“الكفالة والإقامة“.. مسميات عصرية للعبودية في السعودية.. “تقرير“..!

232

أبين اليوم – تقارير

تقرير/ إبراهيم القانص:

في بداية القرن التاسع عشر الميلادي اتفقت مراكز صناعة القرار العالمي على إنهاء الرق والعبودية باعتبارها تجارة قاسية وغير إنسانية، وتوالت بعد ذلك القرارات ونشأ الكثير من الكيانات المناهضة للعبودية بشكل مجالس وهيئات ومنظمات تتبنى الدفاع عن حقوق الإنسان وعلى رأسها حقه في الحرية وعدم إخضاعه لأي شكل من أشكال العبودية.

لكن المصالح السياسية والاقتصادية في كثير من الدول المهيمنة مررت الكثير من أساليب العبودية بعناوين مختلفة، ظاهرها صيانة وحفظ الكرامة والحرية لبني البشر، وباطنها تقييدهم بأسوأ وأشد قيود الاستعباد والإخضاع السياسي والاقتصادي، ففي القرن الحادي والعشرين لا يزال يوجد على سطح هذا الكوكب حوالي 40 مليون إنسان يعيشون كالعبيد، حسب تقارير وإحصاءات عالمية..

جزء كبير منهم يعملون في شركات رأس مالية كبرى، لكن غالبية حياتهم تمضي وهم غارقون في الديون ومكبلون بالديون لتلك الشركات أو البنوك، كون ما يتقاضونه لا يتناسب إطلاقاً مع طبيعة أعمالهم ولا يفي بتوفير احتياجاتهم ليعيشوا حياة كريمة، ولا قوانين فعلية تحميهم.

في المنطقة العربية تجسد الدول الغنية، ممثلةً بدول الخليج التي أُتخمت بطفرة نفطية هائلة، أبشع صنوف العبودية سواء بحق مواطنيها أو العمالات الوافدة إليها، خصوصاً السعودية التي أعادت إنتاج العبودية بأساليب عصرية ومسميات حديثة أطلقتها على قوانينها الداخلية الخاصة بالتعامل مع العمالة الوافدة..

فمنذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم تلتزم به المملكة إلا بشكل ظاهري تماشياً مع موجة الالتزام التي رافقته حينها، ففي عام 1962م أصدر الأمير فيصل بن عبدالعزيز- الذي أصبح ملكاً فيما بعد- قراراً وزارياً لمواكبة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إذ كان من المعيب حينها أن تنشأ دولة مدنية يفتقر مواطنوها إلى المساواة..

لكن ذلك القرار أبقى على فئة معينة كما كانت مستعبدة بحُجة الحفاظ على هوية المجتمع وعقيدته، وجعلت النصوص الملحقة بذلك القرار العامل الوافد إلى المملكة أشبه بالعبد، وما اختلف كان المسميات فقط أما الحقائق فظلت كما هي.

ومنذ ذلك الحين ظلت المملكة تعيد إنتاج الاسترقاق والعبودية بمسميات نظام الإقامة ونظام الكفالة، وهي جميعها لا تخرج عن إطار ممارسة العبودية بمسميات وأساليب عصرية حديثة، خصوصاً في السنوات الأخيرة منذ تسلم ولي العهد، محمد بن سلمان، زمام الأمور في المملكة..

فقد قفزت في عهده معدلات القابعين في السجون من معتقلي الرأي والناشطين على مواقع التواصل والحقوقيين المعارضين لسياساته، أما في ما يخص العمالة الوافدة فلم يحظ أي فرد عامل داخل المملكة بشيء من الكرامة أو الحرية، فهناك الآلاف من العمال في مراكز إحتجاز المهاجرين من أجل ترحيلهم، وحسب منظمات حقوقية دولية فإن أولئك العمال يعيشون ظروفاً صعبة وغير صحية ولا إنسانية، ويتعرضون إلى الإيذاء النفسي والجسدي.

منظمة العفو الدولية كشفت مؤخراً احتجاز السلطات السعودية العشرات من العاملات السريلانكيات منذ مدة تتراوح بين 8 إلى 18 شهراً، في مركز للترحيل بالعاصمة الرياض، مشيرةً إلى أن واحدةً على الأقل من بين كل ثلاث عاملات لديها أطفال، في ظروف صحية وغذائية صعبة، مؤكدةً أن تلك التعسفات ناتجة عن نظام الكفالة المسيء بطبيعته، حسب تعبير المنظمة..

حيث يسهل الاستغلال وسوء المعاملة، ومثلهن مئات اليمنيين عالقون في منفذ الوديعة من حوالي شهر، مع أطفالهم وعوائلهم في أبشع تصرف تعسفي ومستخف في ما بررته السلطات السعودية لمنعهم من الدخول إلى أرضهم، وهو أنهم يمتلكون سيارات رباعية الدفع قد يستخدمها الحوثيون ضد قواتهم، وهو المبرر الذي لم يقتنع به أحد حتى اللحظة، كونه استخفافاً بالعقل والمنطق.

البوابة الإخبارية اليمنية