التسويات الخارجية كمكون رئيس في الأزمة اليمنية.. “تقرير“..!

180

أبين اليوم – تقارير

يوماً بعد آخر تبرز رؤى وصيغ مختلفة للحل المقترح للأزمة اليمنية، بعد أن وصلت الشرعية والتحالف الداعم لها، ومن ورائهما المجتمع الدولي والقوى العالمية المساندة للحرب في اليمن بصورة خاصة، إلى ضرورة الإتجاه نحو الحل السلمي.

حيث اقتنعت هذه الأطراف بحقيقة أن الخيار العسكري قد فشل، وبات استمراره مدعاة للمزيد من الفشل المصحوب بخسائر ومخاطر قد تنقلب معها المعادلة بشكل عكسي تماماً لصالح طرف صنعاء الذي تتنامى على نحو لافت قدراته العسكرية والإدارية رغم ما يواجهه من حرب وعزلة مفروضة وقيود على جميع الواردات وإغلاق لجميع المنافذ البرية والبحرية والجوية.

وبالعودة إلى صيغ التسوية المطروحة، فنجد الصيغ تتعدد وكل طرف يتصور صيغة مخالفة للأخرى، غير أن جميعها تشير إلى سقوط الصيغة التي ظل التحالف والشرعية متمسكين بها، والتي تستند إلى القرار الأممي رقم 2216، والمرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجيةـ مخرجات الحوارـ القرار الأممي)، وفيما طرحت صنعاء رؤيتها الشاملة للحل السلمي في يونيو من العام الماضي، كان للأمم المتحدة رؤيتها، المتمثلة بما تسميه الإعلان المشترك، والذي أخفق المبعوث الأممي حتى الآن إقناع أطراف الصراع بالموافقة عليه.

ولعل السؤال المطروح الآن يتمحور مدى تجاوز تلك الصيغ للتسوية، للقرار الأممي والمرجعيات الثلاث، وفي سبيل الإجابة على هذا السؤال، يؤكد السياسيون، أن مجرد تقدم الأمم المتحدة والدول الداعمة والراعية لاتفاق المرجعيات الثلاث بخارطة طريق أو صيغة للتسوية بعيداً عن تلك المرجعيات والقرار الأممي الذي نص عليها، يمثل إعترافاً بسقوط تلك الصيغة، بحكم أن الواقع قد تجاوزها سياسياً وعسكرياً وحتى بمقاييس المجتمعات المحلية اليوم.

وبالنظر إلى ما تسبب به إصرار كل من الشرعية والتحالف على التمسك بصيغة التسوية وفق المرجعيات الثلاث، فإننا نجد أنها كانت منذ البداية سبباِ في الحرب، وما صاحبها من دمار وقتل وتشريد طيلة ست سنوات، وهو الأمر الذي يجعلها جزءاً من المشكلة لا جزءاً من الحل، إضافة إلى أن ست سنوات بطولها، تكون كفيلة بخلق واقع مغاير لما قبلها، حتى لو لم تكن هناك حرب، ناهيك عن أن الحروب تسرع عادة من التغيرات على الواقع، بل وتعمل على خلق واقع مغاير، في سنوات قليلة.

وفيما يؤكد الرؤية القائمة على أن الصيغ المفروضة من الخارج، لم تعد قابلة للتطبيق على الواقع اليوم، في مقال له نشرته صحيفة “نيوز ويك” الأمريكية، قبل أيام، أكد المبعوث الأممي الأسبق إلى اليمن جمال بن عمر، إن الحقل السياسي في اليمن أصبح أكثر تشظياً وتنوعاً من أي وقت مضى..

مضيفاً أنه لتحقيق إجماع بين جميع الأطراف اليمنية المتباينة في المحادثات التي أصبحت ملحة اليوم، لا يمكن للولايات المتحدة أن تتبنى مقاربة قائمة على الإملاءات، بل عليها أن تلعب دور الراعي الميسر وأن تحاول جلب جميع الأطراف إلى الطاولة”.

وعن قرار مجلس الأمن 2216 قال بنعمر “للأسف شكل غطاء للفظاعات التي تلت بعد ذلك، قرار صاغه السعوديون، وحملته بسرعة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى مجلس يفترض أنه معني بضمان الأمن والسلم الدوليين”، حد قوله.

وقال “لقد كان حليفهم الخليجي في حاجة إلى ترضية بعد إبرام الإتفاق النووي مع إيران في غفلة منه، وبدى مقايضةً ديبلوماسية عادلة لهم. غير أن الطرف الغربي في المقايضة كان يعرف كذلك أن مطالبة الحوثيين، المسيطرين على الأرض والمتقدمين ميدانياً، بالاستسلام لحكومة تعيش في منفى فندقي أنيق في الرياض لم يكن أمراً واقعياً أو مقبولاً.

لكن ذلك لم يكن ذا أهمية كبيرة بالنسبة لهم لأنهم كانوا موقنين بأن الروس سيعرقلون القرار”.

ودعا المبعوث الأممي إلى اليمن الأسبق بنعمر واشنطن أن تروج لقرار جديد في مجلس الأمن، يوفر إطاراً مختلفاً لعملية تفاوضية واسعة وشاملة تضمن مقعداً لكل الأطراف اليمنية، بما فيها الفعاليات المدنية التي نأت بنفسها عن الاقتتال”.

وتابع: “لا يمكن كذلك تجاهل طبقة جديدة من أمراء الحرب والمجموعات المسلحة، بما في ذلك الانفصاليين الجنوبيين – الذين ظهروا بعد اندلاع الحرب بدعم وتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة. كما لا يمكن غض الطرف عن المستفيدين من الحرب الذين يجدون مصلحتهم في إطالة أمدها”.

ذلك الطرح من المبعوث الأممي الأسبق إلى اليمن، والذي يعد رغم الدور الذي لعبه في حوار موفنبيك وما بعده، أكثر دراية من غيره من المسئولين الأمميين بتعقيدات الملف اليمني، يمثل اعترافاً من قبل الأمم المتحدة بأن أي تسوية سياسية يراد ضمان نجاحها في إنهاء الصراع الدائر في اليمن، فيجب أن تكون هذه الصيغة بعيدة عن التدخلات والإملاءات الخارجية، ويجب على الأطراف الخارجية أن يكون دورها مقتصراً على حث الأطراف المحلية على الوصول إلى صيغة تضمن حرية واستقلال اليمن وسيادته.

البوابة الإخبارية اليمنية