نظرية تقليص الصراع التي أطلقها بينت ظروفها وآفاقها..!

3٬780

أبين اليوم – أخبار دولية

يبدو أن نفتالي بينت رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي والذي ينتمي للصهيونية الدينية ليس مقتنعاً تماماً بفكرة الترانسفير التي رفعها عدد من قادة هذا التيار القدامى والذين كانوا يرون بأن بقاء الفلسطينيين في أرض فلسطين التاريخية هو خطيئة كبيرة للمستقبل.

بينت اعتمد مصطلح “تقليص الصراع” ويعمل اليوم على تطبيقه على الأرض والمصطلح أساساً هو إختراع لكاتب إسرائيلي يدعى ميخا جودمان وهو بات مرجعاً ومستشاراً لرئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية، جودمان في كتابه (مصيدة ٦٧) يرى أن الضفة الغربية تعتبر مصيدة للكيان الإسرائيلي والخروج من المصيدة لن يتم الا بتقليص الصراع مع الفلسطينيين عبر تقديم خيارين لهم إما القبول بما سيقدم لهم من فتات وتسهيلات إقتصادية وحياتية وإما أن يختاروا الصراع المباشر وساعتها سيتم سحقهم بقوة عسكرية.

هم يدركون أنهم غير قادرين في هذه المرحلة على مواجهتها بما بين أيديهم، وتقليص الصراع بالمفهوم الإسرائيلي يعيدنا إلى نظرية التسوية الاقتصادية التي طرحها نتنياهو في مؤتمر هرتسيليا في العام الأول لوصوله الى سدة الحكم في العام 2009 حين قال بأن على الفلسطنيين أن يغادروا احلامهم بإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وأن ينظروا لمستقبل أبنائهم من خلال التغييرات التي ستطرأ على حياتهم فيما لو حصلوا على تسهيلات إقتصادية وإستثمارات غير محدودة وفرص عمل بالجملة..

بينت المقتنع بتقليص الصراع قد يكون إعتمد أيضاً على حليفه يائير لبيد الذي يرى بأن المواجهة ليست مضمونة النتائج وقد تؤدي الى سقوط حكومته التي يأمل بأن يرأسها في الأعوام التالية.

تقليص الصراع يعني فيما يعنيه أن تتحول السلطة الفلسطينية أولاً إلى أداة منفذة للفكرة الإسرائيلية سواء من خلال تنفيذ الأجندة الأمنية وأن تقبل بأن تكون سلطة خدمات فقط لا أكثر ولا أقل ومقابل ذلك يستمر دعمها من الحكومة الإسرائيلية والسماح بتدفق الدعم الخارجي لها. ثانيا أما الفلسطينييون فسيتم منحهم التسهيلات المعتادة بمزيد من فتح ابواب العمل في المناطق المحتلة عام 1948م وتحويل هؤلاء العمال إلى قوة ضغط على المجتمع الفلسطيني لعدم الإنتقال إلى المواجهة كي لا يخسر اكثر من ربع مليون عامل يشكلون ركنا اساسياً في اقتصاده..

طبعاً دون التغاضي عن الكثير من التفاصيل الأخرى التي ستجعل الفلسطيني يضع رأسه في الرمال ويتحول إلى حالة مستهلك وأن يتناسى ما يدور حوله من تهويد للقدس وقضم للضفة الغربية عبر الاستيطان.

لكن كل هذه النظرية قد تنهار في لحظة وتتغير النتائج التي يريدها بينت ولبيد ولو عدنا الى العام 2000 وما قبله فإن الفلسطينيين عاشوا رخاء اقتصادياً لخمسة أعوام نتيجة تدفق المعونات والمساعدات ورغم ذلك في لحظة انتهى كل شيء واشتعلت الأمور في الضفة الغربية وانتقلت الى قطاع غزة لتشتعل الانتفاضة الثانية وكان السبب يومها انسداد الأفق السياسي وغياب الحل العادل وشعور الفلسطيني بأن ما على الأرض ينهب بقرارات سياسية إسرائيلية جعله يتناسى الرخاء ويعود للمواجهة المباشرة وهذا ما قد يحدث في أي لحظة في ظل الملفات المتفجرة في الأراضي الفلسطينية وها أكثرها.

 

المصدر – العالم