العملات الرقمية… مستقبل الاقتصاد العالمي

3٬643

أبين اليوم – متابعات

  د. أشواق محمد

 

من أبرز الظواهر الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين هي العملات الإلكترونية و العملات الإفتراضية ( العملات الرقمية )، النقود عبر التاريخ كانت وما زالت تلعب دوراً كبيرا في الاقتصاد، فهي تمثل الدماء التي تتدفق فيه، تطورت النقود مع تطور الوجود الانساني وأخذت صوراً متعددة بدءً بالمقايضة والنقود السلعية وصولاً إلى النقود الورقية.
ومع ظهور الإنترنت والتجارة الإلكترونية برزت حاجة الناس إلى وسيلة دفع للأفراد عبر الحدود، تتميز بالسرعة والأمان، نتيجة لذلك برز لنا صور جديدة من النقود لم تكن معروفة من قبل، وعرفت بإسم العملات الرقمية والتي تندرج ضمنها كل من العملات الالكترونية والعملات الافتراضية.
هناك نوع من الخلط في المصطلحات المستخدمة للإشارة إلى مختلف العملات، لتتراوح التسمية بين العملات الرقمية، والعملة الافتراضية، والعملة الإلكترونية. ومع ذلك، يشير كل مصطلح من هذه المصطلحات إلى معنى معين مختلف تماماً عن الآخر.

العملات الرقمية:

تمثيل رقمي إما للعملة الافتراضية (غير القانونية) أو العملة الإلكترونية (القانونية)، وبتعريف آخرعبارة عن أصول رقمية مصممة لتعمل كوسط لتبادل الأموال أو أي عملية اقتصادية، وتعتمد على علم التشفير في تأمين هذه العمليات. وعليه فإن العملات الرقمية هي صورة غير ملموسة لقيم محددة، معنى هذا أن أي عملة غير ملموسة ولا يستطيع الفرد أن يشعر بها هي عملة إلكترونية، وهذا معناه أن النقود التي في الكروت الإئتمانية، و النقود التي يتم إرسالها واستلامها عبر البنوك الإلكترونية تعتبر نظام العملات إلكترونية، فالعملة الرقمية هي المصطلح الشامل المستخدم لوصف جميع الأموال الإلكترونية، التي تشمل العملات الافتراضية والعملات المشفرة .
يجدر الإشارة إلى أن العملات الرقمية او “النقد السيبراني” كما يطلق عليه ايضاً لا يمكن امتلاكها أو إنفاقها إلا باستخدام المحافظ الإلكترونية أو الشبكات المتصلة المعينة .

العملة الإلكترونية :

تعد بمثابة وسيلة للتبادل النقدي وتحويل الاموال من حساب مصرفي الى اخر بواسطة الأجهزة والوسائل الإلكترونية دون تبادل عملات مادية أو أوراق نقدية .وتقريباً، تُجرى جميع المبادلات المالية في جميع أنحاء العالم بالعملات الإلكترونية، لأن الأموال النقدية لا تمثل سوى 8% من الأموال المتداولة .

العملات الافتراضية:

هي نوع من العملات الرقمية، وهو المال الذي يوجد فقط في شكله الرقمي، ويتم التحكم فيها عادةً من قبل منشئيها كالشركات وهي تهدف الى استبدال الاموال المادية بعملة بعيدة عن رقابة البنوك المركزية، ويتم استخدامها وقبولها بين أعضاء مجتمع افتراضي محدد.ويتم تمثيلها في بعض الأحيان رمزيا .
تعد جميع العملات الافتراضية عملات الكترونية، إلا أن العملات الالكترونية ليست كلها افتراضية ( مثلا الحسابات المصرفية بأي عملة يعتبر حساب الكتروني وليس افتراضي ).

العملات المشفرة :

يشير «التشفير» في مجال العملات إلى أن العديد من خوارزميات وتقنيات التشفير تستخدم لضمان الأمن عبر الشبكة، كما أن هذا المستوى من الأمان يجعل من الصعب تزوير العملات المشفرة .
وتعمل العديد من العملات المشفرة كنظم لامركزية قائمة على قاعدة بيانات لا تحتاج إلى طرف ثالث موثوق به مثل البنك المركزي أو شركة بطاقات الائتمان،من خلال استخدام مفاتيح خاصة وعامة .
وتعتبر عملة البيتكوين عملة مشفرة وهي الأكبر سعراً والأكثر شعبية بين العملات المشفرة، والعملات المشفرة عموماً تميل للتذبذب في الاسعار لأن قيمتها تخضع فقط للعرض والطلب .
أبرز الفروق بين العملات الرقمية والعملات المشفرة:
– العملة الرقمية تتبع شركة او جهة تتحكم بها وهي المصدرة لها عكس العملة المشفرة مجهولة المصدر ، تقوم على أساس الخوارزميات بالغة التعقيد التي تمنع من التلاعب بها.
– تحافظ العملات الرقمية على سرية المعلومات وفي المقابل العملات المشفرة متاحة للجميع الاطلاع على معاملاتها ورصد تحركاتها دون معرفة أي معلومات عن الاشخاص المتعاملين بها.
– تتصف العملات الرقمية بالمركزية فالشركة المسؤولة من حقها اتخاذ أي اجراء في المعاملات المالية مثل تجميد المعاملات المالية في حالة الاشتباه في معاملات غير مشروعة او ايقاف المعاملات،أما العملات المشفرة لايمكن ايقاف التعاملات فيها لأنها تتم من خلال نظام يتم توزيعه من حواسيب بداخل شبكة عالمية .
– الرقمية يمكن تطويرها من قبل الشركة المصدرة، أما المشفرة يحتاج تطويرها الى موافقة كل المشاركين في الشبكة.

عملة البيتكوين :

عملة رقمية مشفرة معماة لغرض أمني لحماية التعاملات الافتراضية المالية، تم اصدارها من قبل ساتوشي ناكاموتو عام 2008 وتم البدء في تداولها عام 2009، ويعتمد على فكرة أن المال عبارة عن كائن أو نوع من السجلات غير المحسوسة، يتم قبوله كمدفوعات مقابل سلع وخدمات أو تسديد الديون في أي بلد معين أو سوق اقتصادي. التعاملات المالية بواسطة هذه العملة تستخدم شبكة الند للند والتوقيع الإلكتروني والتشفير بين شخصين بطريقة مباشرة دون الحاجة الى هيئة أو بنك أو وسيط آخر، حيث تذهب النقود من حساب شخص إلى آخر بشكل فوري دون الحاجة إلى رسوم تحويل أو ضرائب .
وبالنظر إلى الآثار الإيجابية والسلبية التي تم تقييمها من بيتكون على التجارة الإلكترونية، وأن هذه العملة لن تصل إلى توسع عالمي أكبر في السوق لانها ليست آمنة بما يكفي لتكون مقبولة على نطاق واسع ،ومع ذلك فقد قلبت ازمة كورونا الموازين وغيرت كل التوقعات حيث شهدت عملة البيتكوين موجة صعود كبيرة في الاسواق المالية وسجلت افضل الاصول أداءا فقد ارتفع سعر البيتكوين ليصل لما فوق 27 الف $ في شهر ديسمبر 2020 واصبحت سوق العملات المشفرةتمثل فرصة استثمارية مثيرة للاهتمام في جميع انحاء العالم .