معركة القدس قائمة من قبل ومن بعد..!

194

أبين اليوم – الأخبار الدولية

القدس هي العنوان العريض اليوم في الضفة الغربية وقطاع غزة لاسيما وأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بإمكانية إجراء الإنتخابات التشريعية المقررة في الثاني والعشرين من الشهر المقبل من عدمه، كافة المؤشرات تؤكد ان الاحتلال الإسرائيلي لن يسمح بإجراء الإنتخابات التشريعية في المدينة المقدسة حتى لو كان بشكل تمثيلي وبالمقابل فان القيادة الفلسطينية كررت عدة مرات رفضها لاجراء الانتخابات التشريعية دون المدينة المقدسة.

المعركة هنا معركة سيادة حقيقية فبينما يحاول كيان الإحتلال الإسرائيلي الحفاظ على إنجاز الإعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة موحدة له والذي جاء على لسان الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، ويحاول الفلسطينييون بشتى الطرق أن يثبتوا حقهم بالقدس كعاصمة لدولتهم المنتظرة، الخلاف بدأ يظهر بين الفلسطينيين حول من يرى إنتظار المجتمع الدولي وامكانية أن يقوم بعملية ضعط على الكيان الإسرائيلي كي يسمح بإجراء الانتخابات في القدس وحول من يرى تحويل إجراء الإنتخابات الى معركة مواجهة وفرض أمر واقع على الإحتلال..

وبعيداً عن الرؤيتين فإن المعركة في المدينة المقدسة معركة مستمرة وتحتاج الى نفس طويل، الإحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967 ذهب في المدينة المقدسة إلى فرض الحقائق والترحيل القسري والاختياري للفلسطينيين وبناء الجدار الاستيطاني حول المدينة وفصلها عن محيطها العربي والاسلامي، ولو نظرنا بشكل سريع إلى ما يحدث اليوم في القدس سنرى التهويد الذي يطال كل شيء الشجر والحجر والتاريخ والحاضر والمستقبل..

وإقامة جدار الفصل العنصري حول القدس خلق واقعاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً جديداً ليتحول البقاء الفلسطيني في المدينة الى معركة عض أصابع بين المحتل واصحاب الحق من الفلسطينيين ، هؤلاء يجدون انفسهم في كل يوم وحيدين في معركة يملك الاحتلال فيها كافة مقومات الإنتصار المادية ولا يملكون هم فيها سوى الإرادة التي تفل الفلاذ..

واذا كانت السلطة الفلسطينية والفصائل تبحث عن حق في القدس فعليها ان تصنع من الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة عنواناً لإثبات الحق وصخرة تتحطم عليها آمال الاحتلال في تغيير الواقع.. المشكلة الكبرى أن الكل دون استثناء يتحدث عن القدس بوصفها اساس المعركة مع الاحتلال لكن لا احد منهم يتحدث عن مقومات الصمود..

مقومات الصمود الحقيقية اليوم تتمثل بدعم للفلسطينيين هناك كي يظلوا في مكانهم، الاحتلال الاسرائيلي يعمل على الأرض مسرعاً لأنه يدرك ان لحظة الحقيقية ستأتي لا محالة وعليه فهو يريد أن يسيطر على الديمغرافيا والجغرافيا كي تساعده في فرض الحل الذي يريده ، والحل الذي يريده المحتل في القدس ليس أكثر من وجود فلسطيني خارج الجدار المغلق من كل جانب وخارج الحواجز التي تحيط بالقدس من كل اتجاه..

عندما طرح الاحتلال فكرة عاصمة للفلسطينيين في أحياء وبلدات شرقي القدس وغرد لصالح الفكرة بعض الأعراب كان يخطط وينفذ في ذات الوقت لما بعد السيطرة وانهاء الوجود الفلسطيني.. وعليه فإنه اليوم يطرح عليهم ان يبتعدوا عدة كيلو مترات وان يقيموا لانفسهم عاصمة لا مشكلة بالاسم الذي سيطلقونه عليها ولذلك فان كافة اجراءاته العملية تدعم هذه الفكرة..

إن معركة البقاء في المدينة المقدسة هي المعركة الأخيرة.. فإن خسرها الفلسطينييون سيفرض عليهم الاحتلال القبول بفتات الفتات ليس فقط في القدس وانما في كل الضفة الغربية وسجعلهم طارئين فوق أرضهم وسينقلهم الى مرحلة القبول بأي حل حتى ولو كان كما قال يوماً نتنياهو اكثر من حكم ذاتي بقليل وأقل من دولة بكثير..

المسألة ليست إجراء الإنتخابات في القدس من عدمه.. المسألة هي في قدرة الفلسطينيين على الحفاظ على حقهم وحق العرب والمسلمين في القدس من عدمه ، أما المعركة فلم تبدأ منذ إعلان الفلسطينيين عن إنهاء الخلاف بالتوجه لانتخابات ولن تنتهي اذا ما حدثت الانتخابات لأن معركة البقاء ستبقى مستمرة إلى أن يقدر الله أمراً كان مفعولاً.

 

المصدر: العالم