هل ساهمت “الأموال الخليجيّة” بإنقاذ أردوغان من لقب “الرئيس السّابق” وألا يجري استغلال “الاحتلال التركي” لسورية في سِياقات “انتخابيّة أردوغانيّة”؟.. ماذا يعني إقبال أكبر بجولة الإعادة وشباب يميلون فيها أكثر لكليتشدار أوغلو؟.. ترحيل اللاجئين ثم الاقتصاد ثانياً ومن المساجد دعوات لحمل السّلاح..!

5٬797

أبين اليوم – مقالات وتحليلات

بقلم/ خالد الجيوسي:

يُجَدّد الرئيس التركي المُرشّح الرئاسي رجب طيّب أردوغان، ثقته بالفوز، وهو على بُعد يوم واحد من توجّه الناخبين الأتراك للصناديق، حيث أمامه جولة ثانية نهائيّة، ستحسم فوزه رئيساً، من عدمه، وهو يثق بذلك فيما يبدو بفوزه، حين يُؤكّد بأن قادة دول خليجيّة ستأتي بعد انتخابات يوم الأحد 28 أيّار/ مايو، لزيارة تركيا، وسيُعبّر الرئيس لهم عن امتنانه.

هذه الدول الخليجيّة التي لم يذكر أردوغان اسمها، يبدو أنها تُريد للأخير الفوز، فالرئيس المُرشّح أعلن أن دولاً خليجيّة، في الآونة الأخيرة أرسلت تمويلاً إلى تركيا مما ساعد لفترة وجيزة في تخفيف الأعباء عن كاهل البنك المركزي التركي، والأسواق، ولذلك يمتن أردوغان لتلك الدول، التي سيزورها، وتزوره.

الأموال الخليجيّة إذًا فيما يبدو، ساهمت بشكل أو بآخر بدعم أردوغان ضد مُنافسه كمال كليتشدار أوغلو، ما يعني أن هذا التمويل دعم أردوغان، وليس أن الاقتصاد كان آخر هموم الناخب التركي، وكان همّه التصويت لأردوغان، فالاستقرار كان العامل الأساسي في تقدّم أردوغان، على مُنافسه المُعارض كليتشدار أوغلو، والذي يبدو (كليتشدار) أنه عدّل في برنامجه الانتخابي في الجولة الثانية، لتتركّز بالأكثر على اللاجئين السوريين من ثم الاقتصاد، والوعود الفوريّة بالترحيل لهم.

فيما يتمسّك أردوغان في المُقابل بلغة أكثر إنسانيّة بترحيل طوعي، عبر افتتاح مشاريع سكنيّة لهم في الشمال السوري أي في بلادهم التي “يحتلّها”، ما يعني استمرار “الاحتلال التركي” للأراضي السوريّة وفق الأدبيّات السوريّة حال فوز أردوغان الذي جدّد رفض انسحاب الجيش التركي من سوريا بحُجّة أمن بلاده، ثم يأمل بلقاء الرئيس السوري، واستغلال ذلك في سياقات انتخابيّة وإنسانيّة، فيما يعد تحالف الأمّة المُعارض بتطبيع العلاقات مع بعض الدول التي من بينها حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، وترحيل اللاجئين الفوري.

الانطباع العام في تركيا، يُشير إلى أن حسم الجولة الثانية بات أقرب للرئيس أردوغان، وهو انطباع صحيح إذا ما أخذ معه نجاح الأخير في إقناع المرشح الثالث الخاسر في الجولة الأولى سنان أوغان، بدعم وتوجيه ناخبيه للتصويت لأردوغان ضمن صفقة ما، لكن تحالف سنان أوغان مع حزب “الظفر” انفرط عقده بإعلان رئيسه أوميت أوزداغ دعم كمال كليتشدار أوغلو، ما يعني حتميّة انقسام (5 بالمئة) من الأصوات بين أحد المُرشّحين، وهي الأصوات التي حصدها سنان أوغان ضمن تحالف الأجداد (مع حزب الظفر) في الجولة الأولى ما وضعه في مكانة صانع المُلوك.

كمال كليتشدار أوغلو حصل في الجولة الأولى على قرابة 45 بالمئة من الأصوات، ورغم كون أردوغان (49.52) أقرب للحسم، إلا أنه (كليتشدار) لا يزال يستطيع التعويل على الأصوات الحياديّة 12 مليون ناخب، هؤلاء يُمكن أن يُغريهم وعود المُعارضة بترحيل اللاجئين السوريين الفوري، إلى جانب تجديد حزب الشعوب الديمقراطيّة الكردي، دعمه لكمال كليتشدار أوغلو في انتخابات الإعادة.

وبالرغم أن الحديث يجري عن إقبال أقل في الجولة الثانية عادةً أو جولة الإعادة، يبدو لافتاً أن الإقبال كان كبيرًا من الأتراك على التصويت في الخارج الذي انتهى اليوم، وهو ما أكّدته صحيفة “الغارديان” البريطانيّة، والتي أشارت بأن الأكبر سنّاً يميلون للتصويت لأردوغان، والشباب يميلون لكمال كليتشدار أوغلو، هؤلاء الشباب فئة كبيرة تُريد التغيير، لا الاستقرار، وهم عامل أساسي في حسم فوز كليتشدار أوغلو، وهذا الإقبال يُمكن أن يخلق مُفاجآت، وتحديدًا عند الراغبين بالتخلّص من أردغان، ومع انحسار المُنافسة بينه، وبين زعيم حزب الشعب الجمهوري المُعارض كمال كليتشدار أوغلو.

ويبدو أن الجولة الثانية والتصويت التي يبدأ فيها غداً الأحد، ستشهد إقبالاً أكبر، فأنصار الرئيس أردوغان يعتقدون بأنه يحتاج نسبة بسيطة للفوز، فيما يرى أنصار كمال كليتشدار أوغلو، بأن الأخير فاق التوقّعات بنسبة التصويت بالجولة الأولى، وهذا يُمكن أن يدفع نسبة أكبر من الأتراك لدعمه لإسقاط النظام الرئاسي، والعودة للبرلماني كما تعد المُعارضة.

الجانب الاقتصادي، وإن كانت المُعارضة التركيّة جعلته أولويّة ثانية في برنامجها الانتخابي وقدّمت ترحيل اللاجئين، لم يغب هذا الجانب تماماً عن مشهد الحملات الانتخابيّة في الجولة الثانية جولة الإعادة، حيث عزّز أردوغان افتتاح مشاريعه، ووعد المرشح الرئاسي كمال كليتشدار أوغلو من خلال إرسال رسائل نصيّة للمواطنين، وعدهم فيها بحل مُشكلة ديون البطاقات الائتمانية للمواطنين وأن الدولة ستتكفّل في سداد ديون البطاقات في حال قدومه إلى السلطة، الأمر الذي أقلق الحزب الحاكم، ودفع حمزة داغ، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى تحذير الأتراك من الانجرار وراء ما وصفها بحيل المُعارضة.

وجدّد الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان من جهته، دعوته للشعب التركي بعدم التراخي، والذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد المُقبل، لإكمال نقصان الجولة الأولى.

وانتشرت مقاطع فيديو، ظهر فيها أئمة مساجد يُحرّضون على حمل السلاح حال فوز كمال كليتشدار أوغلو، الأمر الذي دفع أحمد داوود أوغلو زعيم حزب المُستقبل أحد زعماء الطاولة السداسيّة للمُعارضة إلى استنكار تلك الدعوات، والتحذير من تحريض مواطن على مواطن مثله، وخطرها على السلم الاجتماعي، وكان قد استخدم ذات اللغة التحريضيّة حليف أردوغان في الحركة القوميّة (تحالف الجمهور)، حين هدّد قادة المُعارضة بالاعتقال، وتلقّي الرصاص في ضمائرهم في الجولة الأولى من الانتخابات التي انتهت بعدم حسم الفائز بالرئاسة يوم 14 أيّار/ مايو.

بكُل حال، مُجمل الاستطلاعات تُشير إلى تقدّم الرئيس أردوغان في جولة الإعادة، تماماً كما أشارت ذاتها إلى خسارة أردوغان في الجولة الأولى وفاز دون أن يتعدّى عتبة 50 بالمئة، فهل يكون الواقع أيضاً مُخالفاً للاستطلاعات، والتوقّعات للجولة الثانية، ويفوز “السبعيني” كمال كليتشدار أوغلو بمُفاجئةٍ مُدوّية، ويحصل أخيرًا على لقب “الرئيس الثالث عشر” لتركيا، كون خسارتهم تعني مصيرًا مجهولاً، فأردوغان تنبّأ لهم بالتشتّت والضياع وكتب لهم النهاية حال فوزه؟!

المصدر: رأي اليوم