“تقرير“| هل يتحقق نظام عالمي متعدد الأقطاب..!
أبين اليوم – تقارير
تقرير/ عامر محمد الفايق:
في ظل التحولات الجيوسياسية العميقة التي يشهدها النظام الدولي، بات واضحاً أن العالم يتجه – نظرياً – نحو نظام متعدد الأقطاب، تتقاسم فيه عدة قوى كبرى مسؤوليات التأثير والقرار. إلا أن الوقائع على الأرض تكشف عن تقاعس واضح، لا سيما من قِبل القوى المرشحة للموازنة مع الهيمنة الأمريكية، وعلى رأسها روسيا، الصين، والاتحاد الأوروبي.
– القطبان الروسي والصيني: شراكة استراتيجية بلا قيادة عالمية:
منذ أكثر من عقد، تعلن موسكو وبكين مراراً وتكراراً عزمهما على كسر الأحادية القطبية التي فرضتها واشنطن منذ نهاية الحرب الباردة. رغم ذلك، تبقى خطواتهما خجولة ومتأخرة. روسيا، المنغمسة في صراعات عسكرية مزمنة (آخرها حرب أوكرانيا)، تبدو أكثر اهتماماً بالصراع المباشر مع الغرب منها ببناء نظام عالمي متوازن.
أما الصين، التي تملك إمكانات اقتصادية وتقنية جبارة، فتتحرك بحذر مفرط، وتحاول تفادي الصدام المباشر مع الولايات المتحدة. تركيزها الأساسي لا يزال منصباً على الداخل وتحقيق “الحلم الصيني”، وليس على قيادة إصلاح حقيقي في النظام الدولي.
– الاتحاد الأوروبي: لاعب اقتصادي عاجز سياسياً:
رغم القوة الاقتصادية الهائلة للاتحاد الأوروبي، فإنه يظل تابعاً استراتيجياً للولايات المتحدة. مواقفه في الأزمات الدولية – من أوكرانيا إلى غزة – توضح افتقاده للاستقلالية السياسية.
حتى محاولات باريس وبرلين للحديث عن “استقلال استراتيجي” تصطدم بتبعيتهم لحلف الناتو وهيمنة واشنطن على القرار العسكري والأمني.
– نتائج التقاعس: استمرار الهيمنة الأمريكية وغياب العدالة الدولية وعدم وجود تحركات ملموسة:
هذا التقاعس الجماعي أتاح للولايات المتحدة الاستمرار في فرض إرادتها الدولية، سواء عبر العقوبات الاقتصادية، أو التدخلات العسكرية، أو توظيف المنظمات الدولية في خدمتها. وبغياب قوى فعالة تقود مشروعاً حقيقياً لتعددية الأقطاب، تظل الشعوب الواقعة خارج محور الغرب تدفع ثمن هذا الخلل الهيكلي في النظام العالمي.
كما يرى خبراء سياسيون ومراقبون ومحللون دوليون أن “الانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب لا يكون فقط بتقويض الهيمنة الأمريكية، بل يتطلب بناء بدائل ملموسة: مواجهة سياسية وتمثيل دبلوماسي ودعم اقتصادي والبدء بالاستثمار وتحمل المسئولية الاقتصادية، بناء مؤسسات، وتحالفات، وأدوات ردع حقيقية.
ما نراه اليوم من روسيا والصين هو مقاومة أكثر من كونه مشروعا متكاملا لبناء نظام بديل. أما أوروبا، فهي تعيش أزمة هوية بين الاستقلال والشراكة الغربية.”
– الحاجة للانتقال من الأقوال إلى الأفعال:
إن بناء عالم متعدد الأقطاب ليس مجرد شعار دعائي، بل مسؤولية سياسية واقتصادية وثقافية تحتاج إلى تحرك منسق وشجاع من القوى الدولية الكبرى. إذا لم تخرج روسيا والصين وأوروبا من دائرة التصريحات والأقوال إلى دائرة الأفعال، فإن النظام الأحادي القطبية سيستمر ويبقى سيد الموقف، وسيظل ملايين البشر يدفعون ثمن هذا الخلل البنيوي ومعه ستستمر الأزمات وعدم الاستقرار في العالم.
المصدر: وكالة الصحافة اليمنية