سونيتات اليمن الثلاث سعدي يوسف

280

 ألهذا، سأحملُ جَنْبيّةَ اليمنِ، الدّهرَ، حتى أعودْ.. إلى جبلٍ، فيه ألقى النسورَ، التي هيَ حِمْيَرُ، والوالدةْ؟

ألهذا تسلّلْتُ، عَبْرَ الحدودْ.. لأُلقي السلامَ على الهضْبةِ الصامدةْ؟

(1) حضرموت

لو لم يكُنْ في حضرمَوتَ، مُكَلَّأٌ، لَظللْتُ كالأعمَى

إني أسيرُ البحرِ، أمضي بين مُضطَرَبٍ وأمواجِ

أنا لستُ في الوادي الذي صارتْ خُرافةُ مائهِ سُمّا

سأبيتُ عندَ شِبامَ، حيثُ الطينُ أبْراجي…

*

لكنني سأعودُ: لي في حَضرموتَ، ممالكُ

سوقُ النساءِ، ومَنْشَفُ التّبْغِ الـمُـمَـسّكُ، والغِناءُ

أنا لن أقولَ بأنني في حُبِّ عبْلةَ هالِكُ

إنّ الـمُكلاّ بيتُ جَدِّي، والقوافلُ، والحِداءُ

*

لم يبْقَ للسلطانِ قَصرٌ. صارَ مُرتبَعَ “الطّلائعْ ”

كانوا أرَقَّ… كأنّ قِشْرَ الخيزُرانِ قوامُهُم

لكنهم يمشون تحت الرايةِ الحمراءِ، مثلَ بناتِ “يافِعْ ”

يا مرحباً، هي حضرموتُ، سِباخُهُمْ، وشِبامُهُم

*

مَنْ قال إن القومَ في عدَنٍ سكارى؟

في حضرموتَ، اليومَ، لن يأتي النصارى …

لندن 20.03.2018

(2) “جَنْبيّةُ” القُضاة

لستُ أدري: تفضّلَ عبدُ العزيز المَقالِحُ، يوماً علَيّ، بجَنْبيّةٍ للقُضاةْ!

هو يَعْلَمُ أني ارتقيتُ “النّقيلْ”

لأبلُغَ صنعاءَ، من عدَنٍ… هو يعرفُ أنّ الحُفاةْ

أسْرَعُ مَن يَبْلُغُ المستحيلْ.

*

ألهذا، سأحملُ جَنْبيّةَ اليمنِ، الدّهرَ، حتى أعودْ

إلى جبلٍ، فيه ألقى النسورَ، التي هيَ حِمْيَرُ، والوالدةْ؟

ألهذا تسلّلْتُ، عَبْرَ الحدودْ ل

أُلقي السلامَ على الهضْبةِ الصامدةْ؟

*

هي، جَنْبيّةٌ للقُضاةِ، ولكنّها، الآنَ، جنبي

هي، عبد العزيز المقالحُ، صنعاءُ، واليمنُ الأوّلُ

هي ذَرْقُ النسورِ التي حملَتْ إمرأَ القيسِ والمتنبي

هيَ أشرفُ ما نحملُ!

*

فلْأقُل لِمرابِعِ حَجّةَ: أنتِ البدايةْ

والبدايةُ ليس لها مِنْ نهايةْ!

لندن 20.03.2018

(3) شاطيء رامبو Rimbaud Beach

لا يَبْعُدُ “شاطيءُ رامبو” إلاّ مِيْلاً عن “خرطوم الفيلْ”

حيث تعومُ دلافينٌ ضاحكةٌ، وتَحومُ نساءٌ روسيّاتْ

حيثُ سبيلُ “الجولْد مور”، وحيثُ “البِيرةُ” كالماءِ تسيلْ

حيثُ البحّارةُ غرقى بين الحوريّاتْ

*

قد كنتُ هناكَ، أُراقِبُ في السِّرِّ، فناراً أعمى

وأُتابِعُ كيفَ تميلُ، مع الموجةِ، أعشابُ البحرْ

كانت “عَدَنٌ” تحملُ، في جبهتِها، نجما

وتجاهدُ، كي ترفعَ عن صدْرِ العرَبِ المقهورينَ، الصّخرْ

*

هل “شاطئُ رامبو” ما زال هناك، مديدا

يتلألأُ في الشمسِ الغاربةِ الحمراءْ؟

مثلَ فنارٍ يتباهى، حُرّاً، وفريدا؟

هل تسبحُ في البحرِ السَّاجي، بِضْعُ نساءْ؟

* ذهبَتْ عدَنٌ، وذهَبْنا…

فلْنتساءلَ: هل كُنّا؟

21.03.2018 لندن