نقطة من اول السطر. بقلم / سمير المسني

2٬909

أبين اليوم – خاص

  مقالات

سمير المسني*

لماذا هذا الاقتتال الدموي العنيف في المحافظات الجنوبية ؟ وحتى متى يستمر نزيف الدم الجنوبي؟ ولصالح من ؟ وماهي أسباب اختيار وادي سالم والطرية كمنطقة صراع بين أبناء المحافظات الجنوبية ؟ ولماذا لم يتدخل عقلاء وحكماء الجنوب لإيقاف سفك الدم الجنوبي ؟

أسئلة كثيرة تبادرت الى ذهني وأنا أطالع التقارير  اليومية عن ما يحدث في جبهة وادي سالم – الطرية وذلك من خلال قراءة الاخبار الواردة من المواقع الإخبارية أو من خلال التواصل ببعض الجهات والشخصيات هناك لمعرفة المستجدات , وهنا عُدت بالذاكرة الى ما قبل أسبوعين مضت من خلال ندوة سياسية في (إذاعة وطن) جمعتني بالهامة السياسية – الاقتصادية الوطنية البروفيسور عبد العزيز الترب الذي أشار وبعبارة موجز قائلاً ( نحن وحوش على بعضنا البعض) فعلا نحن وحوش على بعضنا البعض “الجنوبيين” , وهذا التوصيف بالرغم من كونه مؤلم وقاسي الا انه واقع فعلي ما زلنا نعيشه ونتعايش معه حتى هذه اللحظة, فالأغلبية منا يتذكر ما حدث من عمليات سحل وقتل لعلماء الدين في محافظتي شبوة وحضرموت من قبل الرفاق ( بعد الاستقلال ) وعمليات التصفية الجسدية للشخصيات المعارضة في عدن وغيرها , بالإضافة الى مسلسل الاقصاء والتهميش للكوادر من محافظات بعينها , هذه الجرائم التي ارتكبت خلال الفترة الماضية وتحديداً ما بعد الاستقلال في 1967م وخلال منعطفات تاريخية مؤلمة من حياة شعبنا في الجنوب مثلاً ( انقلاب 1968م ) وما بعدها و (1969م ما سميت بالحركة التصحيحية ) وصولاً الى (1978م والانقلاب على شرعية الشهيد سالم ربيع علي ) وانتهاءً ( بأحداث 13 يناير 1986م ).

هذه المفاصل التاريخية راح ضحيتها الالاف من أبناء الجنوب بسبب النزعة المناطقيه وتهافت الرفاق نحو كرسي السلطة (احداث 13 يناير التي راح ضحيتها اكثر من 12000 الف قتيل في فترة لا تتجاوز 9 أيام فقط) كل تلك التراكمات السلبية أفضت بنا الى ما نحن  عليه الان من تشرذم وتشظي وسببها الرئيسي سياسة الاستعمار البريطاني سياسة (فرق تسد ) والسبب الاخر نحن الجنوبيين حيث رفضنا قبول بعضنا البعض وتحكم مبدأ (الانا) بالكثير من القيادات السياسية وأطلقنا الشعارات الجوفاء ضد بعضنا البعض ((اليمين الرجعي , اليسار الانتهازي المغامر , اليمين الرجعي الانتهازي )) وذلك لغرض السيطرة على مقاليد الحكم , واستمرت تلك التناحرات والتناقضات بين الرفاق ما بعد احداث يناير 1986م حتى يوم الوحدة (الغير متكافئة) التي لا نختلف بأنها(مطلب شعبي في المقام الأول ) – بين نظام في الجنوب يحاول الهروب من كارثة كان من المتوقع ان تحدث بين اطراف الصراع هناك فتم القفز على تطلعات الجماهير التي كانت تتطلع الى غداً افضل من خلال تقييم الصعوبات الاقتصادية ومحاولة إصلاح اعوجاج المسار الثوري ولكن ذهبت كل تلك الامال وتلاشت بالقفز الى الوحدة , و نظام استبدادي آخر في الشمال يتزعمه ثلة من الطامعين بثروات الجنوب ومركزه الجغرافي الهام في المنطقة , لذا باعتقادي الشيء الوحيد الإيجابي الذي تحقق من الوحدة هو تأجيل الصراع الجنوبي – الجنوبي والذي عاد الى الواجهة بعد العدوان الغاشم على اليمن في 26 مارس 2015م , وهنا عادت تلك القوى العميلة من الداخل في الجنوب لتمارس نشاطها من جديد ولكن من خلال تغيير الأيديولوجية والسلوكيات , فداعش الامس هي نفسها داعش اليوم وبنفس الوجه الدموي وان تغيرت الوجوه , فقد سقطت الأقنعة لتكشف من خلفها تلك الأفكار الدموية .

 كل هذه الفوضى العبثية (للأسف) ما زالت مستمرة حتى هذا اليوم وما زال شعبنا في الجنوب يعاني بسببها وما زالت قوى العدوان والاحتلال تعمل على إذكاء روح التفرقة والنزعة المناطقية بين أوساط الشعب في المحافظات الجنوبية المحتلة من خلال تغذية تلك الخلافات والتناقضات بين اطراف الصراع هناك ( حكومة الفنادق والمجلس الانتقالي ) وما زلنا نتقاتل فيما بيننا وما زالت الدماء الجنوبية تسفك خدمة للمحتل (الجديد – القديم) لغرض إنجاح السيناريو المخطط المعد من قبل القوى الاستعمارية الكبرى واذنابها (الامارات والسعودية) للسيطرة على اهم المنافذ البحرية في العالم ونهب الثروات الطبيعية في الجنوب .

وباعتقادي ان الاشتباكات المحتدمة في أبين سوف تستمر ولن تتوقف وسوف يستمر المخطط المعد في مطابخ قوى العدوان والاحتلال وبالتالي سوف يستمر نزيف الدم الجنوبي يتدفق بغزارة إذا لم يتحرك حكماء وعقلاء الجنوب لتدارك تلك الاوضاع المأساوية وإيقاف الحرب الدائرة في أبين , وأجدها مناسبة للرد على مقال أخي العزيز صفوان باقيس  الاخير الذي بعنوان ( معطيات التحرر في جنوب اليمن ) والذي اشار في مقاله (السالف الذكر) الى عدم استعداد الجنوبيين لتقبل أي حل قد يأتي من الشمال وأن الحل يكمن بيد الجنوبيين أنفسهم … إلى اخر المقال , قد اتفق معك أخي صفوان في بعض جزئيات الحل السياسي الذي طرحته في مقالك تحديداً ” موضوع تعيينات القيادات التنفيذية مثل تعيينات المحافظين للمحافظات الجنوبية والذين اثبتوا خلال الفترة الماضية عدم كفأتهم وقد اشرت انا الى ذلك في اكثر من مناسبة من قبل ” اذا ماهو الحل الامثل لمعالجة الاوضاع ؟

هنا يعود الاستاذ صفوان وفي آخر المقال بأن الحل هو التعويل على المكونات السياسية الوطنية لدفع مستوى الوعي المجتمعي بخطر تواجد قوات أجنبية غازية (وهذا هو بالضبط الذي أشرت اليه في مقالي ” التحرر قرار وليس خيار”) , إذاً الاستاذ  صفوان يتفق معي في الحلول ولكن يتبقى لنا إعداد آليات العمل والخطط المناسبة إعداداً مدروساً و ممنهجاً للوصول الى مبتغانا المتمثل بطرد المحتل من اراضينا , وهذا لن يتأتى الا من خلال التمسك بالثوابت الوطنية وتلاحمنا مع الاحرار والشرفاء من أبناء المحافظات الشمالية وتحت قيادة موحدة قيادة يمانية جهادية ممثلة بالقائد المجاهد السيد عبدالملك الحوثي (سلام الله عليه) وتحت قيادة المجلس السياسي الاعلى , وبدون ذلك أؤكد لك اخي العزيز صفوان لن نتمكن من أنجاز استقلالنا الثاني في الجنوب المحتل في ظل الارتهان الكامل للعملاء والمرتزقة لسلطات الاحتلال الاماراتي السعودي , ونقطة من او السطر .

  *عضو المكتب التنفيذي لملتقى التصالح والتسامح الجنوبي