة وهذه القضية أدت إلى تفاقم الخلافات بينهما.

وإضافة إلى ذلك، يبحث السعوديون والإماراتيون عن موارد النفط والغاز في جنوب اليمن وبالتالي، فإن هذا العامل المهم الآخر أدى إلى إتساع رقعة الخلاف بين الرياض وأبو ظبي وذلك لأن كل واحد منهما يريد السيطرة على موارد النفط والغاز الموجودة في المحور الجنوبي لليمن.

وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير أن الإمارات اتبعت خلال السنوات الماضية إستراتيجية واضحة مع العديد من المكونات الهامة منذ بداية دخولها الحرب على اليمن، ومن هذه الاستراتيجيات تتلخص في محاولة السيطرة على المناطق الجنوبية، وخاصة جزيرة سقطرى، بسبب الموقع الاستراتيجي لهذه المناطق، وإطلالها على خليج عدن ومضيق “باب المندب” باعتبارهما نقطتين حساستين ورئيستين في السياسة الجغرافية للمنطقة..

فضلا عن استقطاب الدعم من مختلف الجماعات الجنوبية لإضفاء الشرعية على وجود القوات الإماراتية في تلك المناطق، ثم تدريب وتسليح هذه الجماعات لتحقيق أهدافها في جنوب اليمن.

ولفتت تلك التقارير أن الإمارات كانت تخطط لتواجد مباشر قصير المدى في اليمن، ولتحقيق هذه الغاية، كانت تسعى لتحقيق أهدافها من خلال هذه المجموعات بالوكالة، ومن خلال تدريب ودعم المجموعات المنظمة سابقًا، وإضافة إلى تقليل تكلفة الحرب على أبو ظبي، تركت لنفسها المجال على اتخاذ مجموعة متنوعة من القرارات في إطار خارج قرارات تحالف العدوان.

ومن ضمن الأهداف أيضاً السعي لمنع هجمات قوات “أنصار الله” اليمنية على أراضي الإمارات، ونظراً لضعف الإمارات أمام أي هجوم محتمل واسع النطاق، حاولت صرف نظر اليمنيين عنها من خلال استخدام الطرق السياسية.

وعلى نفس هذا المنوال، ذكرت تلك التقارير أن السعودية سعت إلى تحقيق عدة أهداف منذ بداية هذه الحرب من بينها التذمر من المنافسين الإقليميين للسعودية، ومحاولة تشكيل نظام إقليمي جديد من خلال قمع المجموعات القريبة من محور المقاومة في المنطقة، والاستقرار الفوري للرئيس المستقيل “منصور هادي” كرئيس لليمن في صنعاء، وقمع “أنصار الله” وأبناء الشعب اليمني.

وفي الوقت نفسه، وبسبب سوء فهم حسابات الرياض، لم يفشل السعوديون في تحقيق أي من أهدافهم الأصلية في اليمن فحسب، بل لم يقتربوا منها نهائياً؛ لذلك، فإن حقيقة أن الرياض أعادت النظر في أهدافها الأولية لا تبدو بعيدة المنال ومنطقية نوعاً ما.

وبشكل عام، ما يبدو واضحًا هو أن الرياض،  نظراً للتكلفة العالية والوقت الذي قضته في هذه الحرب والفشل في تحقيق أهدافها الأولية ، قد أدخلت تغييرات على حساباتها ، ومهما كانت هذه الحسابات فإن “منصور هادي” لن يكون من ضمنها، لأنه على الرغم من أن السعودية تواجه مشاكل اقتصادية، إلا أن قرار الرياض بالدفع مقابل إيواء أعضاء الحكومة اليمنية المستقيلة في فنادق الرياض ليس لهذا السبب، ومن الواضح أن الغرض منه هو الضغط على “منصور هادي” للتنحي عن المشهد السياسي اليمني.

وفي سياق متصل، كشفت العديد من المصادر الاخبارية عن وصول السفير الأمريكي لدى اليمن “كريستوفر هنزل”  يوم الاثنين الماضي، إلى محافظة المهرة في زيارة نادرة تعد الأولى لسفير أمريكي الى هذه المحافظة الواقعة شرقي اليمن.

السفير الامريكي الذي وصل الى مطار “الغيضة” قادما من العاصمة السعودية الرياض في زيارته المفاجئة التي لم يعلن عنها، جاءت في وقت تستميت السعودية بالسيطرة على هذه المحافظة اليمنية التي تمنحها منفذاً الى البحر العربي والذي يمثل حلما كبيرا للمملكة.

وقالت تلك المصادر الاخبارية، “أن السفير الامريكي زار القوات الأمريكية المتمركزة في مطار الغيضة الى جانب قوات سعودية وبريطانية”. والتقى السفير الأمريكي، فور وصوله بمحافظ المهرة “محمد علي ياسر”، وعقد مؤتمراً صحفياً في مطار “الغيضة” وتحدث عن مكافحة الإرهاب، وهو ما يشير الى مبررات جديدة للتواجد العسكري الأمريكي في المحافظة الحدودية مع سلطنة عمان.

ولقد اعتبرت حكومة الإنقاذ الوطني في العاصمة صنعاء، أن زيارة السفير الأمريكي “كريستوفر  هنزل” لمحافظة المهرة، تمثل خطوة استفزازية لكل يمني حر وشريف، خاصة أنها جاءت عشية الإحتفال بذكرى الإستقلال ورحيل أخر جندي بريطاني من اليمن.

وقال رئيس حكومة الإنقاذ بصنعاء الدكتور “عبد العزيز بن حبتور”، إن تجول سفير الولايات المتحدة الامريكية في “المهرة” عشية عيد الاستقلال مستفزه لكل يمني حر وشريف.

وأضاف: “إن الخطوة الامريكية تفضح حقيقة التواجد السعودي في المهرة، والذي يمثل  تمهيداً لقدوم “جحافل الأمريكيين”. وإشار “بن حبتور”، أن هذه الزيارة تكشف حقيقة أن التحالف الذي تتصدر السعودية واجهته، ماهو إلا  أداة لتحقيق المصالح الامريكية الصهيونية بالدرجة الأولى في المنطقة.

مشدداً على أن الشعب اليمني لا يمكن ان يقبل بأي حال من الأحوال هذا الاحتلال. وقال، “سنكون عونا في العاصمة صنعاء لكل حر شريف يزعزع الأرض من تحت اقدام المحتل”.

مؤكداً على أن تركيز المشاريع الاحتلالية على محافظتي حضرموت والمهرة يندرج في سياق مشروع صهيوني في المنطقة بدأ يتجلى من خلال وضع المرتكزات الأولى لبناء قاعدة استخباراتية في جزيرتي “سقطرى وميون”.

وأوضح رئيس حكومة “بن حبتور”، أن الدول الخليجية تسعى لتأسيس محور مع الكيان الصهيوني في مواجهة محور المقاومة والممانعة، ولذلك قبلوا باتفاقيات تطبيع مذلة لهم ولشعوبهم.

الجدير بالذكر أن محافظة المهرة تمتلك أطول خط ساحلي في اليمن ولديها معبرين حدوديين وبسبب هذه الأهمية الاستراتيجية بالتحديد،  استُهدفت هذه المحافظة اليمنية من قبل المؤامرات السعودية والأمريكية لعدة مرات خلال السنوات الماضية.

على أي حال، ما يبدو واضحاً هو أنه على الرغم من جهود المملكة العربية السعودية، إلا أن خلافاتها الواسعة النطاق مع الإمارات أصبحت واضحة بشكل متزايد.

وكان السعوديون يأملون بشدة في إنهاء الخلاف الثنائي من خلال ما يسمى بـ”اتفاقية الرياض” الموقعة في 5 نوفمبر 2019 بين السعودية والإمارات، لكن بعد مرور عام تقريبًا على توقيع هذه الاتفاقية، لم تنته الخلافات بين الجانبين فحسب وإنما زادت بشكل كبير خلال الفترة الماضية.

المصدر: موقع الوقت