تعز تضع “الشرعية“ ومكوناتها في مأزق سقوط الحاضنة.. “تقرير“..!

1٬622

أبين اليوم – تقارير

تقرير/ إبراهيم يحيى:

باغتت تعز الشرعية، بانتفاضة شعبية عارمة، تختلف عن ما عداها في سائر محافظات جنوبي البلاد، ورغم محاولات أحزاب الشرعية ركوب موجتها، إلا أنها هذه المرة تتجاوز المكايدات الحزبية بين المكونات السياسية للشرعية، ومحاولات تسجيل النقاط وتصفية الحسابات، إلى الثورة على الجميع بلا استثناء، وفي المقدمة الشرعية والتحالف، معلنة سقوط إحدى أهم قلاع الشرعية.

لا تشبه الإحتجاجات الشعبية في تعز، عداها من الإحتجاجات التي تضج بها المحافظات الجنوبية الواقعة تحت سلطة الحكومة و”الانتقالي”، ليس لأنها فقط منزوعة الدفع الحزبي ولا تتجه نحو طرف سياسي من أطراف الحكم هناك، بل لأنها تنطلق من تعز، بما لها من خصوصية فارقة، في مستوى الوعي والمدنية ورصيد الفعل الثوري على مر العقود العشرة الاخيرة.

عذر الإمارات وسعيها إلى “تقويض سلطات الشرعية”، ومنازعة الأخيرة السلطة من جانب ذراع أبوظبي السياسي والعسكري “المجلس الانتقالي الجنوبي”، لا يتوفر في تعز. كذلك عذر “الخلايا النائمة التابعة لصنعاء”، لا يتوافر هو الآخر ويتعذر تجيير الاضطرابات والاحتجاجات إلى “دفع حوثي”، لأن الأخير وإن بدا قريباً لشعارات ومطالب الاحتجاجات، فإنها تشمله بين أطراف الصراع.

محاولات المكونات السياسية للشرعية وهادي، لركوب موجة الإحتجاجات الشعبية، لم تجد نفعاً هي الأخرى. وفي حين أعلن “الإصلاح” في تعز “تأييده الحراك الشعبي السلمي في المحافظة” و”انحيازه لمطالبه بتصحيح الاختلالات وإزالة الفساد”، وأكد على “الوقوف في صف شرعية الرئيس هادي”، وشدد على “أولوية تحرير المحافظة من الحوثيين”؛ خالفته باقي المكونات.

حزبا الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، أعلنا هما أيضاً انحيازهما الكامل للحراك الشعبي والمطالب الشعبية المشروعة في التصحيح والتغيير، لكنه لم يأت مطلقاً على ذكر الشرعية ولا أولويات حزب الإصلاح (دعم الجيش الوطني في معاركه ضد الحوثيين)، بل ركز على الاختلالات الحاصلة في تعز، وشدد على أن التحرير يتطلب “النموذج الايجابي”.

المؤتمر الشعبي العام، جناح الرئيس السابق علي صالح عفاش الموالي للإمارات؛ بدا الحلقة الأضعف بين مكونات الشرعية في تعز، ورغم محاولات المحافظ المؤتمري نبيل شمسان امتصاص غضب الاحتجاجات بقرار إيقاف مدير مكتب النقل ومدير مؤسسة الكهرباء، إلا أن المحتجين اعتبروه “محاولة لذر الرماد في العيون”، مدللين بأنه “اقتصر على الإيقاف دون الإحالة للتحقيق أو النيابة”.

كذلك محاولة وصم الاحتجاجات بطابع شغب وإضفاء هالة “المؤامرة” على إستقرار المحافظة، بالإعلان عن محاولة فاشلة لاغتيال وكيل المحافظة المؤتمري أيضاً، عارف جامل؛ هي الأخرى لم تجد نفعاً في إخماد جذوة الغضب الشعبي، بوصفه هذه المرة إعصاراً جارفاً، لن يهدأ إلا بزوال أسباب هيجانه، ممثلة في فساد أطراف سلطة الشرعية جميعها بلا استثناء لأي منها.

ومع أن حزب “الإصلاح” سعى من إعلان تأييده الإحتجاجات في تعز، إلى وقاية نفسه من هدف التغيير، وإلى توظيف الاحتجاجات للإطاحة بالمحافظ الذي انحاز لولائه العفاشي المؤتمر وتحالف مع طارق عفاش، لكن المطالب المعلنة للاحتجاجات تتجاوز ذلك، إلى الإطاحة بسلطة “الإصلاح” في الأمن والجيش ومحاكمة مليشياته ونهب عصاباته المسلحة الأراضي والممتلكات.

أتت التظاهرات الشعبية الاحتجاجية الغاضبة في بيان دوافعها ومنطلقاتها ومحركتها الفعلية، على جميع الاختلالات الماثلة في محافظة تعز، وأطرافها. انتقدت الأحزاب واعتبرت “المحاصصة السياسية سبباً رئيساً في فساد السلطة المحلية وتدهور الأوضاع”، ودانت “ارتهان الشرعية للتحالف، على حساب السيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني”، واتهمت التحالف بـ “الغدر والخيانة والاحتلال”.

كما أدانت “المليشيات والعصابات المسلحة”، ونددت بـ “التعيينات الشللية والعائلية” في الجيش والأمن والمكاتب التنفيذية، مطالبة بـ “تعيين الكفاءات المشهود لها بالنزاهة والأمانة والجدارة” معلنة رفض ما سمته “تدوير الفساد”.

في إشارة إلى سلطة حزب الإصلاح وهيمنته التامة على قوات الجيش والأمن والمكاتب التنفيذية وتعيين غير عسكريين في مواقع ومناصب قيادية بالجيش والأمن.

أظهرت “شعبية” الخروج في التظاهرات الاحتجاجات بمحافظة تعز، ارتكازها على عمق الوعي الشعبي بمجريات الأحداث، وعمق الألم والاكتواء بمآلاتها على الأوضاع العامة، وعمق الإدراك لسبل الخلاص، وفي مقدمتها الإخلاص في ما سمته “استعادة الدولة اليمنية المختطفة” عبر مطالبتها بـ “حضور حقيقي لمؤسساتها ووظائفها وسيادة فعلية للنظام والقانون على الجميع التزاما ومحاسبة”.

يضاف إلى ما سلف، مرتكز رئيس لاحتجاجات تعز، لخصته التظاهرات في “حقوق المواطنة، وأسباب الحياة الكريمة” من خدمات ورواتب وأمن وحرية وسيادة لإرادة الشعب الحرة المعطلة واستقلال القرار الوطني المسلوب”. وهي كلها مقومات رئيسة للحكم تفتقدها الشرعية، في تعز، وباقي مناطق سلطتها. ما يجاهر بسقوط “الشرعية” في اختبار الحكم وتجسيدها بجدارة “النموذج السيئ للتحرر”.

 

YNP