على خلفية القوائم السعرية.. هل تنتصر حكومة صنعاء للمواطنين أم تخضع لضغوط التجار.. “تقرير“..!

5٬829

أبين اليوم – تقارير

تقرير/ إبراهيم القانص:

تمكنت سلطات صنعاء من ضبط الوضع التمويني في مناطق سيطرتها، وتحقيق استقرار نسبي فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والتموينية، خصوصاً في الفترة الأخيرة التي تم فيها تخفيف بعض القيود عن ميناء الحديدة الذي بدأ باستعادة نشاطه الملاحي واستقبال أعداد من سفن الحاويات التجارية والبضائع والمواد الاستهلاكية الرئيسة..

قياساً بالمناطق التي تقع في نطاق سيطرة التحالف وحكومة الشرعية الموالية له، حيث فشلت تلك الحكومة في تحقيق أدنى نسبة من الاستقرار المعيشي والخدماتي، وعلى المستويات كافة تشهد تلك المناطق تدهوراً مستمراً يدفع المواطنون ثمنه باهظاً ومكلفاً وأصبح فوق مستوى القدرة على مواجهته..

لكن حكومة صنعاء الآن تواجه حملةً شرسة يديرها بعض التجار، الأمر الذي يتطلب مواقف أشد حزماً، فإما أن تنتصر للمواطنين وإما أن تنحاز لصف التجار، وتبعات أيٍّ من الموقفين معروفة.

وتزامناً مع تخفيف القيود عن ميناء الحديدة، اتخذت حكومة صنعاء إجراءات منحت بموجبها التجار الذين يستوردون بضائعهم عبر ميناء الحديدة عدداً من الامتيازات، التي خففت عنهم أعباء وتكاليف كثيرة كانوا يعوضونها بعكسها على أسعار السلع التي يجلبونها، أي أن المواطن كان يتحمل تلك الأعباء، ومن تلك الامتيازات تثبيت سعر الدولار الجمركي عند 250 ريالاً..

وأيضاً دفع النصف نقداً والنصف الآخر عن طريق الشيكات، في وقت كانت سلطات الشرعية رفعت تعرفة الدولار الجمركي إلى 500 ومن ثم إلى 750 ريالاً، وكان اضطرار التجار للاستيراد عبر ميناء عدن وتحملهم تلك الرسوم الباهظة أحد مبررات رفع الأسعار وانعكاسه على المواطنين..

لكن بعد إتاحة الاستيراد عبر موانئ الحديدة والامتيازات التي حصلوا عليها بدأت سلطات صنعاء بإصدار قوائم سعرية جديدة خفضت خلالها أسعار الكثير من السلع الاستهلاكية الأساسية وفقاً لجميع المتغيرات العالمية والمحلية، إلا أن ذلك لم يرُق بعض التجار الذين اعتبروه استهدافاً لهم.

الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية والغرفة التجارية بأمانة العاصمة، أصدر خلال الأيام الماضية بياناً اعترض فيه على القوائم السعرية الصادرة عن وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء، التي تضمنت خفضاً لأسعار السلع الاستهلاكية، واصفاً إياها بالمجحفة والتعسفية في حق التجار..

وذكر البيان أن القيادة السابقة لوزارة التجارة خلال السنوات السبع الماضية واجهت القطاع الخاص بالضغوط في أصعب الظروف، لتحقيق توازن الأسعار والمخزون، موضحاً أنها تعاملت بمبدأ لا ضرر ولا ضرار، وهو عكس ما تفعله اليوم قيادتها الجديدة، حسب البيان.

البيان أشار إلى أن التجار كانوا يعدّلون الأسعار من تلقاء أنفسهم- صعوداً وهبوطاً- إلا أن الكثير من المتابعين والمواطنين أكدوا أنه لم يتم تعديل أو خفض أيٍّ من أسعار السلع الأساسية طيلة عهد القيادة السابقة لوزارة الصناعة والتجارة..

موضحين أن القوائم السعرية لم تصدر إلا في عهد القيادة الجديدة للوزارة، معتبرين اعتراض بعض التجار على تلك القوائم محاولة للتهرب من الرقابة، وضغطاً على الحكومة التي أثبتت في هذا الجانب انحيازها لمصلحة المواطن بدون الإضرار بمصالح التجار، بدليل استجابة الكثير منهم والتزامهم بالقوائم السعرية الجديدة، والبعض فقط هم من يعترضون، ويفضلون الاستمرار في إنهاك المواطنين وزيادة الأعباء عليهم، ولا يريدون أي جهة تتبنى حماية المستهلكين من الجشع.

من جانبها، اعتبرت وزارة الصناعة والتجارة بصنعاء قوائمها السعرية نافذة وغير قابلة للمساومة، ممهلةً التجار أسبوعاً واحداً لتصحيح أوضاعهم، والالتزام بالقائمة السعرية الجديدة، حيث أكد الوزير محمد المطهر، أن اللجان التابعة لوزارته ستنزل ميدانياً من بداية الأسبوع المقبل لضبط المخالفين.

الوزير المطهر شكر التجار الذين وصفهم بالمبادرين إلى الالتزام بالقائمة السعرية، داعياً من تبقى إلى مراجعة احتساب تكاليف أسعارهم والالتزام بالقوائم السعرية الوزارية خلال مدة المهلة، مؤكداً أن القائمة السعرية نافذة وتم احتسابها بطرق عادلة وفقاً للأسعار والمتغيرات العالمية وأسعار الصرف.

ويرى مراقبون أن حكومة صنعاء، ممثلةً في وزارة الصناعة والتجارة، أمام موقف صعب يضعها على المحك، بين إما أن تستمر في وقوفها إلى جانب المواطن بدون الإضرار بالتجار، أو الخضوع لضغط بعض الأسماء التجارية الكبيرة التي تريد أن تبقى بعيدة عن الرقابة لترفع الأسعار كيفما شاءت أطماعها وشهيتها لحصد الأرباح بأي وسيلة، غير عابئة بما يكابده المواطنون من أعباء نتيجة الحرب الاقتصادية التي بدأها التحالف بالتوازي مع حربه العسكرية منذ ثمانية أعوام، والتي جعلت البلاد تحت طائلة أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم.

 

YNP