سايكس بيكو.. وضياع الإنتماء الفكري والعقائدي..!

3٬952

بقلم/ د. نبيل الامير التميمي

إتفاقية سايكس بيكو كانت أكبر عملية إقناع لملايين المغفلين ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺸﺠﺮَ ﻭﺍﻟﺤﺠَﺮ والرمال والحدود الوهمية المرسومة بقلم الرصاص هي ﻭﻃﻦ.. ﻭﺃﻧﻨﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻤﻮﺕ ﻓﺪﺍﺀاً ﻟﻸﺳﻼﻙ ﺍﻟﺸﺎﺋﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺳﻤﻬﺎ الإنجليزي مارك ﺳﺎﻳﻜﺲ والفرنسي جورج بيكو وفصلوا هذه المنطقة عن تلك، حيث كافئوا العرب الذين ساعدوهم بالقضاء على الخلافة العثمانية بتقطيع بلادهم إلى دويلات بعد أن كانت موحدة في ظل الدولة العثمانية.

إن هذا التقسيم هو كمن صبغ ماشيته بلون يختلف عن لون ماشية أخيه.. عندما أعطوا لكل شعب بطاقة الهوية الشخصية والجنسية والقومية والعرق.. لكي يفرقوا بين هذا الشعب وذاك كما فرقوا بين ماشية الأخ واخوه.

وزرعوا بين شعوب هذه البلدان التفرقة وأقنعوهم انه يجوز أن يقتل كل منهم الآخر إذا عبر أي منهم الحدود التي رسموها.. بل أصبح قتل كل من يعبر الحدود (الوهمية) التي رسمها المجرمان سايكس وبيكو شرفاً ووطنية عظيمة وشهادة في سبيل الوطن.

وصِرنا نجد الشعوب تتبادل الشتائم والكراهية والفرقة .. بالرغم من أن دينهم واحد، ولغتهم واحدة وتاريخهم مشترك.

إن إتفاقية سايكس بيكو أدخلت الأُمة العربية والاسلامية في 100 سنة من التيه والضياع، وجعلت الولاء والبراء يُعقد على قطعة أرضٍ مُسيّجة بسياج من الاسلاك الشائكة، وخرقة ملونة بألوان أسموها علم.. واصبح من يملك نفس الورقة التي تُسمّى (جنسية) هو إبن بلدي وأخي وصديقي كائناً من كان !! ، وأصبح من هو خارج حدودي ويملك ورقة (جنسية) تختلف عن ورقتي هو ألدّ أعدائي وخصامه واجب كائناً من كان.

سايكس بيكو أوهموا الجميع ان مافعلوه هو اتفاقية محددة المدة (100 سنة) ستنتهي بإنتهاؤ المدة وهي وليست مطلقة، لكنهم خدعوا الجميع، فقد عملوا على أن يتغير كل شئ في هذه المدة.. وأن تلك الأنظمة ستستمر على هذه التقسيمة إلى ما شاء الله بل وسيستميتون في الدفاع عنها.

لم يكن لنا حدود عندما تسيّد الاسلام الدنيا.. ولم يكن لنا حدود حين كان المواطن يمشي من المغرب إلى بغداد ومن الموصل إلى مكة لايسأله أحد عن جنسية او جواز.

فلتسقط سايكس بيكو ومن صنعها ومن حماها وعبدها وعاش في ظلالها خادماً وفيّاً للغرب الذي صنعها.

لقد حبسونا ضمن حدود رسموها لنا بينما فتحوا حدودهم بين شعوبهم فلا فرق بين دولة واخرى فكلهم اوروبا المسيحية متحدة إجتماعيا وإقتصادياً وسياسياً وأمنياً.. وبقينا نحن المسلمون متفرقين متحاربين يكيد بعضنا للآخر ويحاول إسقاطه إجتماعيا وإقتصادياً وسياسياً وأمنياً.

والله المستعان.