ساحة العِراق تزداد سُخونةً مع إقتراب ساعة الصّفر للمُواجهة الإيرانيّة الأمريكيّة المُتوقّعة.. كيف؟ وما هي السيناريوهات المُتوقّعة؟ إليكُم قراءةً “مُتشائمةً” للتطوّرات المُتسارعة..!

255

بقلم/ عبدالباري عطوان

الرئيس الأمريكي “المهزوم” ترامب يبحث عن ذريعةٍ لشنّ ضربات صاروخيّة لتدمير المُنشآت النوويّة الإيرانيّة انتقامًا لفشله، وعُقوباته، في تغيير النظام الإيراني أو تركيعه، وربّما يجدها، أو حتى يفتعلها إذا لَزِمَ الأمر في العِراق، سواءً باستِغلال هُجوم الأحد الماضي الصّاروخي غير المسبوق، على مُحيط السّفارة الأمريكيّة في المِنطقة الخضراء وسط بغداد، أو بترتيبِ عمليّة اغتيال أو قصف مُماثل جديد، يُؤدّي إلى وقوع خسائر بشريّة، وتحميل إيران وحُلفائها المسؤوليّة عنه فالمُخابرات الأمريكيّة تملك خبرةً عظيمةً في هذا الميدان.

ففي آخِر تغريداته على حسابه على “تويتر”، وجّه الرئيس ترامب تهديدات واضحة إلى إيران، قال فيها إنّها ستكون مسؤولةً عن مقتل أيّ جُندي أمريكي في العِراق، وسيكون هُناك رد فوريّ وكبير.

منصّات أمريكيّة إعلاميّة عدّة، من بينها قناة “سي إن إن” التلفزيونيّة أكّدت في تقريرها إنّ القِيادة العسكريّة المركزيّة عقدت اجتماعًا سِرّيًّا في البيت الأبيض شارك فيه العديد من الجِنرالات العسكريين، والأمنيين، يوم الأربعاء الماضي لبحث سِيناريوهات الرّد في حالِ إقدام إيران على أيّ عمليّة انتقاميّة لاغتِيال اللواء قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وتزامن هذا الاجتماع مع تسريب أجهزة استخباريّة لأنباء عن وجود خطّة انتقاميّة إيرانيّة لاغتيال سليماني بطائرةٍ مُسيّرة بعد مُغادرته مطار بغداد في الثّالث من كانون ثاني (يناير) الماضي.

القِيادة الإيرانيّة، وعبر المُتحدّثين باسمها، نفت أيّ مسؤوليّة عن الهُجوم الذي استهدف المِنطقة الخضراء ومُحيط السّفارة الأمريكيّة في بغداد يوم الأحد الماضي، وأرسلت اللواء إسماعيل قاآني خليفة سليماني في قِيادة فيلق القدس إلى بغداد حاملًا رسالةً واضحةً وقويّةً للمسؤولين العِراقيين في هذا الصّدد..

ولكنّ الأمر المُؤكّد أنّ الرئيس ترامب لن يقبل بها، لأنّ قرار شنّ هُجوم على إيران جرى اتّخاذه، والتّنفيذ ربّما بعد انتِهاء احتِفالات أعياد الميلاد على الأرجح، ولا نَستبعِد أن تكون ساعة الصّفر قد اقتربت، إلا إذا تدخّل جِنرالات الجيش الأمريكي وكبحوا جِماح الرئيس ترامب، ولجم حماس مجموعة الصّقور المُحيطة به، وبدأت فِعلًا في قرع طُبول الحرب، وعلى رأسهم مايك بومبيو وزير الخارجيّة.

القِيادة الأمريكيّة أرسلت طائرات قاذفة عملاقة من طِراز “B52″، وغوّاصة نوويّة تحمل في جوفها 265 صاروخًا من طِراز توماهوك، وسارعت دولة الاحتِلال الإسرائيلي التي ستكون قوّاتها شريك في أيّ هُجوم، بإرسال غوّاصة نوويّة عبَرت قناة السويس علنًا، وأعلنت أمريكا عن حالة الطّوارئ القُصوى في قواعدها العسكريّة في مِنطقة الخليج، وخاصّةً في قاعدة العيديد (قطر) والأمير سلطان (السعوديّة)..

ومدّدت بقاء حاملة الطّائرات “يو إس نيمتز” والعديد من البوارج الأُخرى في المِنطقة في المُقابل نشرت صحيفة “القبس” الكويتيّة أمس أنباءً نقلًا عن مصادر إيرانيّة قالت إنّها عالية المُستوى، حول إقدام إيران على تعزيز إجراءات التأهّب القُصوى حول مُنشآتها النوويّة، خاصّةً مُنشأة فورد النوويّة تَحسُّبًا لأيّ هُجوم أمريكي.

في ظِل هذه التّهديدات التي تتزامن مع تكهّنات شِبه مُؤكّدة بعزم ترامب على إشعال فتيل الحرب كذريعة لإعلان الأحكام العُرفيّة والبقاء في البيت الأبيض حتى بعد إنتهاء ولايته، لا نعتقد أنّ القِيادة الإيرانيّة على هذه الدّرجة من الغباء للسّقوط في هذه المِصيدة التي جرى نصبها لها بإحكام، والإقدام على أيّ عمليّة انتِقام لمقتل اللواء سليماني بالتّالي في الذّكرى السنويّة لاغتِياله، أيّ مطلع العام الجديد.

أمريكا فبركت ذريعة أسلحة الدّمار الشامل العِراقيّة لغزو العِراق عام 2003، وإسرائيل فبركت تفجيرات المعابد اليهوديّة في بغداد والقاهرة لتهجير اليهود، واستغلّت مُحاولة اغتيال سفيرها “الغامضة” في لندن لاجتِياح لبنان عام 1982، فلماذا نَستغرِب فبركة عمليّة قصف وقتل أو اغتيال جُنود أمريكيين في العِراق لتبرير أيّ هجمات مُتوقّعة على إيران؟

إيران التي اغتالت طائرة مُسيّرة أمريكيّة اللواء سليماني، الرّجل الثّاني على سُلّم قِيادتها، وبتواطؤٍ من قِبَل بعض القِيادات الأمنيّة العِراقيّة، ممنوعٌ عليها الثّأر لمقتله، أمّا ترامب الذي صادق على عمليّة الاغتيال هذه، بل وحرّض عليها، يُهَدِّد بإعلان الحرب ثأرًا لمقتل ولو جُنديّ واحد.. إنّها بلطجة القوّة بكُل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.

الأسابيع الثّلاثة المُقبلة، أو بالأحرى المُتبقّية من ولاية ترامب، خطيرةٌ جدًّا جدًّا، ليس بالنّسبة لإيران، ومِنطقة الشّرق الأوسط فقط، وإنّما لأمريكا نفسها في الدّاخل والخارج، وربّما العالم بأسْرِه، وعام 2021 قد يكون أكثر كارثيّةً من العام الحالي الذي سنتنفّس الصّعداء لانتهائِه بعد خمسة أيّام، ولنا عَودةٌ حتمًا.. واللُه أعلم.