في وثائق سرية مسربة لمراسلات صالح مع الأمريكيين أثناء حروب صعدة: هذه معركتكم نحن علينا نقاتل.. “تقرير“..!

4٬829

أبين اليوم – تقارير

تقرير/ يحيى محمد الشرفي:

كشفت وثائق رسمية سرية من تلك التي تم تسريبها عبر ويكيليكس، عن اعتراف للرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح، يقر فيه بأن الحرب التي شنت على محافظة صعدة ضد أنصار الله منذ الحرب الأولى هي معركة الأمريكيين وأن صالح وقواته كانوا مجرد جنوداً في معركة الأمريكيين في صعدة.

جاء ذلك في سياق مراسلات بين صالح والبيت الأبيض عبر السفارة الأمريكية في صنعاء، حيث تكشف المراسلات التي عثر عليها “المساء برس” من بين وثائق ويكيلكس تحت عنوان المكتبة العامة للدبلوماسية الأمريكية، الوثيقة الأولى عن إحاطة موجزة قدمها السفير الأمريكي توماس كرايسي للبيت الأبيض في 10 أبريل 2005 يبلغ فيها بالرسائل التي طلب علي صالح إيصالها للرئيس الأمريكي جورج بوش.

يقول السفير كرايسي إن صالح في اليوم السابق لتاريخ هذه الإحاطة دعاه لمناقشة تجدد القتال في صعدة، وقال إن صالح أطلق على الفور طلبات للحصول على الدعم السياسي والعسكري من واشنطن لجهود حكومة صنعاء من أجل هزيمة أنصار الله في الشمال (تم وصفهم في الإحاطة بالمتمردين الحوثيين)، وأضاف السفير أن صالح كرر الحجة التي استخدمها خلال قتال الصيف الماضي..

مضيفاً: قال صالح “هذه معركتكم التي نحارب فيها”، حيث حاول صالح جر الأمريكيين أكثر إلى الانخراط في حروب صعدة بشكل مباشر مقدماً في ذلك المبررات لهم كما سيتبين من خلال ما جاء في مضمون حوار صالح مع السفير.

الأمريكان مرتبطين بالجهات الأمنية اليمنية أكثر من ارتباط صالح نفسه:

في إحاطة كرايسي تم الكشف عن حجم التوغل الأمريكي في الأجهزة الأمنية اليمنية، حيث يوضح السفير الأمريكي لصالح لماذا تم إغلاق السفارة ومغادرة دبلوماسيي واشنطن لصنعاء، ويقول إن شخصية عادت من العراق ولديها نوايا واضحة لمهاجمة مصالح أمريكا وبريطانيا.

وحسب إحاطة السفير ورد ما يلي: “وطلب صالح، وهو يهز رأسه، توضيحاً بشأن هذا الشخص والتهديد الذي يشكله. وأجاب السفير بأننا نعمل عن كثب مع وزارة الداخلية وجهاز الأمن السياسي وجهاز الأمن القومي بشأن هذا التهديد، ونجدها متعاونة ومستجيبة للغاية”.

الواضح من الإحاطة أن السفير سخر من علي صالح حين أدرك أنه لا يعرف شيئاً عما يحدث من أنشطة في أجهزة مخابراته، فحين وجد صالح أنه لا يعرف شيئاً عن هذه الشخصية التي جاءت من العراق، قال له لحظتها: “أطلب إحاطة من ابن أخيك (عمار) رئيس جهاز الأمن القومي”، فأجاب صالح “سأفعل ذلك”، ثم حاول صالح تحسين صورته أمام السفير الأمريكي قائلاً له “كن حذر وبكل الوسائل على الأقل لمدة أسبوع، ولا تقلق، كل شيء تحت السيطرة”..

الأمر الذي يوحي أن صالح فهم من حديث السفير بأن التهديد قد يطال السفير ذاته لذا حاول التأكيد على أن يكون حذراً وأخذ كل وسائل الاحتياطات لمدة أسبوع، وهي مدة اعتقد صالح أنه سيتمكن خلالها من إزالة هذا التهديد الذي لم يكن يعلم عنه شيئاً في الأساس بينما كان الأمريكيون وأجهزة أمن صالح وتحديداً الأمن القومي هم فقط يعلمون بذلك.

اطلب من أصدقائك الأوروبيين أن يدعموني وقل لهم أن يربطوا الحوثي بالإرهاب الدولي”:

عاد صالح للحديث من جديد مع السفير الأمريكي كرايسي عن الحرب في صعدة، وحسب إحاطة السفير فإن صالح طلب من السفير أن يبعث بطلب إلى البيت الأبيض لإصدار بيان سياسي قوي يدعم صالح في حربه ضد صعدة، حيث أراد صالح من هذه الرسالة أن يعيد نشرها في صحيفة الأيام اليومية المستقلة لكي تصل إلى الحوثيين في صعدة، ويبدو كان صالح يريد تخويف الحوثيين ويهددهم بالأمريكيين لكنه لم يدرك أن تلك الرسالة جاءت لتعزز موقف صعدة بشأن تحكم الأمريكيين بصالح ونظامه، ووقوفهم هم بشكل مباشر خلف هذه الحرب ضد صعدة وأبنائها.

ولم يكتفِ صالح بذلك فحسب بل عاد وأكد للسفير كرايسي بأن البيان الأمريكي حين يصدر سينشره في صحيفة الثورة الرسمية ويلصقه على الأعمدة وأن يطلب السفير كرايسي من أصدقائه الأوروبيين الشيء ذاته، وقال كرايسي في إحاطته تلك مخاطباً صالح: “سنستكشف إمكانية إصدار بيان قوي لجمهور أوسع، فأومأ صالح برأسه قائلاً: الدعم المعنوي مطلوب، رجاءً اجعل أصدقاءك الأوروبيين يعربون عن دعمهم لي وأن يؤكدوا أيضاً بأن الحوثي على صلة بالإرهاب الدولي”.

صالح للأمريكان: “هذه حربكم ونحن نقاتل في معركتكم، الحوثي عدوكم وعدو إسرائيل بينما نحن أصدقاؤكم”..!

ووفق الإحاطة الأمريكية عما دار أيضاً من حديث بين صالح وسفير واشنطن، قال صالح إن المعارضة تستغل أزمة صعدة لإضعاف نظامه وقال بأن المعارضة – يقصد الجنوبيين واليسار – يطلقون عليه بأنه “عميل أمريكي”..

ثم واصل قائلاً “لقد عرضت إنهاء القتال إذا توقف المتمردون عن الهتاف بالموت للولايات المتحدة والموت لإسرائيل”، وعاد يكرر موضوعه عن الحرب السابقة (حرب 2004) وقال: “هذه حربكم نحن نقاتل في معركتكم، إنهم معاديون للولايات المتحدة ومعاديون لإسرائيل ومؤيديون لإيران، بينما نحن أصدقاؤكم”، وأضاف أيضاً: “تم تطويقهم وفرض الحصار عليهم الآن ولكنهم لا زالوا يقاتلون مثل الـ… واصفاً مقاتلي صعدة بكلمة نعتذر عن ذكرها”.

وفي ختام اللقاء، حرص صالح على التأكيد على استعجال الأمريكيين وشدد على ذلك بقوة لدعمه بأنواع معينة من السلاح الأمريكي لمواصلة المعركة، حيث طلب على وجه السرعة إمداده بناقلات نارية من طراز M113 ومركبات HMWVV، ليجيبه السفير قائلاً: “إننا حريصون على المساعدة بيد أن المساعدة المادية حتى على أساس عاجل سيستغرق بعض الوقت، لكن سنبذل قصارى جهدنا للإسراع بعملية التنفيذ وبإمكان وكيل جهاز الأمن القومي أن يقدم مساعدة أخرى لنا مثل تبادل المعلومات الاستخباراتية بشكل أسرع حين نطلب منه ذلك”، في إشارة إلى أن الأمن القومي كان يحجب بعض المعلومات عن الأمريكيين بغرض استغلال صالح لهم أطول فترة ممكنة.

وفي النهاية، تحدثت الإحاطة عن طلب صالح تأجيل موعد زيارته إلى واشنطن للقاء بالرئيس الأمريكي حينها جورج بوش، والسبب في ذلك هو أن صالح يريد أن تكون زيارته مطوّلة كي يجلس مع مسؤولين في البنتاغون ومسؤولي الأمن القومي الأمريكي والـ(CIA) الاستخبارات المركزية ووزيرة خارجية بوش، كونداليزا رايس.

 

المصدر: المساء برس