هذا ما يحدث حين يطارد الناخبون الأمريكيون قادة بلادهم.. شظايا العدوان على غزة تصيب ساسة واشنطن.. “تحليل“..!

5٬678

أبين اليوم – مقالات وتحليلات 

تحليل/ سميرة بلعكري – واشنطن

يلاحق المتظاهرون الأمريكيون المؤيّدون للقضية الفلسطينية، منذ أشهر، الساسة والمسؤولين الأمريكيين، ومنذ إندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أصبح يكاد يكون من النادر أن ينهي الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، أو وزير خارجيته، أنتوني بلينكن، وحتى زوجته السيدة الأولى، جيل بايدن، وشخصيات سياسية أخرى، خطاباتهم دون أن ترصد كاميرات الصحافة، متظاهرين يقطعون خطاباتهم، وينعتونهم بالمتواطئين في الإبادة الجماعية الحاصلة في قطاع غزة المحاصر منذ الـ 8 أكتوبر 2023.

تعقّب المتظاهرين الغاضبين للساسة الأمريكيين وفي مقدّمتهم الرئيس جو بايدن، دفع فريقه إلى إتخاذ خطوات احترازية عديدة، لحمايته وزوجته من الإحراج خلال خرجاتهما العامة أمام الكاميرات.

وقاطع مناصرو القضية الفلسطينية، خطاب السيدة الأولى، جيل بايدن الذي دام لمدة 14 دقيقة فقط، أربع مرات منفصلة، حيث صاحت إحدى المتظاهرات على السيدة الأولى، التي تقوم بجولة تحت عنوان “نساء من أجل بايدن – هاريس”، قائلة: “إنّها إبادة جماعية يا جيل!”، قبل أن يرافقها عناصر الأمن إلى خارج القاعة.

ورغم أنّ الخطاب الذي ألقته جيل بايدن، دعما لزوجها الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، كان مقتضبا للغاية إلا أنّ ذلك لم يمنع المتظاهرين المؤيّدين للفلسطينيين، والداعين إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، من مقاطعة تصريحاتها عدة مرات.

وكان من المفترض أن تركّز السيدة الأولى على قضايا المرأة، بما في ذلك حقوق الإجهاض، والتي يُتوقّع أن تكون قضية استقطاب واسع في ولاية أريزونا شهر نوفمبر المقبل، إذ قالت “إنّ الجمهوريين المتطرّفين بقيادة دونالد ترامب يصدرون قوانين تمنع النساء من الحصول على الرعاية الصحية التي يحتجنها، بما في ذلك التلقيح الاصطناعي”، ولكن في غضون 13 ثانية من بدء تصريحاتها، صرخت عليها المتظاهرة الأولى، وبعد أقل من دقيقتين صاحت الثانية، وفي غضون 30 ثانية من الإحتجاج الثاني، وبينما همّت لإستكمال كلمتها صرخت المتظاهرة الثالثة، فقالت السيدة الأولى “أنا آسفة لأنني اضطررت إلى الحضور والذهاب بهذه السرعة”، وحين بدأت تستجمع قوّتها للإنتهاء من الخطاب، قطعتها متظاهرة أخرى.

وفي تصريح لشبكة “أن بي سي” الأمريكية، قالت إحدى المتظاهرات اللاتي قاطعنا خطاب السيدة الأولى، واسمها كاليانا فينيت، وهي ناشطة في تحالف أريزونا للتضامن مع فلسطين، إنّها لم تتأثر بتصريحات السيدة الأولى بخصوص النساء: “عندما تتحدث عن قضايا المرأة، وعندما تتحدث عن النساء في المناصب، والنساء في غزة يخضعن لعمليات قيصرية دون تخدير، ويشاهدن أطفالهن يُخرجون من تحت الأنقاض، ويتضوّرون جوعا حتى الموت.. إنه أمر مخجل للغاية”.

وصوّتت الناشطة العاطلة عن العمل، كاليانا فينيت، حسب شبكة “أن بي سي” لصالح الرئيس جو بايدن في انتخابات 2020، وهو القرار الذي قالت إنها الآن “تخجل منه بشدة”.

ضغط المتظاهرين يحرم بايدن من التفاعل مع الناخبين:

ويطارد المتظاهرون المؤيّدون للفلسطينيين، الرئيس الأمريكي جو بايدن في مناسباته العامة منذ أشهر، ما أجبر فريقه على إتخاذ خطوات لحمايته من الإحراج أمام الكاميرات، واضطر بايدن إلى إختصار خطاباته، واختزال خرجاته، كما اهتدى القائمون على تنظيم نشاطاته إلى إبقاء مواقعها مخفية حتى آخر لحظة ممكنة لتفادي المتظاهرين.

ولأنّ الرئيس جو بايدن ليس المستهدف الوحيد من قبل المتظاهرين الغاضبين من تواصل الحرب الإسرائيلية ضدّ قطاع غزة، ودعم الولايات المتحدة لحكومة الكيان الصهيوني، أعلن البيت الأبيض عن الولايات المقبلة التي ستنطلق فيها جولة السيدة الأولى جيل بايدن، لكنه لم يكشف علنا عن مواقع محدّدة بعد.

ويتّخذ فريق الرئيس جو بايدن خطوات استثنائية، وبشكل متزايد لتقليل الاضطرابات الناجمة عن الاحتجاجات المؤيّدة للفلسطينيين في فعالياته من خلال تصغير حجمها، وحجب مواقعها الدقيقة عن وسائل الإعلام والجمهور حتى وصوله، وتجنّب الحرم الجامعي، وفي بعض الحالات النظر في إمكانية التعاقد مع شركة خاصة لفحص الحضور.

ويبدو أنّ الخطوات الاحترازية قد أتت ببعض النتائج بالنسبة للرئيس بايدن، حيث لم يحدث أي انقطاع في الفعاليات التي نظّمها البيت الأبيض، أو تلك التي نظّمتها حملة إعادة انتخابه، خلال الأسابيع الخمسة منذ أن تمت مقاطعته عشرات المرات خلال خطاب حول حقوق الإجهاض في ولاية فرجينيا.

لكن إذا تواصل العمل بالإجراءات الجديدة، تفاديا لصدامات بين الرئيس والمتظاهرين، فإنّ ذلك يعني أنّ بايدن سيظهر أمام عدد أقل من الناخبين، ويتفاعل شخصيًا مع عدد محدود من الفئات الانتخابية الرئيسية التي يكافح من أجل الحصول على دعمها، مثل الناخبين الشباب الذين يعتبرون الأكثر مناهضة لاستمرار الحرب الصهيونية، بسبب رفضهم للإبادة الحاصلة في حق الفلسطينيين، وخوفهم على المناخ من تبعات الحرب التي خلّفت أكثر من 100 ألف شهيد ومصاب.

وكان أقوى إحتجاج نظّمه مناهضو العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ذلك الذي استهدف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، في الفاتح نوفمبر الماضي، خلال تقديم شهادتيهما أمام لجنة المخصّصات بمجلس الشيوخ، بشأن طلب بايدن حزمة مالية بقيمة 106 مليار دولار مخصّصة لتمويل أوكرانيا والكيان الإسرائيلي، وحلّ أزمة المهاجرين غير النظاميين، حيث رفع صفّ من المتظاهرين أياديهم الملطّخة باللون الأحمر في الهواء، وردّدوا شعارات من بينها “وقف إطلاق النار الآن” و”احموا أطفال غزة!” و”أوقفوا تمويل الإبادة الجماعية”، قبل أن تخرجهم شرطة مبنى الكابيتول.

المصدر: الأيام News