“تقرير“| خدعة الذهب الكبرى: واشنطن تصفر ديونها بإعادة تقييم احتياطيات الذهب وتمرير الدولار الرقمي..!

7٬983

أبين اليوم – تقارير 

تقود الإدارة الأمريكية الحالية، ما يوصف بأنه “خدعة كبرى” في تاريخ الاقتصاد الحديث، تهدف إلى تجاوز أزمة الديون المتفاقمة، من خلال خطة مالية مزدوجة ترتكز على الذهب المخزَّن والعملات الرقمية.

لا يقتصر الهدف المعلن لهذا المخطط على تصفير الدين القومي للولايات المتحدة فحسب، بل يتجاوزه إلى خطر إغراق باقي دول العالم في دوامة من التضخم والانهيار المالي. حيث تسعى واشنطن لاستخدام احتياطياتها الضخمة من الذهب، التي جُمعت في خزائنها منذ فترة الحرب العالمية الثانية، كأداة لإنقاذ الذات من الغرق، تاركةً الاقتصاد العالمي يواجه تبعات إعادة تشكيل النظام النقدي.

الدافع وراء قلب الطاولة:

لطالما تغنت الولايات المتحدة بقوة اقتصادها، إلا أن الأرقام الرسمية تشير إلى حقيقة مختلفة؛ حيث تجاوز الدين القومي الأمريكي حاجز الـ 32 تريليون دولار في يونيو 2023. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأمريكية، استمر في الارتفاع لاحقاً، وهو مبلغ يفوق الناتج المحلي الإجمالي لأغلب دول العالم مجتمعة. وتستهلك خدمة هذه الديون –أي دفع الفوائد عليها فقط– جزءاً كبيراً من ميزانية الدولة. هذه الأزمة المالية الخانقة وضعت صانع القرار الأمريكي أمام خيارين: إما خفض الإنفاق وزيادة الإنتاج في طريق اقتصادي صعب، أو اللجوء إلى “قلب الطاولة” وتغيير قواعد اللعبة المالية العالمية، وهو ما يجيده السياسيون في واشنطن عادةً. ومن هنا بدأ التحرك نحو “خدعة الذهب”.

التلاعب بالحسابات الورقية:

تمتلك الولايات المتحدة ما يزيد على 8133 طناً من الذهب، وهو أكبر احتياطي في العالم، ومعظمه مخزن في قلعة “فورت نوكس” (حسب إحصاءات المجلس العالمي للذهب)، ويعود تاريخ حيازته إلى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما أقنعت واشنطن دول العالم بإيداع ذهبها مقابل “الدولار الذهبي” وفق نظام “بريتون وودز”.

المفاجأة ليست في الكمية، بل في القيمة المسجلة رسمياً لدى وزارة الخزانة الأمريكية لهذا الاحتياطي. فالقيمة المسجلة لأونصة الذهب لا تزال عند نحو 42.22 دولاراً فقط (الرقم المحاسبي الذي حدده الكونغرس عام 1973)، في الوقت الذي يتجاوز فيه سعرها الحقيقي في السوق حالياً آلاف الدولارات للأونصة.

ووفقاً لـ”بلومبرغ حول التقييم الدفتري، فإن هذا التقييم المنخفض يعني أن أمريكا تمتلك ثروة حقيقية تقترب من تريليون دولار، لكنها تُعلن في سجلاتها الرسمية أنها لا تتجاوز 11 ملياراً فقط.

ويؤكد المصدر ذاته، أن الخطة الاقتصادية تتمحور حول “إعادة تقييم” الذهب بالسعر الحقيقي، ما يحوّل الـ 8133 طناً من مجرد أصول ورقية إلى ثروة ضخمة وحقيقية. هذه الحيلة المحاسبية تهدف إلى تخفيض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي فجأة، وإظهار صورة مالية قوية للعالم دون أن تكون واشنطن قد سددت دولاراً واحداً من ديونها أو خفضت من إنفاقها. لكن الكارثة تكمن في أن هذا التقييم الجديد من شأنه أن يهز الثقة بالدولار، ويفجّر التضخم في الأسواق العالمية، ويؤدي إلى فقدان البنوك المركزية حول العالم لجزء كبير من قيمة احتياطاتها المقومة بالدولار الأمريكي.

حصان طروادة الجديد للسيطرة المالية:

ويواصل، لا تتوقف الخطة عند إعادة تقييم الذهب، فواشنطن تُدرك أن هذه الخطوة لن تسدد الديون بل تؤخر الكارثة، لذا بدأت المرحلة الأكثر خطورة: تقديم بديل جديد للدولار يتمثل في “الدولار الرقمي”. ويُعد هذا البديل تغييراً جذرياً في قواعد اللعبة المالية العالمية.

تعتمد الخطة على إطلاق عملات رقمية مستقرة (مثل USDT وUSDC) مرتبطة بالدولار، وربط هذه العملات بسندات وأذون الخزانة الأمريكية، بدلاً من الذهب. الهدف هو تحويل التجارة العالمية من النظام البنكي التقليدي إلى نظام مالي رقمي أسرع وأمريكي بالكامل. وبدلاً من ربط الدولار بالذهب كما في نظام “بريتون وودز”، سيتم ربط العملات الرقمية بالديون الأمريكية، ما يضمن استمرار الطلب على السندات، حيث سيصبح العالم مضطراً لشرائها ليس للاستثمار فحسب، بل لاستخدام الدولار الرقمي الجديد.

ووفقا لتحليلات خبراء ماليين تناولوا خطط إدارة ترامب، يأتي التغير المفاجئ في موقف بعض الدوائر في واشنطن المؤيد للعملات الرقمية المستقرة، بعدما كانت تنتقدها، كدليل على فهم فريق الإدارة الأمريكية أن مستقبل السيطرة المالية لا يكمن في الذهب، بل في الكود البرمجي الذي يتحكم في طباعة وتداول هذه العملات. وبذلك، تصبح العملة الرقمية المستقرة المدعومة بالسندات أداة للسيطرة ومصدراً جديداً للتمويل، وغطاءً لإخفاء التضخم والديون المتراكمة.

العواقب الكارثية والمواجهة المرتقبة:

تنفيذ هذه الخطة بنجاح ستكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي؛ حيث ستخسر الدول التي خزنت احتياطاتها بالدولار نصف قيمتها فجأة، وستقفز أسعار السلع العالمية بجنون نتيجة لفقدان الدولار لاستقراره. الأدهى من ذلك، أن الدولار الرقمي سيكون بمثابة “سلاح رقمي” يمكن استخدامه لمعاقبة الدول والشركات بـ “ضغطة زر”.

في المقابل، بدأت التحركات الدولية لمواجهة هذا المخطط، حيث تسرّع الصين من تطوير “اليوان الرقمي” وتعميمه في التجارة الدولية (وفقاً لتقارير رويترز)، وتطالب دول مجموعة “بريكس” بعملة جديدة لتجارة الطاقة والذهب. كما بدأت البنوك المركزية في أوروبا وآسيا بزيادة احتياطاتها من الذهب بدلاً من الدولار، مسجلةً مستويات قياسية في الشراء خلال السنوات الأخيرة (حسب بيانات المجلس العالمي للذهب)، في إشارة إلى بداية مواجهة اقتصادية لا هوادة فيها.

في الختام.. فإن الخطة التي تُحاك في واشنطن تتجاوز كونها مجرد أرقام في دفاتر الخزانة؛ إنها أكبر عملية تلاعب مالي في التاريخ، تستبدل فيها أداة السيطرة القديمة بأداة جديدة، في سباق بين تصفير الديون الأمريكية وتفجير أزمة عالمية لا يمكن السيطرة عليها.

المصدر: وكالة الصحافة اليمنية

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com