وزارة الدفاع السعودية تطالب بـ“علاج نفسي“ لجنودها الناجين من حرب اليمن.. “تقرير“..!

4٬865

أبين اليوم – تقارير

تقرير/ إبراهيم القانص:

منظمات دولية ومراكز دراسات ومعاهد قانونية ومكونات سياسية وشخصيات اعتبارية ودول وناشطون، أصبحوا مجمعين على أن الحرب التي يشنها التحالف بقيادة السعودية والإمارات على اليمن عبثية وظالمة، بل وصف البعض تأييد بعض الدول العربية للحرب ودفاعها عن الإمارات والسعودية جريمةً وعاراً أخلاقياً وإنسانياً..

وبالقناعات نفسها يؤكد الجميع مشروعية حق الرد من جانب قوات صنعاء، نظراً لأنها أولاً صاحبة الأرض، ثم لأنها لم تمارس أي نشاط خارج حدودها إلا بعد أن بدأت الحرب وتجاوزت كل الخطوط، القانونية والإنسانية.

لم تحسب السعودية عواقب الخطوة التي أقدمت عليها بإتخاذ قرار الحرب على اليمن بشكل صائب، لمجرد استنادها على اتفاقيات الحماية الأمريكية التي تكلفها الكثير من الأموال، واعتمادها أيضاً على صفقات التسليح المهولة التي تعقدها مع عدد من الدول المصنعة، في مُقدَّمِها الولايات المتحدة وبريطانيا، ثم فرنسا وكندا وألمانيا وغيرها من الدول، لكن العواقب سرعان ما بدأت تنصب على رأس المملكة..

حيث ارتفعت فاتورة المساومات على استمرار الحماية الأمريكية، بعد كل عملية هجومية تنفذها قوات صنعاء في العمق السعودي، الأمر الذي بدأ تأثيره السلبي بشكل ملحوظ في تراجع الاقتصاد والمستقبل الضبابي الذي ينتظره، بحكم إستمرار عمليات الاستنزاف مقابل الحماية، ومن جهة أخرى الأموال التي تنفقها المملكة على أتباعها في الداخل اليمني..

فهي فاتورة باهظة لا يستهان بها، إضافة إلى أن كميات كبيرة من الأسلحة التي تكلف السعودية أرقاماً فلكية تذهب إلى مخازن قوات صنعاء كغنائم حرب، إذ تتركها قواتها وتلوذ بالفرار، وهي إحدى نتائج إقدام الرياض على عقد صفقات التسليح المكلفة بدون أن تراجع حساباتها بشأن أهلية من سيستخدم تلك الأسلحة.

أما على الصعيد الداخلي للسعودية فقد كانت حربها على اليمن مفتتحاً ودافعاً لكشف الغموض عمّا يجري بحق المعارضين والناشطين الحقوقيين من أبناء المملكة، والذي ظل لعقود طويلة محكوماً بسياسة تكتم مرعبة، لكن سلطات السعودية فقدت السيطرة ولم تعد قادرة على إستمرار تكتمها على الفظائع التي تجري في سجونها ضد معتقلي الرأي من النساء والرجال على السواء، بل إن من ضحايا القمع أطفال قُصّر تصل العقوبات بحقهم إلى الإعدام.

فقدت السعودية الكثير من مكانتها وسمعتها بين دول العالم، خصوصاً التي كانت منبهرة بالقداسة التي أحاطت بها المملكة نفسها مستغلةً وجود الحرمين الشريفين على أراضيها وإشرافها المباشر عليهما، تحت متوالية حملات إعلامية لناشطين وجهات حقوقية عربية ودولية لم يعد بمقدورها التحكم بها أو وقفها، حتى وإن كان بالكثير من الأموال التي تعودت شراء الضمائر بها، حتى وصل الحد إلى خروج مسئولين سعوديين سابقين عن صمتهم لسنوات..

كاشفين للعالم جرائم قمع واضطهاد وصلت حد التصفيات الجسدية، وكان آخرهم مسؤول الاستخبارات السعودي السابق سعد الجبري، الذي فَرّ من المملكة عام 2017، فقد اتهم ولي العهد محمد بن سلمان بأنه هو من دس السم للملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، بل أكد الجبري أيضاً أن بن سلمان كان يتفاخر بذلك أمام حاشيته ومسئوليه المقربين، والذين كان الجبري أحدهم، واصفاً إياه بالمختل عقلياً..

حيث قال خلال مقابلة على قناة “سي بي إس” الإخبارية الأمريكية، إنه “ظهر ليدق ناقوس الخطر حول قاتل مختل عقلياً في الشرق الأوسط، بموارد لا حصر لها، ويشكل خطراً على شعبه والأمريكيين والكوكب كله”، مؤكداً أنه شهد كغيره من مقربي ولي العهد، الكثير من الفظائع والجرائم التي ارتكبها بن سلمان.

ومن ضمن نتائج إخفاق السعودية في حربها على اليمن، الصورة المهزوزة التي عكستها الحرب عن ما تطلق عليه قواتها الوطنية والملكية، التي ظلت لسنوات تتغنى بمستوى ما تتلقاه من تدريب وتأهيل، وما تملكه من أسلحة حديثة ومتطورة تدربت على استخدامها لدى أفضل المدارس والأكاديميات العسكرية والخبراء..

بل إن صورة تلك القوات وصلت حد السخرية والاستخفاف حين ظهرت مئات المرات في المشاهد التي وثقها الإعلام الحربي لصنعاء وهي تفر من مواقعها أو تستسلم بأعداد كبيرة، بل وثقت المشاهد أعداداً من عناصر القوات السعودية ترمي بنفسها من قمم جبال شاهقة.

لكن أكبر ما يدعو إلى الإشفاق هو مصير المئات من أفراد وضباط الجيش السعودي الذين شاركوا في الحرب على اليمن خلال السنوات الأولى من الحرب، حيث تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وثائق لوزارة الدفاع السعودية، تتحدث عن دراسة إنشاء مركز لأحوال العسكريين النفسية الذين شاركوا في الحرب على اليمن..

فقد أبدى ناشطون سعوديون أسفهم للوضع الذي يعانيه الكثير من أولئك العسكر، حيث يعانون نفسياً ومالياً هم وعائلاتهم، من جراء الحرب التي بدأها بن سلمان والتي وصفوها بالخاسرة، حسب تعبير الناشط السعودي سعد الغامدي على تويتر، في معرض تعليقه على وثيقة مسربة من وزارة الدفاع السعودية تتحدث عن مقترح أو دراسة لإنشاء مركز علاج نفسي لإعادة تأهيل منتسبي قواتهم الذين شاركوا في السنوات الماضية من الحرب، معتبرين ذلك خطوة متأخرة بعد سبع سنوات من معاناة الجنود النفسية.

YNP