عطوان: مشروع ترامب لوقف الحرب “اكذوبة” طازجة أخرى لإنقاذ نتنياهو ومنع إنهيار دولته.. لماذا لم يحضر “العريس” خليل الحية هذا العرس؟ ولا حتى “شاهد الزور” عباس؟ وما هو تفسير حضور رئيس اندونيسيا للاجتماع دون غيره من الزعماء المسلمين..!

7٬778

أبين اليوم – مقالات وتحليلات 

تحليل/ عبدالباري عطوان:

الاجتماع الذي عقده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع ثمانية من الزعماء والمسؤولين العرب والمسلمين على هامش اجتماع الجمعية العام للأمم المتحدة في نيويورك كان بمثابة “قرار جلب” او استدعاء، لتمرير مشروع من 21 نقطة لا جديد فيه على الاطلاق، وجرى تداول النقاط نفسها على مدى 23 شهراً من المفاوضات التي رعتها الإدارة الأمريكية في القاهرة والدوحة تحت عنوان وقف الحرب في قطاع غزة.

حتى لا نُتهم بالتعميم، يمكن تلخيص هذه النقاط المكررة في الافراج عن جميع الأسرى دفعة واحدة، ووقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية، وتشكيل إدارة لحكم القطاع في مرحلة ما بعد الحرب دون أي وجود لحركة “حماس”، وتمثيل محدود للسلطة، واشراف قوة عسكرية من دول عربية وإسلامية وفلسطينية (رمزية)، وأخيراً تمويل عربي واسلامي لإعادة إعمار غزة، ودون دفع دولار واحد من أمريكا أو الدول الأوروبية، أي مثل العادة، إسرائيل تدمر والمال العربي يعيد الاعمار، مثلما حدث في لبنان، ولا حديث أو إشارة على الاطلاق عن حل طويل الأمد بما في ذلك حل الدولتين المتداول حالياً.

هذا المشروع الأمريكي لا يأتي رأفة بالفلسطينيين أو وقف مجازر حرب الإبادة في قطاع غزة، وإنما لإنقاذ دولة الاحتلال الإسرائيلي من خطر العزلة الدولية المتسارعة في اتساعها، وقال الرئيس ترامب هذا الكلام حرفياً، ولم يذكر حرب الإبادة، ولا التجويع مطلقاً لأنه لا يعترف بحدوثهما.

كيف يمكن ان نثق بخطة كهذه وضعها توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق الملوثة يداه بدماء الأشقاء العراقيين الذين كان من أبرز مهندسي حرب ابادتهم وتدميرهم، وجاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب، وتلميذ نتنياهو النجيب، الذي هندس “صفقة القرن”، ويرى الوطن العربي كصفقة عقارية، لجني المليارات بما في ذلك قطاع غزة “الريفيرا”، أما المشرف الرئيسي على هذه الخطة الملغومة والمسمومة فهو رون ديرمر وزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية والنسخة الأكثر كراهية وإبادة للفلسطينيين والعرب جميعاً لمعلمه نتنياهو.

نستغرب أن يخرج علينا بعض هؤلاء الزعماء العرب والمسلمين الذين شاركوا في الاجتماع مع ترامب والابتسامات مرسومة على وجوههم، حتى ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وصف الاجتماع بأنه كان “مثمراً”، وكرر الانطباع نفسه كل من العاهل الأردني عبد الله الثاني، والشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي لم يحضر الاجتماع، واستند على معلومات نقلها اليه السيد مصطفى مدبولي رئيس وزرائه الذي ترأس وفد بلاده في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فعلى أي أساس بنوا هذا التفاؤل والمجازر لم تتوقف.

لا نعرف لماذا دعي رئيس اندونيسيا السيد برابوو سوبيانتو لحضور هذا الاجتماع من دون أكثر من 33 دولة إسلامية، وهي دعوة تثير القلق والريبة، فهل هذه الدعوة تؤكد الأنباء المتواردة عن استعداد اندونيسيا لقبول مئات الآلاف من أبناء قطاع غزة المهجرين، وفق الخطة الأمريكية الاسرائيلية لتفريغ القطاع من أهله؟ أم لإرسال آلاف الجنود لاحتلال القطاع والقضاء على المقاومة؟

انها مصيدة تضليل وخداع أمريكية جديدة، تعتبر فصلاً من فصول المفاوضات التي استمرت 23 شهراً، وربما غطاء لإعادة استمرارها، لتوفير الذرائع لنتنياهو وجيشه لمواصلة الإبادة، وإكمال مشروع التهجير.

كيف تقيم أمريكا “عرساً” عربياً إسلامياً يغيب عنه العروس والعريس واهلهم، أي حركة “حماس”، بل وحتى السلطة الفلسطينية المستسلمة والمتواطئة التي سحبت حكومة ترامب تأشيرة الدخول من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومنعته من حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، امعاناً بالإهانة والاذلال، رغم تنازله عن 80 بالمئة من أرض فلسطين التاريخية، وتوظيف 60 ألفاً من قواته لحماية المستوطنات والمستوطنين، والتصدي للمقاومة المشروعة في جنين وطولكرم ونابلس وكل المدن الفلسطينية المحتلة، وكان الوحيد في العالم الذي هنأ رئيس إسرائيل بمقدم السنة اليهودية الجديدة.

الرئيس ترامب لو كان جاداً فعلاً في خطته هذه لأوقف المجازر الإسرائيلية فوراً في قطاع غزة لإثبات حسن نواياه، ولوجه دعوة للمجاهد خليل الحية رئيس وفد حركة “حماس” المفاوض للمشاركة في الاجتماع، فلا يوجد أي مبرر لاستبعاده، فمبعوثوه وعلى رأسهم ويتكوف التقوا بممثلي حركة “حماس”، وهذا اللقاء موثق بالصوت والصورة، ولكن ترامب الذي اعطى الضوء الأخضر لنتنياهو و”موساده” لقصف الدوحة بالصواريخ لا يريد حضوره، بل اغتياله وجميع رفاقه.

وعلى ذكر ويتكوف المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، فقد استوقفنا تصريحه الذي قال فيه “ان الاتفاق بات وشيكاً جداً، وقد نعلنه في الأيام القليلة المقبلة”، وقد حصّينا له أكثر من 7 تصريحات مماثلة تقريباً وبالحرفية نفسها على مدى 9 أشهر على الأقل، أي منذ توليه لمهامه، مما يكشف حجم الخديعة والتضليل والكذب.

كنا نتمنى على الزعماء العرب والمسلمين الذين سارعوا بالإعراب عن تفاؤلهم بنقاط ترامب الـ 21 ان ينتظروا قليلاً، ويحتفظوا برأيهم وتقويمهم للقاء مع ترامب حتى يوم الاثنين المقبل، حتى يقول نتنياهو الذي سيلتقي ترامب في البيت الأبيض رأيه في هذه النقاط، وللأسف ان تسرعهم هذا يكشف انهم لا يعرفون ترامب الكاذب المتقلب، ولا معلمه الحقيقي نتنياهو، الذي بات الحاكم الفعلي للولايات المتحدة وصاحب الكلمة الاخيرة.. والأيام بيننا.

 

المصدر: رأي اليوم

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com