“مقالات“| رداً على الدكتور عبدالخالق عبدالله: “فلسطين لا تُحرر بالأوهام ولا تُسلّم بالخنوع“..!

4٬895

أبين اليوم – خاص 

في تغريدةٍ تحمل الكثير من التهوين والتبرير والهزيمة، كتب الدكتور عبدالخالق عبدالله جملة اختزل فيها مأساة فلسطين ومعاناة أهلها، قائلًا:

“التطبيع لم يجلب السلام، والمقاومة لم تحرر فلسطين، والمقاطعة لم تضعف إسرائيل، والحروب لم تهزم جيشها، والانقسام أساء للقضية، والرهان على قوى السلام في إسرائيل خاسر. فما العمل؟”

كأن الدكتور يفتح أبواب الاستسلام، ويغلق كل نوافذ الأمل والمواجهة، ليصل إلى نتيجة مفادها: لا جدوى، لا فائدة، فلنستسلم.

لكننا نقول: الانهزام ليس في الأدوات، بل في العقول التي استسلمت للمهانة.

أولًا: التطبيع لم يجلب السلام المزعوم، بل جرّ الخزي والابتزاز.

من هرولوا نحو العدو الصهيوني طمعًا في “سلام دافئ”، لم يحصدوا إلا إذلالًا سياسيًا، واستنزافًا اقتصاديًا، وامتهانًا لكرامتهم على يد منظومة عنصرية لا ترى في العرب إلا أداة.

ثانيًا: المقاومة ليست عبثًا، بل شرف الأمة وسلاحها الحي.

المقاومة ليست مسؤولة عن عدم التحرير الكامل حتى اللحظة، لكنها السبب في بقاء فلسطين في الوجدان، وفي دفع العدو للصراخ ليل نهار، وإعادة حساباته في كل معركة. ولولا المقاومة، لكان العدو اليوم في عمق العواصم العربية يفرض شروطه كما يشاء.

ثالثًا: الحروب لم تهزم إسرائيل تقليديًا، لكنّها كسرت سطوتها.

منذ عقود وحتى اليوم، لم تنجح إسرائيل في تحقيق أي نصرٍ عسكري حاسم، وخرجت من حروبها مكسورة معنويا وأخلاقيًا. صواريخ غزة صنعت توازن ردع، وصورة “الجيش الذي لا يُقهر” سقطت تحت أقدام أطفال وشبان محاصرين.

رابعًا: المقاطعة الاقتصادية والثقافية كسرت الغلاف الزجاجي لهذا الكيان.

ليست المقاطعة رفاهًا نخبويًا، بل فعلٌ شعبي عالمي، له تأثير مباشر على الشركات الداعمة للكيان، وعلى صورة إسرائيل في العالم. حملات المقاطعة أخافت تل أبيب أكثر من الجيوش الورقية، وإلا لما حاربتها بكل الوسائل القانونية والسياسية في الغرب.

خامسًا: “الانقسام الفلسطيني” الذي تتحدث عنه، ليس انقسامًا سياسيًا بل أخلاقيًا.

الحق أن هناك فسطاطين: فسطاط مقاوم اختار المواجهة، وفسطاط عميل اختار التنسيق الأمني والانحناء، ومن العار أن نضع الطرفين في سلة واحدة.

وأخيرًا، الرهان على “قوى السلام” في إسرائيل هو الوهم بعينه.

إسرائيل دولة قامت على الإبادة والطرد والسرقة، ونظامها السياسي متشبع بالصهيونية من أقصى اليمين إلى ما يسمى “اليسار”. فلا تبيعونا خرافة أن هناك في كيان الاحتلال من يريد السلام العادل، فهذا كذب على الذات قبل الآخرين.

فما العمل؟

العمل يبدأ بكسر الهزيمة في خطاب النخبة، واستعادة الثقة بقدرة الأمة على المواجهة.
العمل يبدأ بإسناد المقاومة بالمال والسلاح والدعم السياسي، وليس بمحاصرتها وتشويهها.
العمل يكون في تحشيد الشعوب، ووقف التطبيع، وتعزيز المقاطعة، وإعلان النفير العملي لا العاطفي.

فنحن لا نتعامل مع “كيان مشاغب”، بل مع عدو غاصب يجب أن يُقاوم لا أن يُهادن. ومن مات على طريق المقاومة، مات شريفًا حرًا.
أما من يعيش في ظل العدو، مبررًا عجزه وتخاذله، فذلك موتٌ مؤجلٌ، لكنّه أبشع.

بقلم/ سالم عوض الربيزي

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com