سر الثروة المدفونة الذي أشعل الحرب على اليمن.. “تقرير“..!

1٬993

أبين اليوم – تقارير

للعام السادس على التوالي، تقود السعودية والى جانبها الإمارات حرباً شرسة ضد اليمن، وفي صدارة الأهداف تدمير البنية التحتية الاقتصادية والسيطرة على موارد البلاد الهائلة والثرية والتحكم في شئون إدارتها وخيراتها أيضا.

على أن الأبعاد العسكرية والسياسية للحرب ليست سوى غطاء للبعد الاقتصادي بقطاعاته المختلفة، وبخاصة القطاع النفطي المحرك الرئيس لعناصر أساسية في فكرة الحرب والحصار على اليمن.

لم تنف الرياض الأنباء التي تحدثت عن تورطها في إتلاف حقل نفطي في قطاع الخشعة بمحافظة حضرموت الأسبوع الماضي، بواسطة شركة أجنبية تعمل لحسابها في القطاع النفطي نفسه.

وشكلت الحادثة سانحة للكشف عن حجم الاستنزاف الذي يتعرض له الإنتاج النفطي في حقول القطاع وفق عمليات سعودية تجري بالتنسيق مع مسؤولين محليين وتستهدف مضاعَفةِ الإيرادات ونهبها بالتقاسم بين الجانب السعودي والمسؤولين المحليين والشركة المشغلة.

ونقلت مواقع خبرية عن مصادر محلية في حضرموت، قولها إن حقول القطاع النفطي رقم (9) في منطقة الخشعة غرب وادي حضرموت تتعرض لنهب مستمر من قبل الجانب السعودي عبر الشركة النفطية “كالفالي” التي تعمل لحسابه في القطاع.

وأشارت المصادر إلى أنه تم “استقدم معداتِ تنقيب ضخمةً تعملُ على تعميق آبار النفط المحفورة لرفع معدل استخراج النفط”؛ بهَدفِ نهب المزيد من الإيرادات. وأكدت العمل حاليا على استكشاف آبار نفطية جديدة في منطقة الخشعة، الأمر الذي من شأنه أن يستنزفَ الموارد النفطية هناك.

وأشارت معلومات خاصة الى أن “أُسطولاً من القاطرات يقوم بنقل الكميات المنتجة من منطقة الخشعة والتي تُقدر بنحو 40 ألف برميل يومياً، إلى مصفاة صافر الواقعة في مأرب، وأن عائدات هذه الكميات يتم تقاسمها بالطريقة التي يقترحها ممثل الجانب السعودي.

ونوهت المعلومات بأن خسارة الاقتصاد اليمني جراء عملية الإتلاف للحقل النفطي، تقدر بنحو 17 مليون دولار، تعد عوائد انتاج وتصدير 100ألف برميل نفط يومياً من هذا الحقل.

وتأتي حكاية إتلاف حقل نفطي واستنزاف حقول أخرى في حضرموت، ضمن سلسلة ممارسات وإجراءات وقرارات، استهدفت الثروة النفطية في اليمن خلال السنوات الماضية، بل ضمن متوالية السعي السعودي الحثيث من أجل أن يبقى مخزون هائل من النفط والغاز في البلد خارج أي محاولة للاستكشاف والتنقيب والإنتاج والتصدير.

ربما قيل كثيراً، أن السعودية كانت مدفوعة في شن الحرب على اليمن، بمخاوف اقتصادية بشأن إمدادات النفط وتسليمه، خاصةً بعدما بات مضيق هرمز ممرًا غير آمنٍ لـ30% من إمدادات النفط عالميًا في ظل تهديدات إيران المتكررة بإغلاقه، ولذا عمدت السعودية إلى موانئ الشحن البديلة وخطوط الأنابيب في اليمن كعنصر حيوي للاستقرار الاقتصادي المستقبلي لنظام آل سعود، لكن هناك سبب آخر متعلق بالنفط اليمني نفسه، فالصحراء اليمنية المقفرة تحمل في باطنها احتياطات كبرى من نفط اليمن والغاز المسال، خاصة منطقة الجوف الشمالية المحاذية للممكلة.

التقرير السري الذي أعدته «الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)» بعد مسحٍ جيولوجي عام 2002، أظهرت نتائجه احتياطًا نفطيًا غير مستخرجٍ في اليمن يصل مبدئيًا إلى 9.8 مليار برميل، وهو ثلاثة أضعاف احتياط نفط اليمن المسجل رسميًا، والتقرير نفسه يؤكد أنّ الأرقام الحقيقة أكبر بكثير، وأنّ الجنوب اليمني فقط يحتوي على إمكانات نفطية تقدر بخمسة مليارات برميل.

لا يهم إن كان ذلك ضمن لعبة الابتزاز ضد السعودية والإمارات، فالرئيس الأمريكي ترامب، قالها صراحة أمام أنصاره في الحملة الانتخابية 2016، ان السعوديين” يلهثون وراء اليمن، وإذا كنتم لا تعرفون السبب الحقيقي لذلك أرجو منكم مغادرة القاعة في الحال؛ لأنكم لستم أذكياء بما يكفي، هل رأيتم حدودهم المشتركة مع اليمن، هل تعلمون ماذا يوجد على الضفة الأخرى؟ النفط، إنهم يسعون خلف ثروة اليمن النفطية، وليس أي شيء آخر..”

ومنذ الثمانينات من القرن الماضي ظهرت مؤشرات السعي السعودي لإحباط مشاريع في اليمن تعتقد بأنها تهدد احتياطاتها النفطية.

ففي عام 1984 أعلنت شركة «هنت أويل» الأمريكية اكتشافًا نفطيًا ضخمًا في محافظتي الجوف ومأرب، وهو ما اعترضت عليه الرياض لتتوقف عمليات التنقيب لأسبابٍ غير معروفة. كما تحدث مسؤولون حكوميون سابقون، في اعقاب انتفاضة 11 فبراير الشعبية السلمية التي مهدت للإطاحة بالنظام السابق في 21سبتمبر 2014، بأنّ السعودية هي التي تقف وراء منع التنقيب عن نفط اليمن.

ولأسباب غير معلومة، بحسب المسؤولين أنفسهم، توقفت عمليات الاستكشاف والتنقيب في محافظات الشمال بداية بالجوف عبر شركة صافر الحكومية، قبل أشهر من شن الحرب على اليمن في مارس 2015. لكن اتفاقية سعودية –يمنية، تم التوقيع عليها عام 2000 تقضي بألا يتم التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما في منطقة تبعد 40 كيلومترًا عن الحدود، إلا بموافقة كلا الجانبين اليمني والسعودي، إضافةً إلى تبادل المعلومات المتعلقة بالثروات النفطية في المناطق الحدودية.

وبتلك الاتفاقية “منعت السعودية اليمن من استغلال النفط الموجود في المساحة المُقدرة بـ 40 كليو مترًا، بالرغم من علم الحكومة المسبق بوجود بحيرة نفطية في تلك المنطقة”.

وقبل أكثر من 30 عاما تم استكشاف القطاع النفطي 18 وأطلق عليه حينها «حوض مأرب والجوف» – يقع الجزء الأكبر منه في الجوف- لكنه تم استخراج النفط من الجزء الواقع في مأرب، استكشافا وإنتاجا وتصديرا، بينما لم يتم استخراج نفط الجوف أو حتى الاستثمار فيه.

والمفاجأة تكمن في الاستكشاف لاحقا للقطاع 19 الخاص بمحافظة الجوف، حيث تبيّن أن “أكثر الموجود هو الغاز وأن هذه المحافظة تربض على بحيرة من الغاز الاحتياطي والاستراتيجي، تشكل نسبته 4 % من احتياطي العالم، وهي نسبة تفوق النسبة التي توجد لدى الدول العربية الأخرى”. وفق ما أوردته وكالة سكاي نيوز الأمريكية.

ولا تزال السعودية تفرض اتفاقيات تمنحها صكوك التصرف في شئون اليمنيين ومواردهم وثرواتهم، وتأتي اتفاقية “إعمار اليمن” تعبيراً إضافيا عن البعد الاقتصادي للعدوان والحصار. كما “تُعطي الرياض صلاحيات كاملة في إدارة موارد الدولة في اليمن، بما في ذلك النفط والغاز والموانئ والمنافذ البرية، وبموجب الاتفاقية تتمكن السعودية من إدارة الملف الاقتصادي لليمن دون الرجوع الى أحد من اليمنيين.

وأظهرت وثيقة مسربة في العام 2019صادرة عن وزارة النفط في حكومة هادي، أنه بموجب الاتفاقية يستحوذ برنامج الاعمار السعودي عن طريق شركة “أرامكو” الوطنية السعودية على قطاعات ما يعرف بـ “المثلث الأسود” النفطية في المناطق الشرقية من اليمن الواقعة على امتداد ثلاث محافظات مأرب والجوف وشبوة، لمدة 40 عاماً.

قبل ذلك تم الكشف عن توجه حكومة هادي بيع أكبر الحقول النفطية اليمنية المتمثل بقطاع 18 التابع لشركة صافر الحكومية في مأرب والجوف، ولن يكون من المستبعد إتمام ذلك أمام حالة الاستلاب والرضوخ للضغوطات السعودية التي يديرها السفير السعودي  والمشرف على الملف الاقتصادي اليمني محمد آل جابر.

البوابة الإخبارية اليمنية