هل تشهد الدولة السورية حرب مياه تشنها تركيا..!

152

أبين اليوم – الأخبار الدولية

حرب مياه تطل برأسها في المنطقة، يشنها الأتراك على الدولة السورية، حيث اكدت المعلومات انخفاض منسوب تدفق نهر الفرات إلى 200 متر مكعب في الثانية، ما أدى الى انخفاض قدرة التوليد الكهربائي في “سد الفرات”، وانخفاض مستوى مياه بحيرة الأسد، بعد تشغيل قسد عنفات التوليد الكهرومائي في البحيرة، الأمر الذي ساهم في الانخفاض الشديد في مخزون مياهها، علماً أن الإتفاق الموقع في العام 1987م والموثق لدى الأمم المتحدة بين الجانب السوري والعراقي والأتراك، يلزم الجانب التركي بالحفاظ على نسبة تدفق لا تقل عن 500 متر مكعب بالثانية.

صمت إعلامي تعيشه هذه المعركة ضمن الحرب التي تستهدف سوريا، بعد فشل الحرب العسكرية، وتصاعد الحصار الاقتصادي، لتستخدم المياه كسلاح بيد الأتراك، في محاولة لزيادة الضغط على الدولة السورية، وتهجير من تبقى من أهالي الشمال السوري، وقتل استراتيجية الأمن الغذائي السوري، بعد إصرار دمشق على الاعتماد على زراعة المحاصيل الاستراتيجية ومنها القمح في مناطق شمال البلاد، والتي يمر منها نهر الفرات، بالإضافة الى الاضرار البيئية، وتوسع كارثة التصحر.

الحرب على الموارد الطبيعية، لم تكن وليدة اللحظة الراهنة، هي حرب تاريخية بين العراق وسوريا وتركيا، حيث يؤكد التاريخ الحديث ان عام 1920، كان العام الذي وقعت فيه اتفاقية بين سوريا الخاضعة للانتداب الفرنسي انذاك وتركيا، لتقسيم مياه الفرات بحسب المعايير  الدولية..

ثم جاء في اتفاقية “لوزان” عام 1923 بنداً خاصاً بنهري دجلة والفرات جاء فيه: “لا يحق لأي دولة من هذه الدول الثلاث – أي العراق وسوريا وتركيا – إقامة سد أو خزان أو تحويل مجرى نهر من دون أن تنسق مع الدول الأخرى لضمان عدم إلحاق الأذى بمصالحها”.

وحتى بعد استقلال العراق وسوريا، بقيت حرب الموارد الطبيعية، تشكل عائق أمام تطوير العلاقات مع تركيا، التي تستخدم المياه كسلاح استراتيجي، في وجه بغداد ودمشق، حتى شكلت السدود التركية، سلاح بيد قوى الاستكبار العالمي والولايات المتحدة الامريكية، تستخدمها كأداة سياسية، وهذا ما بينته وثائق السفارة الأميركية في طهران والموقعة بتاريخ 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1979 “أن المخابرات الأميركية اقترحت على مدير عام مؤسسة المياه الوطنية سليمان ديميريل في العام 1955-1956 ، بناء سدود كبيرة على الفرات، لتكون سلاحاً بيد أنقرة ضد سوريا التي كانت علاقاتها سيئة حينها مع تركيا”.

في الجغرافيا السياسية، كانت الموارد الطبيعية أحد أبرز أسباب الحروب، وهي دافع أساسي لخلق الصراعات، كونها مساحة ثابتة، ولها أهمية استراتيجية، لذلك تعتبر المياه المورد النادر، بعد موجات الجفاف وقلة الأمطار بالمنطقة، وتعتبر من أهم عوامل تهديد الأمن البشري، الغذائي والاقتصادي والسياسي..

لذلك يرى اقتصاديون غربيون، مثل جون ستيوارت، ان المياه هي السبب الحقيقي للنمو، وفقدانها يجعل من البلدان في أسفل سلم النمو والازدهار الاقتصادي والاجتماعي، لارتباطها بعوامل عديدة، تهدد الإنسان في أمنه الذاتي بشكل مباشر، لذلك في الوضع الطبيعي فإن المياه تشكل المحدد الرئيسي للعلاقات السياسية بين الدول..

فكيف بوضع سوريا التي تعيش حرب عسكرية، وحصار اقتصادي، وإرهاب عقوبات، ما يعني ان تركيا تستهدف المصالح الحيوية والقومية للدولة السورية، حيث يعاني الكثيرون من العطش والتلوث الذي يسببه خفض تركيا غير المشروع لمياه الفرات، ويطال التأثير بشكل أكبر قطاع توليد الكهرباء المعتمد على ثلاث سدود اكبرها سد الفرات ويليه سد البعث وسد تشرين، ومنها يتم تغذية مناطق كثيرة من سوريا بالكهرباء.

إن صرخات الاستغاثة التي يطلقها الناس في شمال سوريا، لا تسمع في أروقة المنظمات الدولية والأممية، كون معظم هذه الدول تدعم الحكومة التركية بضغطها على الدولة السورية، للحصول على مكتسبات سياسية، بالرغم من خرقها للقانون الدولي، الذي ينظم تدفق المياه في الأنهر الدولية، والتي يحاول التركي تعميم مفهوم مختلف للتأثير في ذهنية السياسي الغربي، مستخدماً مصطلح المياه العابرة للحدود على نهري الفرات ودجلة، في عملية خداع منظمة، تهدف للتهرب من التزاماتها الموقعة باتفاقيات مع الدولة السورية، وتستمر باستخدام المياه كجزء من الحرب الاقتصادية على سوريا.

إن ورقة المياه هي جزء من الحرب، ومرحلة متقدمة من انخراط تركيا في العدوان على سوريا، وبهذه المرحلة تستغل تركيا الوضع الدولي الهش، لتستمر بخرقها للقانون الدولي الإنساني، واخلاق السياسيين، وتعمل على تكرار جرائمها من قطع المياه عن السوريين ان كان عبر مياه الفرات ودجلة، او عن طريق المجموعات المسلحة المدعومة منها، فالذاكرة لا تنسى تعطيش دمشق وحرمان حلب، وفي أيامنا هذه ما يعانيه أهالي الحسكة من قطع متكرر لمياه الشرب، الا ان لسان حال السوريين يقول، لو ذبحنا على حجر لن نسلم.

 

المصدر: العالم