ما بعد حل الكنيست، إنزياح أكثر نحو اليمين، وأزمة نظام سياسي كامل ..!

264

أبين اليوم – متابعات

في الثالث والعشرين من شهر آذار المقبل سيكون كيان الإحتلال الإسرائيلي على موعد مع إنتخابات تشريعية رابعة خلال عامين وهو مالم يحدث في تاريخ الكيان وما ينذر بتجدد الازمة السياسية المتفجرة.

هناك مجموعة من القراءات لما يحدث، إحداها قراءة بسيطة تقول أن الأمر يتعلق بشخصية  بنيامين نتنياهو المتمسك بمقعد رئاسة الحكومة دون النظر إلى مصلحة كيانه ومستقبله، الذين الى هذه القراءة يرون أن إستقرار النظام السياسي في تل أبيب يرتبط بغياب نتنياهو عن المشهد السياسي الإسرائيلي لأن كتلة اليمين الصلبة في إثره ستنهار وانهيارها سيؤدي الى عودة الوسط واليسار والتحالفات ستكون اكثر سهولة لأن بعض أحزاب اليمين والوسط يرفضون التحالف مع الليكود بسبب شخص نتنياهو..

وبالمقابل فإن بعض أحزاب اليمين تتحالف مع الليكود لأجل شخص نتنياهو وفي حال غيابه سيتغير شكل تحالفاتها، لكن هناك قراءة أعمق بكثير لما يشهده الكيان من أزمات متلاحقة ترتبط بنظام سياسي مأزوم، النظام الديمقراطي في كيان الإحتلال الإسرائيلي والتداول السلمي للسلطة كان سبباً رئيساً في ذوبان الخلافات المجتمعية في الكيان الإسرائيلي..

اما في العقدين الأخيرين فإن حالة الانزياح نحو اليمين وتربع الليكود على الحكم إلا في فترة بسيطة حين كان شارون رئيساً للوزراء عبر حزب كاديما جعل فكرة الديمقراطية كلمة بلا مضمون حقيقي..

لا بل بات الكيان الإسرائيلي يقترب اكثر من الأنظمة العربية حيث الرجل الواحد والزعيم الأوحد، وكذلك الحزب الحاكم، وانتهت مرحلة التداول بين الحزبين الكبيرين (العمل و الليكود ) وجاءت في إثر ذلك الأحزاب الموسمية التي تخوض الإنتخابات لمرة واحدة وتصنع معجزة..

ثم في الإنتخابات التالية لا تصل الى نسبة الحسم كما سيحدث مع حزب أزرق أبيض الذي كان شريكاً في الحكم وتتحدث استطلاعات الرأي الآن عن إمكانية سقوطه وعدم حصوله على نسبة الحسم..

ان ظاهرة الأحزاب الموسمية هي دليل على عدم إستقرار المزاج الشعبي والمتغيرات التي طرات عليه بالإضافة إلى غياب النخب السياسية في ظل موجة الشعوبية ، كل ذلك يؤدي الى تفاقم الأزمات التي عنوانها (لا يهم أن يكون على رأس الحكم فاسد مادام يحقق مصالح الأحزاب التي تؤيده)..

إذاً.. هل من الممكن أن تنتهي هذه الحالة ويتوقف هذا الانزياح الأعمى إلى عودة للتداول التقليدي بين حزبين أو أكثر من الأحزاب التقليدية التي يقودها أشخاص يوصفون بأنهم (بناء الدولة)؟

بالقطع لا، بل إن المستقبل يزداد حدة بسبب إستمرار فعل الديمغرافيا، حيث عائلات القوميين والمتدينين والمستوطنين هي الأكثر انجاباً وهي الكتلة الأكثر قلقاً في المجتمع الإسرائيلي، ويزداد ثقلها أكثر، وتلك التي بات يمثل النظام السياسي الأغلبية فيها.

إذاً.. النظام السياسي المتشكل من هؤلاء هو المشكلة وليس بنيامين نتنياهو كشخص وحتى لو جاء جدعون ساعر أو نفتالي بينت – وهما الأكثر حظاً الآن لوراثة نتنياهو- فإن شيئاً لن يتغير وسنبقى امام صراع يميني قومي ويميني ديني ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء ولن تتغير الأزمة إلا في حالة واحدة ان يولد قائد من الوسط قادر على جمع شتاته وشتات اليسار.

وقادر على جذب اليمين الديني بتحقيق مصالحه ويشكل ولو لمرة واحدة حكومة مستقرة لاربع سنوات ساعتها من الممكن أن يضعف اليمين القومي ويعيد الثقة للوسط واليسار.

المصدر: العالم