“حضرموت“| الهضبة النفطية على فوهة انفجار: تصعيد إماراتي–سعودي متشابك.. وانشقاقات عسكرية تهز بنية النفوذ جنوب اليمن..!

6٬886

أبين اليوم – خاص 

تدخل حضرموت مرحلة حرجة من التصعيد المتسارع، فيما تتشابك فيها حسابات القوى الإقليمية مع صراعات الداخل بين فصائل المجلس الانتقالي والقوى المحلية، وسط انشقاقات عسكرية خطيرة وملامح معركة مؤجلة تتجدد ملامحها كل يوم.

فالتحركات الإماراتية الأخيرة لإعادة تجميع القوى التابعة لها، وقرار الانتقالي العودة إلى حضرموت رغم إعلان انسحابه السابق، يعكسان سباقًا محتدمًا للسيطرة على المحافظة الأكبر والأغنى بالنفط والوزن الجيوسياسي.

وفي المقابل، تتحرك السعودية لتعزيز نفوذها عبر دعم قوى محلية وإحباط التحركات المضادة، ما يجعل حضرموت مركزًا لصراع إقليمي مباشر يهدد بتفجير مواجهة واسعة في المنطقة الشرقية من اليمن.

هذا وأقرّ المجلس الانتقالي الجنوبي، سلطة الأمر الواقع جنوب اليمن، خوض مواجهة جديدة في حضرموت، رغم انسحابه منها في وقت سابق، في خطوة تعكس تحوّلًا مفاجئًا في مسار الصراع داخل المحافظة النفطية. وجاء هذا القرار بالتزامن مع اتساع رقعة الانشقاقات العسكرية بين فصائل التحالف في حضرموت، وظهور اتفاق إماراتي جديد بين رئيس المجلس عيدروس الزبيدي ونائبه فرج البحسني.

وحددت أمانة الانتقالي إقامة فعالية 30 نوفمبر في حضرموت، بعد أن كان المجلس قد وجّهها سابقًا نحو الضالع وردفان. ويأتي هذا التغيير في إطار مساعٍ إماراتية لتركير ثقل الانتقالي في مناطق الثروة شرق اليمن.

وتزامن ذلك مع كشف اتفاق إماراتي جديد بين الزبيدي والبحسني، يتضمن ترشيح محافظ جديد لحضرموت من قبل الزبيدي بديلًا عن مرشح السعودية والعليمي، في خطوة تهدف لتوحيد القوى الموالية لأبوظبي داخل المحافظة.

ويبدو أن الإمارات تدفع باتجاه خلق واقع جديد في حضرموت، عبر تمكين القوى القريبة منها وتهيئة المشهد لقرارات قد تُفرض بالقوة إذا لزم الأمر، خصوصًا مع التحشيدات التي يعدّها الانتقالي كخيارات تصعيد تدريجي.

في موازاة ذلك، شهدت حضرموت موجة انشقاقات عسكرية واسعة، حيث أعلنت ألوية الريان والأحقاف وشبام والدفاع الساحلي والحرس الرئاسي، إضافة إلى قيادات في اللجنة العسكرية العليا، تأييدها لفرج البحسني ومشروعه الذي يسعى إلى “فرض واقع جديد”.

ويأتي هذا التطور بينما يهدد البحسني باتخاذ “قرارات أحادية” بسبب تجاهل المجلس الرئاسي مطالبه المتعلقة بالتغييرات العسكرية والأمنية.

ورغم الزخم الإعلامي الذي رافق لقاءات البحسني، بما في ذلك ظهوره بزي إماراتي للمرة الأولى، فشل في إعلان قرار حاسم بشأن بدء المعركة في حضرموت، بعد اجتماع عقده بساحل المحافظة دون الوصول لقرار واضح.

ويعكس هذا الفشل تباينًا داخل القوات الموالية له، خصوصًا أن المنطقة العسكرية الثانية – رغم نفوذه فيها – لم تعلن موقفًا صريحًا حتى الآن.

بالتزامن مع ذلك، فتح الانتقالي جبهة جديدة عبر محاولة شق حلف القبائل، أكبر قوة اجتماعية مؤثرة في وادي وصحراء حضرموت. فقد عقدت “اللجنة التحضيرية للحلف” الموالية له اجتماعًا لإعادة هيكلة الحلف، في محاولة للإطاحة بعمرو بن حبريش، الذي يشكل خط الدفاع الأول في مواجهة النفوذ الإماراتي. وتحاول الإمارات والانتقالي تفكيك هذا الحلف الذي يمثل العقبة الأبرز أمام تمددهما عند الحدود السعودية.

وتأتي هذه المحاولات رغم فشل محاولات سابقة لشق الحلف أو استنساخ بديل عنه، إلا أن تزامن التحركات القبلية مع ترتيبات عسكرية جديدة يعكس سعيًا إماراتيًا لتهيئة بيئة اجتماعية تمهد للسيطرة على المحافظة، في ظل تراجع النفوذ السعودي في بعض مناطقها.

وتدل هذه الوقائع المتسارعة في حضرموت على أن المحافظة دخلت مرحلة الاصطفاف الأخير قبل الانفجار، حيث تتقاطع فيها رغبة الإمارات بإعادة هندسة النفوذ جنوبًا مع محاولة السعودية تكريس حضورها عبر القوى المحلية.

الانشقاقات العسكرية، ومحاولات شق حلف القبائل، والاتفاقات الموازية التي تصنعها أبوظبي داخل المجلس الانتقالي، كلها مؤشرات على صراع نفوذ مفتوح لن يظل سياسيًا طويلًا.

وتشير هذه التطورات إلى أن حضرموت قد تكون ساحة الحسم القادمة في الصراع السعودي–الإماراتي داخل اليمن، في وقت تتزايد هشاشة البنى العسكرية والسياسية التابعة للطرفين.

ومع استمرار حالة التوتر المتصاعد وغياب سلطة مركزية قادرة على ضبط الإيقاع، يبدو أن المحافظة على موعد مع مرحلة غير مسبوقة من إعادة تشكيل موازين القوة، قد تعيد رسم خريطة النفوذ في كامل المحافظات الشرقية والجنوبية.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com