فرنسا تخسر منغنيز الغابون بعد أن خسرت يورانيوم النيجر..!

4٬785

أبين اليوم – تحليلات دولية 

لم تصحو فرنسا بعد من وقع اللطمة التي سددها لها انقلابيو النيجر، الذين قطعوا يد فرنسا عن اليورانيوم النيجري، حتى وجه انقلابيو الغابون لطمة مماثلة لفرنسا فقطعوا يدها عن المنغنيز الغابواني، فلم تمر ساعات على الانقلاب هناك حتى أعلنت شركة التعدين الفرنسية العملاقة “إراميت”، أمس الأربعاء، تعليق كافة عملياتها في الغابون.

يرى المراقبون لتطورات القارة السمراء، لاسيما في غربها والساحل، أن هناك إرادة اخذت تتبلور في إفريقيا، رافضة للنهب المنظم الذي تمارسه فرنسا في هذه القارة، وتمثلت هذه الإرادة في وقوع عدد من الانقلابات في غرب إفريقيا، تشترك في هدف واحد وهو قطع يد فرنسا عن نهب ثروات هذه الدول، وكذلك قطع التبعية العمياء للسياسة الفرنسية، التي تعتبر امتدادا ليساسة المستعمر الفرنسي.

هناك من يرى أن الانقلابات وان كانت ضد الهيمنة الفرنسية على مقدرات القارة الافريقية، الا انها ايضا ضد الحكومات التي تنصبها فرنسا بطريقة مباشرة او غير مباشر هناك، ومهمتها الوحيدة تنحصر في خدمة المصالح الفرنسية على حساب مصالح شعوبها، وهي حكومات جاءت بعد الاستقلال الشكلي عن فرنسا، التي ابقت على سيطرتها على الدول الافريقية من خلال هذه الحكومات.

رغم انه من الصعب جداً الوثوق بالعسكر، في إحداث تغييرات جذرية تصب في صالح الشعوب الافريقية، إلا أن الهيمنة الفرنسية والغربية على الحكومات الافريقية، لم تترك من مجال إلا لجيوش هذه القارة من التدخل، لانهاء حكم شخصيات ينخرها الفساد، من امثال بازوم في النيجر، وبونغو في الغابون، وقبلهما في بوركينافاسو ومالي وغيرها من الدول الاخرى.
من الواضح ان عصر الهيمنة الفرنسية على دول الساحل قد قارب على النهاية، فهذا الجيش الفرنسي انتقل الى النيجر بعد ان تم طرده من مالي، نراه اليوم يبحث عن بلد آخر يأويه، وقد لا يجده ، وعندها سيكون مضطرا ان يعود الى من حيث اتى.. الى فرنسا.

اللافت ان الشعوب عادة ما تقف ضد الانقلابات العسكرية، إلا ان الذي شهدناه في النيجر والغابون، كان على العكس تماماً، فهناك فرحة عمت الشعبين بعد الانقلابين، بسبب العداء والرفض الشعبي لفرنسا، في اوساط الشعوب الافريقية، فهذا الشعب الغابوني اعرب عن فرحة غامرة بالتخلص من حكم عائلة بونغو التى ظلت تحكم الغابون على مدى 56 عاما، في ظل تبعية مطلقة لفرنسا.

اليوم يقع على عاتق الجيوش الافريقية، مهمة في غاية الخطورة تتمثل في الانحياز الى جانب شعوبها، ومقاومة فساد السلطة، لانهاء حقبة الاستعمار الفرنسي، الذي حول الشعوب الافريقية، الى مشردين في قوارب الموت بحثا عن حياة كريمة، او تفتك بهم الامراض والصراعات في اوطانهم ، والتي تغذيها فرنسا والغرب.

اللافت ان الغرب وبدلاً من ان يتعظ بهذه الانقلابات لتصحيح سياساته غير الإنسانية إزاء القارة السمراء، نراه يختبىء خلف اصبعه، وهو ما ظهر جلياً في المقال الذي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، بعد انقلاب النيجر، حيث يعزو المقال سبب هذه الانقلابات الى “عدم اهتمام أميركا وأوروبا بتنمية الديمقراطية هناك، وترك المجال للصين وروسيا لدعم الأنظمة الاستبدادية”!!.

من الواضح ان الديمقراطية التي يعنيها الغرب، هي تلك التي تحمي المصالح الغربية حصراً، والتنمية التي يعنيها الغرب، هي تنمية الدول الغربية، على حساب الدول الاخرى، وكل حركة تأتي خلاف هذه الرؤية، تُتهم من قبل الغرب على انها نقيض من الديمقراطية والتنمية، كما يراهما الغرب، لذلك لا بد من مواجهتها والتصدي لها.

 

المصدر: العالم