شهيدا المنبر في اليمن وسوريا..! 

881

بقلم / عـبدالله علي صبري 

سفير اليمني في دمشق

في مثل هذه الأيام من العام 2013 ودّعت سوريا أحد أبرز علمائها المعتدلين الشهيد الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، الذي اغتيل في تفجير إرهابيّ وهو على منبره في مسجد الإيمان في العاصمة العروبية دمشق.

وفي مثل هذه الأيام وبعد عامين فقط، ودّعت اليمن أحد أبرز علمائها المعتدلين الشهيد الدكتور المرتضى بن زيد المحطوري، الذي اغتيل هو الآخر في تفجير إرهابي مماثل، وهو على منبر جامع بدر خطيباً بالمصلين في يوم الجمعة.

وكما كانت العملية الإرهابية في مسجدي بدر والحشحوش في العاصمة صنعاء تدشيناً للعدوان السعودي الأميركي على اليمن في 26 آذار/ مارس 2015، فقد كانت عملية اغتيال الدكتور البوطي حلقة مهمة في سلسلة الاستهداف والحرب الكونية التي تعرّضت لها سورية، دولة وشعباً وفكراً مستنيراً.

وهكذا شاءت الأقدار أن تتسع دائرة المشترك بين الشعبين الشقيقين في اليمن وسوريا، فعلاوة على الماضي والتاريخ العريق لكلا البلدين، فإنّ العشرية الأخيرة التي خيّمت على الدولتين قد رسمت خريطة مشتركة من الألم والمعاناة الممهورة بالدم والتضحيات، والموشّاة بالصبر والصمود، ولا بدّ أن يكون مفتاحها نصراً كبيراً بمذاق بلح الشام وعنب اليمن.

وإذ لا يزال الإرهاب والجماعات التكفيرية يلعبون دوراً قذراً في شمال سورية برغم سقوط دولة الخرافة – داعش، وتضييق الخناق على فلول الجماعات والعناصر المسلحة، التي لا تزال تتغذّى على الدعم التركي والغطاء الأميركي، فإنّ «القاعدة» والجماعات الإرهابية والتكفيرية لا تزال صاحبة الكلمة في محافظة مأرب شرقي اليمن، وبدعم سعودي إماراتي وأميركي أيضاً، بل إنّ مجلس الأمن نفسه عبّر مؤخراً عن مساندته للوضع القائم في مأرب، محذراً الجيش اليمني وأنصار الله من دخول المدينة وتحريرها. ومن المهمّ، في هذا السياق، الإشارة إلى أنّ المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية المسنودة أميركياً في سورية كما في اليمن، هي مناطق غنية بالنفط والثروات التي تستحوذ عليها قلة من اللصوص وأمراء الحروب.

كذلك الأمر بالنسبة للحصار والحرب الاقتصادية، فقانون الغاب ـ أو قيصر، هو المهيمن على حركة التجارة الدوليّة، ما ألقى بظلاله اللافحة على حياة الملايين من أبناء الأمة العربية والإسلامية في اليمن وسورية، فيما العالم المتحضر ـ هكذا يسمّي نفسه ـ يذرف دموع التماسيح لا أكثر. أما العالم العربي والإسلامي، فلا يزال يغط في انحطاط عميق، إلا قلة من دول وحركات وهيئات يجمعها محور مقاومة المشروع الصهيوأميركي، والتصدي لمخطط تصفية القضية الفلسطينية، التي دخلت منعطفاً حرجاً، وقد تبارى الأعراب مهرولين إلى أحضان تل أبيب في خيانة سافرة لثوابت الأمة وقضاياها العادلة، على نحو غير مسبوق.

رحم الله الشهيدين البوطي والمحطوري، والتحية لأمتنا،
وللشعب العربي في اليمن وسورية.