هل تنجح صنعاء في إعادة بناء علاقاتها مع المجتمع الدولي..!

3٬897

أبين اليوم – صنعاء

في الوقت الذي تواصل فيه صنعاء إستكمال معركة سيطرتها على ما تبقى من محافظة مأرب، في مقابل تسخير دول التحالف والحكومة الشرعية كافة إمكانياتها السياسية والعسكرية لمنع خسارتها لهذا المعقل المهم.

يمكن القول أن نجاح صنعاء في تحقيق هدف إستكمال سيطرتها على مأرب من شأنه أن يحدث تحولات دراماتيكية في مواقف وسياسات الفاعلين الدوليين بإتجاه إعادة علاقاتهم مع صنعاء باعتبارها الطرف الأقوى ذي الأهمية والثقل المؤثر في أي مفاوضات سلام مستقبلية.

وعلى الرغم من عدم وضوح الرؤية المستقبلية في ظل اللحظة التاريخية الراهنة فإن التحرك السياسي وزخم التفاعل الدبلوماسي لصنعاء مع المجتمع الدولي المتزامن مع إستمرار تحركها في الميدان العسكري وتحقيق الإنجازات المتوالية. كلها أمور تشير إلى إمكانية نجاحها في بناء وتمتين علاقاتها مع عدد من الدول على المستوى الإقليمي والدولي.

وفي هذا السياق جاء تصريح عضو سلطة صنعاء المفاوض عبدالملك العجري السبت بالقول إن “معركة مأرب ستمثل نوعاً من الانعطاف الذي سيجبر دول العدوان على الجلوس على طاولة المفاوضات وأن تكون طروحاتهم منطقية وعقلانية ومقبولة..

مؤكداً أن “مأرب ستكون نقطة تحول جوهري وفارق في الدفع نحو عملية السلام، وتغيّر استراتيجية التفاوض، وبوابة نحو الحل الشامل نظراً لما تمثله من أهمية إستراتيجية على الصعيد المحلي وعلى صعيد المفاوضات”.

إلى ذلك كان نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء حسين العزي قد أكد في وقت سابق إن “تحرير مأرب سيعزّز فرص استعادة السلام، وفي المنظور الإستراتيجي للسلام الدائم والشامل، سيكون أيضاً مفيداً جداً لأمن اليمن والجوار معاً، باعتبار أن مأرب لن تبقى منطلقاً لتهديدات القاعدة في المستقبل”.

ورأى العزي أنه “لمصلحة السلام من المهم لقيادة التحالف والمجتمع الدولي إدراك ما لدى صنعاء من رغبة حقيقية في السلام”، مشيراً إلى أن صنعاء، وبصريح العبارة، لا تريد الشر لأحد، وترغب في أن تكون صديقاً لا عدواً ومصدر أمن وسلام.

ولفت ‏إلى أن صنعاء ليست مصدر قلق وتهديد لأحد، وبالأخص جارها الأقرب، لولا أنها مع الأسف وجدت نفسها محاطة بالنار ، ومطوّقة بالعداء والاعتداء والمواقف الظالمة مضيفاً أنه يجب “على الجميع التعاون ومساعدة صنعاء لاستعادة ثقتها بالجميع من خلال معالجات صادقة وعملية وليس عيباً أبداً ولا نقصاً المبادرة إلى مداراتها وتضميد جراحها، وإنما هنا وهنا فقط تكمن معاني الشجاعة وشيم الكبار”.

بالمقابل وعلى الرغم من التطورات العسكرية الأخيرة المتمثلة في التصعيد السعودي الإماراتي من خلال تكثيف الغارات الجوية على أهداف في العاصمة صنعاء وكذا في محافظات صعدة ومأرب والحديدة..

يبقى موقف صنعاء هو الأقوى لا سيما في ظل إستمرار نجاحها في تعزيز قدراتها العسكرية في ساحة المعركة وكسب اليد العليا ضد خصومها اليمنيين، وكذا فرض تكاليف باهظة للغاية على قائدة التحالف التي وجدت نفسها عالقة في مستنقع حرب تزداد تكلفتها ماديًّا وتخصم من رصيد نفوذها وسمعتها وكان آخر مظاهر وتجليات خسارتها إعلان صنعاء السبت عن تنفيذ عملية توازن الردع الثامنة بعدد 14 طائرة مسيرة نجحت في إصابة أهدافها بدقة داخل العمق السعودي بما في ذلك العاصمة السعودية الرياض.

وإذا كان الداعم الأساسي للمملكة السعودية في حربها على اليمن والمتمثل في واشنطن قد صعد خطابه مؤخراً من خلال إعلان الخزانة الأمريكية وضع قيادات في قوات صنعاء على قائمة العقوبات أبرزها صالح الشاعر .ِ فإن التغير المفاجئ في الموقف الأمريكي – بعد مرور أيام قليلة من التصعيد – الذي تجلى من خلال تصريح المبعوث ، تيم ليندركينغ، الذي تحدث فيه السبت عن بحث بلاده وساطة مع من وصفهم بـ”الحوثيين” قد كشف حقيقة عجز واشنطن واستنفاد جميع أوراقها في الحرب على اليمن وأن تصعيدها السابق لم يكن سوى فرصة استنزاف جديدة لخزينة المال السعودي.

وبالنظر إلى التحركات السياسية والدبلوماسية الملحوظة بشكل عام على الساحة الدولية والإقليمية والمتعلقة بمناقشة الملف اليمني بالتزامن مع ما شهده ويشهده الصعيد الداخلي من تطورات في أحداث ووقائع الصراع الدائر بين صنعاء والأطراف المحليع الأخرى ، يبدو أن مصير الصراع اليمني أصبح الآن مرتبطاً إلى حد كبير بالجهود الواسعة الرامية لخفض التصعيد الإقليمي والدولي وإيجاد توازن مستقر بين القوى المحلية في اليمن وإعادة تنظيم العلاقات الدولية بإتجاه السلام.

فهل ستنجح صنعاء بالفعل في انتزاع إعتراف بها وإعادة علاقاتها مع المجتمع الدولي ؟؟ هذا هو السؤال الذي ننتظر الإجابة عليه خلال الأيام القادمة.