محور “فيلادلفيا“ ورقة ضغط إسرائيلية على مصر وحماس تقبل بإسرائيل كدولة ولا تعترف بها..!
أبين اليوم – مقالات وتحليلات
تحليل/ أحمد موسى:
لبنان| محور “فيلادلفيا” ورقة رمى بها نتنياهو أمام المفاوضين حول الوضع الميداني في غزة، جدار تحت الأرض على الجدار الذي أقيم على الحدود في قطاع غزة ، محور “فيلادلفيا” بعمق عشرة عشرات الأمتار وعلى امتداد 14 كيلومتراً “لسد الأطباق” التي تقول إسرائيل إنها تمت بتمويل من الولايات المتحدة رغم مناشدات منظمات الإغاثة وعدد لا يحصى من زعماء العالم لوقف إطلاق النار وزيادة مساعدات الإغاثة إلى غزة.
فإسرائيل قتلت حتى اليوم أكثر من 20 ألف فلسطيني في غضون أسابيع ودفع 2,200,000 نسمة إلى حافة الهاوية، “تعهد المسؤولون الإسرائيليون بحملة عسكرية طويلة، الضغط الشعبي المتزايد ومقتل مجموعة من الرهائن بنيران الجيش الإسرائيلي”، عوامل تضغط على الحكومة الإسرائيلية “لوقف الحرب” على القطاع، حرب تهز المنطقة، ترتفع فرص حدوثها في عام 2024م مع إستمرار المناوشات العسكرية بين “أذرع إيران” من جهة وبين كل من واشنطن وتل أبيب من جهة أخرى، بالإضافة إلى اعتبار كل من مصر والأردن دفع الفلسطينيين “للجوء” داخل حدودهما بمثابة “إعلان حرب”.
نتنياهو يعيش التخبط وحكومته الفوضى:
تعيش الحكومة الإسرائيلية في حالة فوضى منذ السابع من أكتوبر ونتنياهو يصارع البقاء بين الضغط من وزراء إئتلافه وبين الضغط من مجلس وزراء الحرب.
من أزمة إلى أخرى تسير حكومة نتنياهو منذ السابع من أكتوبر ، وآخر مظاهر هذا “التخبط” اليوم مع قرار الحكومة بتبديل شاغري منصبي وزير الطاقة ووزير الخارجية، فأصبح وزير الخارجية وزيراً للطاقة فيما أصبح وزير الطاقة إسرائيل كات وزيراً للخارجية، يعود ذلك إلى تصريحات وزير الخارجية السابق إيلي كوهين عندما قال في تصريح له: “إن الحكومة تتحمل مسؤولية هجوم السابع من أكتوبر فإنه يجب أن يتم تشكيل لجنة تحقيق لمحاسبة المقصرين”..
فما قاله كوهين حاول نسفه مراراً رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو ومنذ السابع من أكتوبر “يلقي (نتنياهو) التهمة على الجيش أحياناً وعلى المخابرات في أوقات أخرى، وأيضاً على المعارضة التي رفضت مشروعه للتعديلات القضائية الذي اتهمها بأنها تضعف جبهة إسرائيل”..
اتهامات نتنياهو هذه “أثارت الغضب ضده” وتراجع عنها أكثر من مرة لكنه “لم يتراجع عن موقفه الرافض لتحمل المسؤولية عن السابع من أكتوبر”، الآن خرج وزير من حكومته يلقي اللوم على الحكومة حتى الجيش غاضب منه، فالعسكريين غاضبون من نتنياهو لأنه “لم يحدد أهداف إستمرار القتال بشكل واضح”، ومن متاعب نتنياهو الحكومية الأخرى “الصراع بين مجلس وزراء الحرب وبين حكومته الأصلية”، تجلى ذلك مع وقف نتنياهو مناقشة مستقبل غزة خلال مجلس وزراء الحرب ومناقشته مع حكومته الكاملة بعد “ضغط من شركائه” في الإئتلاف الحكومي..
هذا “الخلاف” بين مجلس وزراء نتنياهو وبين مجلس الحرب انعكس مع “رفض” وزير الدفاع يوآف غالانت وعضو حكومة الطوارئ بني غانز الظهور في مؤتمر صحفي “معاناته حول “مسار الحرب” ، فنتنياهو أيضاً “منع وزير دفاعه من عقد اجتماع أمني مع رئيسي جهازي الموساد والشاباك لمناقشة أمور عسكرية” ، حيث اعتبر نتنياهو “أن مجلس الحرب هو المكان المخصص لمناقشة مثل هذه القضايا”.
ومع هذا التخبط يخضع نتنياهو أيضاً لضغط شعبي حيث تظاهر الآلاف في إسرائيل مطالبين بإقالته ، فهم يرونه “لا يعمل باتجاه إطلاق سراح المحتجزين لدى ح-م-ا-س بل يعرض أرواحهم للخطر باستمرار الحرب على غزة”.
نزيف غزة.. مستمر:
لا وقت لأهالي غزة حتى لملمة جراحهم مثلاً ، فيما يستعد العالم لوداع عام واستقبال آخر ، عزلة الغزيين امتدت لـ17 عاماً بعد انقسام القادة الفلسطينيين عقب اقتتال دام انتهى ب”سيطرة حماس على غزة” مع رفعها شعار “رفض الحلول السياسية مع إسرائيل واتخاذها الطريق العسكرية بديلاً” ، “نؤكد أننا منفتحون على نقاش” قالها مرة إسماعيل هنية.
سنوات حصار غزة دفعت الحركة ربما للانفتاح على الحلول السياسية بإعلانها “الموافقة” على حل الدولتين من دون الإعتراف ب”إسرائيل”، لكن ذلك التحول لم يجد التفاتة من أي طرف في حينه.
حصار غزة، تفاصيل يومية قاسية تكيف معها البعض ورفضها كثيرون، لكن رفضهم لم يغير شيئاً في المشهد الغزي، “انقسام القادة على من يحكم غزة” استمر والحروب لمطالب إنسانية كرست ، فيما الحصار يشتد شراسة.
في السابع من أكتوبر استيقظت إسرائيل على هجوم قادها الجهاز العسكري لحماس منفرداً من دون مشاركة أي من الفصائل أو استشارتها ، حتى الرد الإسرائيلي على الهجوم تأخر لساعات، لكنه مستمر حتى اللحظة دون أن تخفت شراسته.
ثلاثة أشهر وغزة تنزف، فيما سويت أبنيتها بالأرض، وأهلها أصبحوا “نازحين داخلها دون غذاء أو مياه ولا وقود أو دواء” إلا بحدود مساعدات ضئيلة تسمح بها إسرائيل ، والغزيين يتمنون هذا العام أن تنتهي الحرب على خير مستقبل مبهم يحيط بغزة”، حيث “لا مؤشرات أن نتنياهو سيوقف الحرب بل يتعهد باستمرار عمليته لأشهر حتى القضاء على حماس واستعادة الأسرى” في غزة..
ويرى مراقبون في استمرار الحرب “خسارة لحماس عسكرياً وسياسياً” بالإضافة إلى “تراجع شعبيتها وهو ما تراهن عليه إسرائيل والولايات المتحدة” اللتين لطالما تشددان على “اللامكان لحماس كحركة حاكمة في مستقبل غزة المقبل” فيما الحركة من جهتها لم تعطي تلك التصريحات قيمة.
وبينما هذا يحدث يطل شبح التهجير أو عودة احتلال القطاع من خلف تصريحات مسؤولين إسرائيليين وصل ببعضهم الدعوة إلى “إعادة إقامة المستوطنات على أرض غزة”.
“فيلادلفيا”.. ورقة المساومة الصهيونية:
إن حديث نتنياهو عن إعادة السيطرة على محور فيلادلفيا يرمي من خلالها إلى الضغط وشبكها في عناصر محاور التفاوض الأميركي – القطري – المصري – الفلسطيني ، فمنطقة فيلادلفيا منطقة حددتها معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية قبل 44 عاماً، هذه الإتفاقية تتيح وجوداً إسرائيلياً في الشريط العازل الواقع في المنطقة D قوة عسكرية محدودة من أربع كتائب مشاة وتحصينات أيضاً ميدانية ومراقبين من الأمم المتحدة مع حظر الدبابات أو المدفعية..
أما في المنطقة J فتسمح الإتفاقية بوجود قوات أممية وشرطة مدنية مصرية، فيما توجد في المنطقة B وحدات حدود مصرية من أربع كتائب مجهزة بأسلحة خفيفة تدعمها إلى المنطقة A ذات السيطرة المصرية شبه الكاملة، حيث تتمركز قوات عسكرية من فرقة المشاة ولواء مدرع وكتابة فرعية بما لا يتجاوز ال22 ألف عسكري مصريي.
القوات الإسرائيلية كانت تسيطر على محور المنطقة D حتى المنطقة A حتى انسحابها منها وتسليمها للسلطة الفلسطينية عام 2005، وبهدف ترتيب وجود مصري لقوات حرس الحدود على طول شريط فيلادلفيا تم توقيع “اتفاقية” حملت الإسم نفسه، وهي تتيح للطرفين القيام بدوريات لمكافحة الإرهاب وليس لأغراض عسكرية.
رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو مؤخراً وصف المحور بـ”نقطة التوقف الجنوبية في غزة” الذي يجب “إغلاقها” رابطاً ذلك بـ”ضمان نزع السلاح وتأمين أكبر للحدود الجنوبية” وفق تعبيره، لكن هكذا تحرك “سيفصل قطاع غزة تماماً عن صحراء سيناء أو مصر بالتحديد ، وسيمثل تراجعاً عن انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005.
*•كاتب صحفي وناشر موقع “ميديا برس ليبانون”*