“تقرير“| في تحوّل استراتيجي خطير.. سوريا من حاضنة للمقاومة إلى قاعدة أمريكية لابتزاز لبنان..!

6٬884

أبين اليوم – تقارير 

في فصل جديد من فصول الحرب التي تقودها الإدارة الأمريكية ضد قوى المقاومة في المنطقة، خرج المبعوث الأمريكي الخاص إلى لبنان “توم باراك” بتصريحات هدد فيها صراحة الدولة اللبنانية بخطر وجودي إذا لم تمتثل للمطالب الإسرائيلية المتمثلة بالتحرك ضد حزب الله، ونزع سلاحه، مستعرضًا قوى إقليمية ستفرض السيطرة على لبنان، ومتحدثًا عن عودة لبنان إلى بلاد الشام.

والملاحظ أن باراك رغم أنه أورد إيران كقوة إقليمية أشار إلى “كيان الاحتلال” وسوريا كقوتين إقليميتين ستؤثران في مصير لبنان، واضعًا إياهما في خانة واحدة، كورقة ضغط في وجه الدولة اللبنانية، ما يؤكد التحول الاستراتيجي الخطير لسوريا بعد وصول أحمد الشرع ”أبو محمد الجولاني” الزعيم السابق لجبهة النصرة، إلى ورقة في يد المشروع الأمريكي “الإسرائيلي” في المنطقة.

رسالة واشنطن عبر دمشق:

تزامنًا مع تهديدات المبعوث الأمريكي أعلنت وزارة الداخلية السورية مزاعم حول القبض على عنصر “مرتبط بحزب الله”، كان يخطط لتفجيرات داخل الأراضي السورية. الإعلان، بتوقيته الحساس، يفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات حول طبيعة الرسالة التي أرادت حكومة الجولاني إيصالها، أو بالأحرى التي أرادت واشنطن إيصالها من خلال دمشق الجديدة.

فهل ثمة صدفة أن يُربط حزب الله بالإرهاب في الإعلام الرسمي السوري بعد يوم واحد فقط من تهديدات باراك؟ أم أن الأمر جزء من سيناريو متكامل، تسعى فيه الولايات المتحدة لاستخدام الورقة السورية الجديدة لابتزاز الحكومة اللبنانية، وتضييق الخناق على الحزب ومحاصرته؟ وهل تحاول واشنطن بذلك إيصال رسالة جدية للبنان أن “التهديد السوري” قد يكون هذه المرة حقيقيًا وليس ورقة إعلامية فقط؟

استعداد سوريا:

بالتأكيد أن إعلان الداخلية السورية يكشف عن إشارة من النظام السوري الجديد باستعداده لتنفيذ المطلب الأمريكي، والتحرك ضد لبنان والتصعيد ضد حزب الله، فيما إذا أرادت واشنطن ذلك، وهو ما يعزز من فرضية تحويل التهديدات الامريكية الى واقع.

فمنذ وصول الشرع إلى قمة الحكم، بدأ النظام السوري الجديد يُظهر إشارات متزايدة على استعداده للانخراط في مسار “التطبيع”، سواء مع الولايات المتحدة أو حتى مع “إسرائيل ” وإستعداده للإنخراط في المشروع الأمريكي “الاسرائيلي” في المنطقة، وأن يكون أداة وظيفية بيد واشنطن لتحقيق مشروع “تغيير خارطة الشرق الأوسط”.

بلاد الشام في ثاموس “باراك توم”! 

لطالما كان مصطلح “بلاد الشام” مصطلحًا جغرافيًا وحضاريًا يعبّر عن الامتداد الطبيعي بين سوريا ولبنان، لكن ما الذي يدفع توم باراك إلى استحضاره اليوم؟

ولعلنا نجد الجواب في السياسة لا في الجغرافيا: فإعادة لبنان إلى بلاد الشام، في قاموس باراك، تعني إعادة لبنان إلى سلطة مركزية إقليمية تسيطر عليها واشنطن وتخضع لإرادتها، وهذه “السلطة” لن تكون سوى النظام السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع، الذي أثبت خلال الأشهر الماضية استعداده لتقديم أوراق اعتماده للبيت الأبيض و”تل أبيب” عبر سلسلة من الخطوات العلنية والسرية.

وبالتأكيد فان خطوة إعادة لبنان إلى ما يسمى بلاد الشام التي تحدث عنها المبعوث الأمريكي تعني تسليمها لـ “إسرائيل “عبر بوابة سوريا التي أصبحت مع حكم الشرع  أداة من أدوات تنفيذ المشروع الأمريكي “الإسرائيلي” في المنطقة.

لماذا سوريا؟

تدرك واشنطن أن توجيه ضربة مباشرة من “إسرائيل” إلى الحزب قد يكون مكلفًا، وقد يجر المنطقة إلى حرب كبرى، خاصة أن الحزب لا يزال يمتلك القدرة الكافية والحاضنة الشعبية التي تمكنه من التصدي لأي عدوان وتكبيد الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة، فضلًا عن إيران كقوة إقليمية داعمة للحزب لا تزال تنتظر فرصة لتصفية حسابها مع الاحتلال من حرب الـ 12 يومًا، خاصة بعد كشف وكالة أنباء فارس اليوم الأحد معلومات استخباراتية ورسمية عن محاولة تل أبيب اغتيال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ورؤساء السلطات التنفيذية والتشريعية وآخرين؛ لهذا فإن دفع النظام السوري إلى حرب ضد لبنان وحزب الله هو أفضل الخيارات غير المكلفة.

التصريحات الأمريكية الأخيرة، وعلى رأسها تهديدات توم باراك التي ألمح فيها إلى إمكانية فرض “سيطرة إقليمية” على لبنان، تكشف نوايا واضحة أن واشنطن تريد فتح جبهة جديدة على المقاومة من الشرق، وليس من الجنوب فقط ، والأنسب للعب هذا الدور هو النظام السوري الحالي الذي أعيد ترتيب أوراقه بالكامل، ليؤدي وظيفته في خدمة المشروع الغربي الصهيوني في المنطقة، إلى جانب أدوات أمريكا في الإقليم، وفي مقدمتها السعودية التي تلعب دورًا كبيرًا في إعادة رسم التوازنات في المنطقة. بهدف تعزيز الهيمنة الأمريكية، وإتاحة الفرصة أمام “إسرائيل ” لتنفيذ مشروعها الكبير الذي يستهدف حتى نجد والحجاز.

ضغط متعدد الجبهات:

تصريحات “توم باراك”  ليست مجرد “تحذير دبلوماسي”، بل هي إعلان واضح لاستراتيجية خنق تدريجية لحزب الله عن طريق أصوات وأدوات عربية، وفي مقدمتها سوريا التي تحولت من حليف للمقاومة في عهد نظام الأسد القومي إلى عدو بعد وصول الجماعات التكفيرية المسلحة إلى الحكم في سوريا بقيادة “أحمد الشرع” المدعوم أمريكيًا والمبارك إسرائيليًا.

الحقيقة أن ما يجري اليوم في دمشق هو انقلاب استراتيجي كامل على عقيدة سوريا التي دعمت المقاومة لعقود، فالشرع يحول سوريا إلى قاعدة أمريكية “إسرائيلية” متقدمة، جاهزة لتصفية الحساب مع حزب الله ومحور المقاومة، وحتى مع الفصائل الفلسطينية ذاتها، نيابة عن الاحتلال.

ورغم ضخامة المؤامرة وتعقيد أدواتها، إلا أن لبنان ليس ساحة مفتوحة، فبين حاضنة شعبية صلبة، ودولة تتفهم دور المقاومة خاصة السلطة التشريعية في البرلمان، وحلف إقليمي متماسك، لن تنجح محاولات تفجير الداخل اللبناني أو إشعال حرب بالوكالة، حتى إن بدى الصمت في أوساط رئاسة الحكومة والدولة سيد المشهد.

كما أن حزب الله وبقية حركات المقاومة في لبنان، لن يسمحوا بتحويل لبنان إلى ساحة حرب بالوكالة تذهب به ومقاومته، فلبنان الذي هزم “إسرائيل” في أكثر من جولة سابقة سيفشل أدواتها الجديدة، مهما غيّرت أوجهها أو لغتها، ولعل التزام المقاومة بالاتفاق الذي يخرقه الإسرائيلي باستمرار لن يطول، خاصة أن الضغط يولد الانفجار، وإذا انفجرت المقاومة فثمة تحالفات وأدوات سيتم جرفها.

المصدر: وكالة الصحافة اليمنية

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com