عطوان: ما هي النّقاط السّبع التي تضمّنتها إطلالة “أبو عبيدة” احتِفالًا بـ200 يومٍ من صُمود “القسّام” وحُلفائها؟ ولماذا تنتظره الملايين ويُصبح اسمه الأكثر شُيوعًا للمواليد الجُدُد؟ وهل تتحرّك “السّاحات” بطُرُقٍ أقوى تلبيةً لمُناشدته في خِطابه الأخير..!

6٬777

أبين اليوم – مقالات وتحليلات 

تحليل/ عبدالباري عطوان:

تنتظر الملايين إطلالات المُجاهد “أبو عبيدة” النّاطق الرسميّ باسم كتائب القسّام على أحر من الجمر لعدّة أسبابٍ، أوّلها، أن خِطاباته قصيرة مُختصرة، وثانيها، إتيانها بالجديد من الأخبار الجيّدة رافعة المعنويّات حول إنجازات المُقاومة في ميادين مُواجهة الاحتِلال، وثالثها، أنه لا يبحث عن شُهرةٍ ولا تَجْذِبهُ الأضواء، فهو مُلثّمٌ يُخفي جميع ملامحه، والاستِثناء الوحيد هو صوته المُجَلجِل الذي يرفع الهِمَمْ، ويُعَزّز رُوح الصّمود والمُقاومة.

في كلمته المُسجّلة التي ألقاها مساء أمس (الثلاثاء) بمُناسبة مُرور 200 يوم على بدء الحرب في قطاع غزة، وصُمود المُقاومة وانتِصارها، أشار إلى عدّةِ محطّاتٍ رئيسيّة:

الأولى: طالب بتصعيد الفِعل المُقاوم بأشكاله كافّة، وفي جميع السّاحات، ممّا يُوحي بأنّ الأيّام والأسابيع المُقبلة، ستشهد تصعيدًا في ميادين المُواجهة.

الثانية: تأكيده على أنّ العدو لا يزال عالقًا في رِمال غزة، ولم يَحصُد إلّا الخِزِي والعار والهزيمة ولم يستطع أنْ يُحَقّق إلّا المجازر الجماعيّة والتّدمير والقتل، وأنّ بقاءه أو خُروجه سيكون مُكلِفًا في الحالين.

الثالثة: إعادة التّأكيد على أنّ الضّغوط العسكريّة على كتائب المُقاومة لن يدفعها إلّا إلى الثّبات على مواقفها، والحِفاظ على حُقوق الشّعب الفِلسطيني بالكامِل، ولا تتوقّعوا أيّ تنازلات مُطلقًا.

الرابعة: حركة حماس لن تتراجع مُطلقًا عن شُروطها بانسِحابِ القوّات الإسرائيليّة الغازية من القطاع، ورفع الحِصار، وعودة جميع النّازحين إلى دِيارهم، وبدء عمليّة الإعمار فورًا، وأنّها باقية وتتجذّر.

الخامسة: التّنويه بالرّد العسكريّ الإيرانيّ (الوعد الصّادق) المُتمثّل في إطلاق 360 صاروخًا ومُسيّرة، ممّا أدّى إلى وضعِ قواعدِ اشتباكٍ جديدة وإرباك حسابات العدو.

السّادسة: الإشارة بتقديرٍ كبير إلى المُقاومة المُتصاعدة ضدّ الاحتِلال في الضفّة الغربيّة، ووصفه حالة رد الفعل الهستيريّة من قِبَل الاحتِلال بأنّها تأتي انتصارًا للمُقاومة، وتعكس حالة الارتباك واليأس في صُفوف العدو.

السّابعة: التّقدير والشُّكر لكُل السّاحات العربيّة التي دعمت وتدعم “طُوفان الأقصى” شُعوبًا وفصائل، وخصّ بالذّكر لبنان واليمن والعِراق.

أن تصمد كتائب المُقاومة في قطاع غزة 200 يوم، وأمام رابع أكثر الجُيوش قوّة في العالم والمدعوم من دُوَلٍ عُظمى مِثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وهي لا تملك الدبّابات ولا القبب الحديديّة، ولا البوارج الحربيّة، ولا طائرات “الإفّات” بكُلّ أنواعها وأكثر من 560 ألف جندي، فهذا انتصارٌ كبير وغير مسبوق، في أيّ مكانٍ آخَر في العالم، ويبعث على الفخْر والاعتِزاز.

المُقاومة في القِطاع المُحاصَر المُجَوّع هي التي أطاحت بقائد المُخابرات العسكريّة الإسرائيليّة، وأجبرت دولة الاحتِلال على سحب جميع كتائبها وألويتها هربًا وتقليصًا للخسائر، ودمّرت أُسطورة الرّدع الإسرائيلي، وزلزلت قواعد المشروع الصّهيوني، واجتثّت جُذوره، من حقّها، والملايين من أنصارها الاحتِفال بمُرور 200 يومٍ من الصّمود والمُقاومة، وإفشال جميع خطط العدو، وبثّ حالة الذّعر والرّعب في صُفوفِ مُستوطنيه وداعِميه.

بفضل كتائب المُقاومة وصُمودها في القطاع، ووحدة السّاحات، أصبحت إيران “دولة مُواجهة”، وتحوّل اليمن إلى دولةٍ عُظمى تتصدّى دُون خوفٍ أو تردّد للأساطيل البحريّة العسكريّة والتجاريّة الأمريكيّة، أمّا الجليل الأعلى والأدنى في الشّمال الفِلسطيني المُحتل فتحوّل إلى كُتلةٍ من اللّهب، دفعت أكثر من رُبع مِليون من مُستوطنيه إلى الهرب بفِعل صواريخ ومُسيّرات “حزب الله” الذي يخوض حرب استنزاف طويلة النّفس انطلاقًا من جنوب لبنان، وها هي صواريخ ومُسيّرات المُقاومة الإسلاميّة في العِراق تَدخُل الميدان بقُوّة، وتقصف القواعد الأمريكيّة في العِراق وسورية، ومُستوطنة إيلات، ومطار حيفا، ومنصّات غاز العدو في حقل “كاريش”.

“أبو عبيدة” الذي أصبح اسمًا طاغيًا لمواليد جيل النّصر في مُختلف أنحاء العالمين العربيّ والإسلاميّ، باتت إطلالاته فألا يُبشّر بالنّصر وعودة رُوح الكرامة إلى أُمّةِ محمّد وإيقاظها من سُباتها العميق.

نختم بما قاله الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس الثلاثاء مُحَذِّرًا “إسرائيل” بأنّها ستختفي من الوجود إذا شنّت هُجومًا على الأرض الإيرانيّة، ولن يبقى أي شيء اسمه “الكيان الصّهيوني” في أوّلِ تصريحٍ له أثناء بدء زيارته لجارته الباكستانيّة.

هل تجرؤ هذه “الإسرائيل” على مُهاجمة إيران أو سفاراتها أو مُستشاريها داخِل أراضيها أو خارجها؟ بعد “الوعد الصّادق”، وإكمال “طُوفان الأقصى” المئتين يوم من الصّمود، الإجابة بـ”لا” كبيرة.

طالما المُجاهد يحيى السنوار ومُستشاروه يقودون المعركة البُطوليّة ومن قلبِ القِطاع، وطالما “أبو عبيدة” يُغرّد بقصائدِ الانتِصار بين الحينِ والآخَر، فهذا يعني أنّ “العصر الإسرائيليّ” انتهى ونُشوء عالم عربي جديد عُنوانه المُقاومة، والشّهادة على رُكامه.. والقادمُ أعظم.

 

المصدر: رأي اليوم