تعرضوا لهجوم بـ”موجات اشعاعية”.. تقرير يكشف سر الإصابة الغامضة لمسؤولين أمريكيين واستخباراتيين

230

أبين اليوم – متابعات

نقلت صحيفة New York Times الأمريكية في تقرير نشرته يوم السبت 5 ديسمبر/كانون الأول 2020 عن دراسات قامت بها الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب زعمها أن السبب الأكثر احتمالاً لسلسلة الإصابات الغامضة التي لحقت بالدبلوماسيين والمسؤولين الاستخباراتيين الأمريكيين في الخارج في السنوات العديدة الماضية هو طاقة تردُّدات الراديو، وهو نوعٌ من الإشعاع يشمل الموجات الدقيقة.

حيث استشهد الاستنتاج الذي توصَّلَت إليه لجنةٌ مؤلَّفةٌ من 19 خبيراً في الطب وغيره من المجالات إلى “طاقة تردُّدات الراديو النبضية المُوجَّهة”، باعتبارها “الآلية الأكثر منطقية” لتفسير المرض، الذي أصبح يُعرَف بـ”متلازمة هافانا”، رغم أنهم قالوا إنهم لا يستطيعون الحكم على الأسباب المُحتَمَلة الأخرى، وإن العوامل الثانوية ربما تكون قد ساهمت في ظهور الأعراض.

تفسيرات واضحة للمرض

 ويقدِّم التقرير، الذي صدر بتكليفٍ من وزارة الخارجية، أوضح تفسيرٍ حتى الآن للمرض الذي أصاب العشرات من موظَّفي الحكومة الأمريكية، بدءاً من سفارة الولايات المتحدة في العاصمة الكوبية هافانا في العام 2016، ثم في الصين ودولٍ أخرى حيث عانى العديد من الموظَّفين من الدوار والإرهاق والصداع وفقدان السمع والذاكرة والتوازن، وأُجبِرَ بعضهم على التقاعد.

في المقابل ذَكَرَت مجلة GQ الأمريكية في أكتوبر/تشرين الأول 2020 أن مسؤولين من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الذين يزورون المحطات الخارجية عانوا من أعراضٍ مماثلة. وكان المسؤولون يسافرون لمناقشة مواجهة العمليات السرية لروسيا مع وكالات استخبارات أجنبية، الأمر الذي يزيد الشكوك في أن موسكو تقف وراء تلك الأحداث.

هجوم ضار

ورغم صياغة التقرير بلغةٍ علميةٍ دقيقة، فإنه يكشف أدلةً قويةً على أن الأحداث كانت نتيجة هجومٍ ضارٍ. وتنسب الأمراض إلى الطاقة “المُوجَّهة” و”النبضية”- وليس “المستمرة”- مِمَّا يعني أن الضحايا كانوا مستهدفين، ولم يكُن ذلك نتيجة مصادر أكثر شيوعاً لطاقة الموجات الدقيقة، كموجات الهواتف المحمولة على سبيل المثال.

كما أفاد التقرير بأن اللجنة وجدت أن الأعراض الفورية التي أبلغ عنها المرضى- بما في ذلك الإحساس الغريب بالألم والضغط والصوت الذي غالباً ما بدا صادراً من اتجاهٍ معين أو حدث في مكانٍ معينٍ في الغرفة- كانت أكثر اتساقاً مع “الهجوم المُوجَّه” باستخدام طاقة تردُّدات الراديو.

في المقابل نظرت اللجنة في أسبابٍ أخرى، مثل التعرُّض لموادٍ كيماوية أو أمراض معدية، لكنها قالت إن هذه الأسباب غير مُرجَّحة.

حيث قال التقرير إن تنوُّع الأحداث، التي يبدو أنها تؤثِّر على الناس بطرقٍ مختلفة، ترك الباب مفتوحاً أمام التأثير المُحتَمَل “للعوامل النفسية والاجتماعية”.

وقال التقرير إن بعض الضحايا ربما يعانون من حالةٍ تُسمَّى “الدوار الوضعي- الإدراكي المستمر”، وهو اضطرابٌ في الجهاز العصبي ينتج عنه شعورٌ طويل الأمد بالدوار أو عدم الاستقرار. 

تكهنات حول الضحايا

وكانت الأحداث موضوعاً للكثير من التكهُّنات والجدل. ولطالما جادَلَ العديد من الضحايا، وكذلك بعض المسؤولين الحكوميين والعلماء بالخارج، بأن طاقة تردُّدات الراديو كانت السبب الأكثر ترجيحاً، وربما جاءت هذه الطاقة نتيجةً لسلاحٍ تستخدمه قوةٌ أجنبية.

في حين اتَّهَمَ العديد من الضحايا وزير الخارجية مايك بومبيو ومسؤولين آخرين في إدارة ترامب بالتقليل من أهمية القضية في محاولةٍ لتجنُّب عرقلة العلاقات الدولية. ويتساءلون كيف سيستجيب الرئيس المُنتَخَب جو بايدن ومرشَّحه لوزارة الخارجية أنتوني بلينكن في ضوء النتائج العلمية الجديدة.

فبعد أن ضَغَطَ المُشرِّعون على وزارة الخارجية لأشهرٍ من أجل نشر التقرير، قُدِّمَ التقرير لبعض مسؤولي الكونغرس وآخرين غيرهم يوميّ الخميس والجمعة 3 و4 ديسمبر/كانون الأول، وطُلِبَ منهم عدم مشاركته.

في حين حصلت كلٌّ من صحيفة New York Times وشبكة NBC News بشكلٍ منفصلٍ على التقرير يوم الجمعة، وذكرت شبكة NBC نتائج التقرير في وقتٍ سابق. وأصدرت الأكاديميات الوطنية التقرير علناً مساء أمس السبت 5 ديسمبر/كانون الأول. 

نتائج نهائية للأبحاث

حيث قالت وزارة الخارجية في بيانٍ يوم السبت: “يسعدنا أن هذا التقرير صدر الآن ويمكن أن نضيف إلى البيانات والتحليلات التي قد تساعدنا في التوصُّل إلى نتيجةٍ نهائيةٍ بشأن ما حدث”. 

كذلك قالت الوزارة أيضاً إن “كلَّ سببٍ مُحتَمَل يظلُّ تخميناً”، وإن العوامل المختلفة، بما فيها عدم وصول اللجنة إلى بعض المعلومات بسبب مخاوف أمنية مُحتَمَلة، “تحد من نطاق التقرير”، رغم أنها “لا تقلِّل من قيمته”.

أما بالنسبة لإدارة ترامب، فإن الاعتراف بأن هذه الأحداث كانت نتيجة هجومٍ أجنبي كان من الممكن أن يستلزم إخلاء البعثات الأمريكية في الصين، الأمر الذي من شأنه أن يعطِّل علاقةً اقتصاديةً مهمة.

في المقابل، اتَّبَعَت الإدارة نهجاً أكثر صرامةً في كوبا، يتوافَق مع هدفها الأكبر المُتمثِّل في عَكس الاتجاه نحو الانفتاح الدبلوماسي للرئيس باراك أوباما مع هافانا.

الخبر برس