ثماني سنوات على لقاء التصالح والتسامح الجنوبي..!

336

بقلم/ صالح هيثم فرج العبدلي

ثماني سنوات مضت على لقاء التصالح والتسامح التاريخي الذي دعت له جمعية ردفان الخيرية الإجتماعية- عدن عصر يوم الجمعة الثالث عشر من يناير 2006 في مقرها الكائن حينها في مدينة المنصورة وحضره ما ﻻ يقل عن 350 شخصية من مختلف مناطق الجنوب..

وقد أعلنوا في هذا اللقاء انطلاق قطار التصالح والتسامح ليس بين فرقاء أحداث يناير المأسوية بل مختلف مراحل الصراعات الجنوبية الجنوبية التي سبقتها وتلتها حتى ذلك اللقاء التاريخي العظيم الذي صادف رابع ايام عيد الأضحى المبارك من عام 1426 هجرية وعلى إثر ذلك تم إغلاق الجمعية بقرار من نظام صنعاء الذي نص على حظر أنشطتها الخيرية ونشاط هيئتها الإدارية والجمعية العمومية والتصرف بأموالها وممتلكاتها.

وقد جاء هذا اللقاء بعد أكثر من 12 عاماً من الحرب التي شنتها قوات نظام صنعاء على الجنوب في صيف 1994 والتي أنهت ما كان يعرف بالوحدة بين نظامي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية في عام 1990م، وبعد أن سقطت عاصمة الجنوب “عدن” في يوم 7 يوليو 94 الأسود وتحول الجنوب إلى غنائم حرب في لحظة ليس لها مثيل في التاريخ.

ولقد جاء هذا اللقاء كما أسلفنا في ظروف أمنية غاية في الصعوبة والتعقيد حيث تحول الجنوب إلى ثكنة عسكرية وكانوا يعتقدون إن وحدة الجنوبيين ضرب من الخيال في ظل حالة التمزق والصراعات الماضية التي كانت نتيجتها المأساوية نهب مقدرات وطن وتدمير دولة وإقصاء كل من هو جنوبي من الوظيفة العامة وهروب قيادة الجنوب إلى الخارج وتحولت جغرافيا الجنوب من برها وبحرها وما في باطنها من ثروات ومؤسسات الدولة والأملاك الخاصة والعامة للبسط والنهب والتدمير من قبل تتار العصر.

إن ما جعل هذا الحدث التاريخي الهام (مشروع التصالح والتسامح) ممكناً وقاعدة صلبة لانطلاق الحراك السلمي الشعبي الجنوبي هو التفاف جماهير شعب الجنوب بمختلف فئاته وشرائحه الإجتماعية في الداخل وفي الخارج من خلال تأييدهم ومساندتهم لهذه الخطوة الجريئة كما أسموها في سيل من بيانات التأييد والتضامن والمباركة عبر الوسائل الإعلامية المتاحة..

وبالدرجة الرئيسية صحيفة “الأيام” الغراء الصوت اﻻعلامي الصادح، وﻻ يفوتنا في هذه المناسبة بعد ثماني سنوات من هذا اللقاء التاريخي إﻻ ان نقدم الشكر والعرفان لهذه الصحيفة البطلة ممثلة برئيس تحريرها المرحوم الأستاذ هشام باشراحيل طيب الله ثراه، ورئيس تحريرها الحالي اﻻستاذ القدير تمام باشراحيل أطال الله في عمره..

اللذين بلغا من الشجاعة ما يكفي في النشر عن التصالح والتسامح ثم عن القضية الجنوبية وحراكها السلمي في ظروف القبضة اﻻمنية الحديدية للنظام الهمجي المتخلف، لكنهما دفعا الثمن باهظا، فتحية أسرة “الأيام” جميعاً.

لقد استمرت لقاءات ومهرجانات التصالح والتسامح تباعاً:

ففي أبين زنجبار عقد لقاء أبين زنجبار في منزل المناضل حسين زيد في 27 ابريل 2006.
– وفي 22 مايو لقاء الضالع في منطقة زبيد..
– وفي 7 يوليو 2006م لقاء شبوة في منطقة العرم..
– وفي 22 مايو2007م لقاء حضرموت في مدينة المكلا..
– وفي 26 يوليو 2007م لقاء المهرة في مدينة حوف..

– وفي 10 يوليو 2007م لقاء يافع لبعوس..
– وفي 5 سبتمبر 2007 لقاء حوطة لحج أمام قصر السلطان.. ومهرجانات مماثلة وعديدة في مختلف مناطق الجنوب حيث كان الحضور في كل مهرجان من هذه المهرجانات من كل مناطق الجنوب وتحول التصالح والتسامح إلى ثقافة انتشرت ووصلت إلى كل بيت وأسرة وكل شيخ وطفل وامرأة وكل شاب وشابة وقد أذهل نظام صنعاء من لحمة الجنوبيين.

كل هذه اللقاءات والمهرجانات باسم التصالح والتسامح الجنوبية الجنوبية هيأت الأرضية المناسبة والقاعدة الصلبة للحراك السلمي الجنوبي المطالب بالحرية ولاستقلال وسيادة الشعب الجنوبي على ارضة.. حيث توجت هذه الخطوة بمهرجان 7 يوليو 2007 في ساحة العروض بمدينة خورمكسر الذي دعت له جمعية المتقاعدين العسكريين والأمنيين بقيادة العميد المناضل ناصر النوبة.

في هذه المناسبة وخلال 8 سنوات من عمر التصالح والتسامح سقط الآﻻف من الشهداء والجرحى قرابين من أجل استعادة عزة وكرامة الشعب اﻻبي الصابر.

وبهذه المناسبة نترحم على الدماء الزكية التي سالت بغزارة وﻻ تزال حتى يومنا هذا يسقط الشهيد تلو الشهيد والدماء تسكب انهاراً من أفضل ما أنجبت هذه اﻻرض، وندعو الله لهم بالرحمة والمغفرة والشفاء للجرحى والحرية للمعتقلين..

عندما نتذكر شهداءنا وجرحانا ومعاقينا وآهات وانين اﻻمهات الثكلى ينتابنا الشعور بأنه لوﻻ هذه التضحيات ما وصل الى ما وصل إليه الحراك من خطوات متقدمة.. لقد تطور الحراك الى ان وصل ذروته وتمثل ذلك في العديد من المليونيات خلال السنوات الأخيرة وبلغ ذروته في اعلان اﻻعتصام المفتوح في ساحة العروض بخورمكسر العاصمة عدن وفي المكلا محافظة حضرموت..

وانضمام أغلب مؤسسات المجتمع المدني الى ساحات الاعتصام ورفعت رايات الجنوب فوق معظم المباني الحكومية في العاصمة عدن وبقية المحافظات اﻻخرى.. ووصلت قضية الجنوب وثورته إلى المحافل الدولية واﻻقليمية بما فيها مجلس الأمن الدولي.. ولقيت اهتماما اعلاميا وإقليمياً ودوليا وندوات واجتماعات في عدد من العواصم أوربية وعربية وإقليمية.

بالمقابل للأسف حتى اللحظة لم يتم قطف هذه الثمار.. لعدم وجود حامل سياسي واحد لهذه الثورة العظيمة.. ففي لحظة تمدد الحراك الشعبي افقيا كان من المفروض وجود قيادة تتجذر رأسياً موازية لتطور وانتشار الحراك على مستوى الساحة الجنوبية..

لكن للاسف كان هناك تمدد لمكونات وهمية حتى وصلت الى أعداد مهولة وعلى رأسها مئات ممن يسمون انفسهم قيادات وزعامات كرتونية ليس لها من فعل ايجابي وﻻ نفع سوى إصدار الكم الهائل من البيانات والمناكفات ضرها أكثر من نفعها على الثورة والحراك السلمي وقضيته العادلة.

نوجهها صرخة الى الجميع باسم الشهداء والجرحى ومعاقي الثورة.. باسم التصالح والتسامح أن يعود الجميع الى الصواب وان يتركوا اﻻنانية والذاتية وأن يقطعوا الحبال السرية مع المال المدنس ويحترموا ثورة شعب وصلت ذروتها..

وأن يعمل الجميع ويتفقوا على لملمة المكونات وما يسمى بالقيادات والخروج بقيادة واحدة تقود الثورة والشعب وتكون هي ممثله الوحيد في المحافل الدولية واﻻقليمية وأن يتم ذلك في أقرب وقت ممكن.. فلا يزال الظرف لصالحنا حتى هذه اللحظة وخوفنا أن يأتي اليوم الذي يكون فيه الندم.

لقد استخدم نظام صنعاء شتى الوسائل القذرة لإخماد الحراك لكنه فشل فشلاً ذريعاً في السنوات الأولى.. وها هو اليوم يستخدم أساليب اخرى اشد قذارة وهي اساليب تمزيق وحدة الصف الجنوبي..

يعلم شعبنا في الجنوب من هم هؤلاء و ما هي حقيقتهم وكم لبسوا عباءات البراءة واستمروا في نهب خيرات وارض الجنوب، في هذه الحالة إنما يجنون على أنفسهم بمزيد من السخط الشعبي لما ارتكبوه من مجازر بشعة في كل بقعة في الجنوب، ومهما كان السبب حتماً ستستمر الثورة مهما كانت العوائق والتضحيات.

* صالح هيثم فرج العبدلي

– مسئول العلاقات العامة – جمعية ردفان وأحد منسقي ومؤسسي التصالح والتسامح

* الأيام