المطبعون.. الأكثر غباءً سياسياً..!

186

أبين اليوم – الأخبار الدولية

يقال ان المطبعين مع الكيان الإسرائيلي اندفعوا بفورة حماسية اججها اليهودي الصهيوني جاريد كوشنر صهر الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب وضمن ما روج إليه من خلال مشروع ما يسمى بـ”صفقة القرن” وعمله الدؤوب في الضغط على حكام دول عربية لجرها للتطبيع المذل مع كيان محتل مغتصب فاقد لكل شرعية قانونية.

الهجمة الأمريكية بقيادة كوشنر لم تقتصر على الحكام العملاء الذين سارعوا للتطبيع بل شمل شريحة واسعة من السياسيين والتجار والاكاديميين وحتى الطلبة الجامعيين الذين اخضعوهم في بعض البلدان كالعراق في ورشات عمل مكثف يديرها ممثلون عن الجانب الاميركي منهم سفراء وقناصلة عملوا على غسل ادمغة شريحة واسعة من الشباب داخل السفارات والقنصليات الأمريكية..

وإرسال البعض منهم الى امريكا لانماء وصقل “مواهبهم” وتوجهاتهم الفكرية البعيدة عن الأخلاق العربية والاسلامية وعبر اغراءات مادية، ومن ثم استدراجهم الى الشوارع للمطالبة بالتغيير الذي لا يجني ريعه سوى أميركا والكيان الاسرائيلي الخادم المخلص لمصالح الدول الاستكبارية وعلى راسها الولايات المتحدة الاميركية.

الحملة الهستيرية الأمريكية للتطبيع هدفت استغلال الوقت للتسريع بعجلة المقبولية الشعبية لوجود المغتصب الاحتلالي لـ”اسرائيل” ولو بالقوة والضغط الممنهج والاكراه، كي تنسى الشعوب التاريخ الدموي المظلم والجرائم التي ارتكبها هذا الكيان اللقيط منذ نشوئه وترعرعه على يد بريطانيا قبل أواخر النصف الأول من القرن الماضي، والتعتيم على مفهوم “ان الكيان الاسرائيلي كيان غير شرعي تمت زراعته في فلسطين في الثلث الأول من القرن الماضي بالقوة ليكون بديلاً عن التواجد العسكري المباشر للمحتلين البريطانيين وفي مرحلة لاحقة الاميركان ما يمكنهم من استنزاف مقدرات دول المنطقة ونهب ثرواتها وكذلك يفعلون”.

التطبيع مخالف لإرادة جميع الشعوب الحرة:

ردود الفعل الشعبية على محاولات التطبيع تتراوح بين التظاهرات والتنديد كما في السودان والمغرب او باستنكار لم يظهر للعلن بعد بفعل القبضات الحديدية التي تنتهجها دول ديكتاتورية لا يهمها مصير الشعوب بقدر اهتمامها بكراسيها وخدمة ومرضاة البريطاني والاميركي والاسرائيلي ظنا منها ان هذا التذلل يطيل من فترة بقاء هؤلاء الحكام على مساند الحكم الدموية التي يتربعون عليها.

ما جرى في السودان مؤخراً ليس إستثناء، فقد جاء في الخبر من العاصمة السودانية  الخرطوم أن المسيرات والوقفات الاحتجاجية الرافضة للتطبيع مع كيان الإحتلال الإسرائيلي والمنددة بإستمرار الحكومة الانتقالية في إجراءات التطبيع دون الرجوع للشعب السوداني، لازالت متواصلة حتى الساعة وقد احرق المحتجون على التطبيع الغاضبون يوم الأربعاء علم كيان الإحتلال في شوارع العاصمة مرددين هتافات تؤكد رفضعم المطلق للتطبيع وموقفهم الثابت تجاهَ القضية الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

المحتجون السودانيون أكدوا رفضهم بصورة قاطعة تدنيس بلدهم برفع العلم الإسرائيلي في سمائه واشاروا لعزمهم مواصلة المسيرات ضد التطبيع وتواصل الوقفات الإحتجاجية التي تزامنت مع الحديث عن محاولة الحكومة الانتقالية تمرير التطبيع مع الكيان عبر زيارات وفوده للخرطوم وتوقيع اتفاقيات سياسية واقتصادية، رغم ان القانون السوداني ما زال يجرم التعامل مع كيان الإحتلال.

وعود معسولة.. حبر على ورق:

لنستذكر قليلاً العناوين التالية التي مرت في الإعلام العربي وتداولها الإعلام الأجنبي وصفق لها اعلام الدول المطبعة.. جاء في احد العناوين ان (ترامب يحتفل بـ”فجر شرق أوسط جديد” بعد توقيع الإمارات والبحرين اتفاق التطبيع مع إسرائيل” وعنوان اخر يقول (أبلغت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكونغرس رسمياً في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بموافقتها على بيع أسلحة متقدمة لدولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة 23 مليار دولار)..

وعنوان ثالث يقول (تشمل الصفقة مقاتلات إف 35 وطائرات مسيرة مسلحة) وعنوان رابع جاء فيه (اتفاق على إقامة علاقات بين السودان وإسرائيل وترامب يرفع الخرطوم من قائمة الإرهاب).

وفي آخر أيام حكومة ترامب يقال ان أبوظبي حصلت على وعد بالحصول على فرصة لشراء الطائرات (50 طائرة مقاتلة من طراز إف 35) في إتفاق جانبي بعدما وافقت على تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” في أغسطس/آب الماضي، ونقول من السذاجة والغباء بمكان الانصياع لوعود معسولة لن ترى النور والتنفيذ ما دامت “ببساطة” لا تصب في ريع كيان الاحتلال الاسرائيلي ولا في ريع الولايات المتحدة..

هل تحققت الوعود؟

الوعود الأمريكية لدول التطبيع والتي طبل لها كوشنر ورئيسه ترامب بتذليل الكثير من العقبات وبذل المزيد من العطاء السياسي والعسكري الاستراتيجي للبلدان المطبعة كلها بقت حبراً على ورق لم تنفذ وبعض الوعود شطب عليها خلفه الرئيس الجديد بايدن (ولو على زعم المراجعة)، وذلك ليس بجديد فهذا هو ديدن السياسة الاميركية، ونكرر.. ساذج كل من يصدق بغبائه السياسي الوعود الاميركية المعسولة.

قال متحدث بإسم وزارة الخارجية الأميركية في السابع والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي، إن إدارة الرئيس جو بايدن فرضت تعليقا مؤقتا على بعض صفقات السلاح لحلفاء الولايات المتحدة لمراجعتها، وذكرت تقارير إعلامية أن هذه الصفقات تشمل صفقة بيع مقاتلات “إف-35” (F-35) للإمارات، وصفقة بيع ذخائر للسعودية.

لماذا السودان؟

كشف الضابط السابق بالمخابرات الحربية المصرية اللواء تامر الشهاوي، أن السودان يرغب في التقارب مع الکیان الإسرائيلي لإنهاء العزلة المفروضة عليه منذ حوالي 30 عاماً، والسؤال هو هل ستنتهي العزلة مع التطبيع؟ والجواب أيضاً سوف يكون حتماً بالنفي لأن الأوراق التي يلعب بها السودان وبقية الدول كمصر مثلاً كلها محترقة لاتجدي نفعاً لها، وتبقى الأوراق الرابحة بيد أمريكا والكيان الإسرائيلي الذي يراهن اليوم على اثيوبيا وسدها الذي يؤرق الساسة في مصر والسودان عاى حد سواء.

يظن القائمون على السياسة في السودان أن التقارب مع الإحتلال وأمريكا قد ينهي الصراع الحدودي مع إثيوبيا ويعيدها إلى المسار التفاوضي العادل بشأن سد النهضة، متناسين بأن “إسرائيل” قد تستغل علاقتها الوطيدة بإثيوبيا في ذلك وكذا بتحقيق أفضل استفادة ممكنة من الأزمة التي خلفتها بشأن السد.

أما ترامب فحاول رهن رقبة السودان وخيراته بالبنك الدولي وقروضه الربوية التي سوف تمتص آخر دولار في بنوك السودان بزعم كسر حالة العزلة له مع المجتمع الدولي، اثر تقديمه عرضاً سخياً للخرطوم وعد فيه بنهاية العقوبات وفتح آفاق جديدة للاستثمار الأجنبى داخل السودان مع إنهاء حالة العزلة السودانية مع المجتمع الدولي والمساعدة في منح الاقتصاد السوداني علاجات سريعة بالتنسيق مع البنك الدولي بشرط تحقيق أجندته السياسية أي رفع شأن “إسرائيل” دبلوماسيا وبالتحديد التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب.

المصدر: العالم