“تقرير خاص“| لماذا فجّرت الإمارات معركة حضرموت الآن؟ صراع حدودي يشتعل تزامنًا مع زيارة ابن سلمان لواشنطن واشتباكات السودان..!

7٬886

أبين اليوم – خاص 

تشهد خارطة الصراع السعودي–الإماراتي واحدة من أكثر مراحلها حساسية منذ اندلاع الحرب في اليمن قبل نحو عقد. فالتوترات، التي ظلّت مكتومة أو مُدارة خلف الأبواب المغلقة، خرجت فجأة إلى السطح مع تحريك الإمارات لملف حضرموت النفطي – المنطقة الأقرب إلى الحدود السعودية والأكثر حساسية في حسابات الأمن القومي للرياض.

ويأتي هذا التصعيد في لحظة إقليمية بالغة الدقة، حيث يتزامن مع زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، ومع إعادة ترتيب التوازنات في السودان، البلد الذي يشكّل ساحة صراع مباشرة بين نفوذ الرياض وأبوظبي.

هذا التزامن يطرح سؤالًا جوهريًا: هل قررت الإمارات فتح جبهة ضغط على السعودية من خاصرتها اليمنية؟

دفعت الإمارات، الثلاثاء، نحو تصعيد عسكري مفاجئ في حضرموت، في خطوة تعكس انتقال التنافس السعودي–الإماراتي من إدارة النفوذ إلى محاولة كسره ميدانيًا.

تُعد حضرموت، الأكبر مساحة والأغنى بالثروات النفطية، إحدى أهم ساحات النفوذ بين الطرفين، بالنظر لموقعها المحاذي للحدود السعودية وإطلالتها على بحر العرب وخليج عدن.

ومنذ بدء الحرب، تعاملت الرياض معها كعمق استراتيجي، فيما عملت أبوظبي على تثبيت موطئ قدم في الساحل منذ العام 2016، عقب انسحاب تنظيم القاعدة من المكلا بشكل مريب دون قتال.

وعلى مدى سنوات اتفاق الرياض، تمت إدارة الصراع بقاعدة غير معلنة: الساحل للإمارات.. والهضبة النفطية للسعودية.

لكن التطورات الأخيرة تكشف أن هذه القسمة لم تعد مقبولة لدى أبوظبي، التي قررت التحرك لفرض حضورها في الوادي والصحراء، أي قلب الثروة النفطية.

وفي الأيام الماضية، فعّلت الإمارات تشكيلات جديدة يُقال إنها تضم عناصر مرتزقة جرى استقدامهم من أمريكا اللاتينية وإفريقيا، ما يعكس رغبتها في إدارة المعركة خارج قدرة الفصائل المحلية.

وبرغم محاولتها منح العملية غطاءً محليًا عبر اللواء فرج البحسني، إلا أن تحركات هذه القوات جاءت خارج نفوذ القبائل، ما أثار مخاوف من تحضير الإمارات لحسم عسكري لا يعتمد على حلفائها المحليين.

وميدانياً.. اندلعت اشتباكات محدودة بين قوات “الدعم الأمني” المدعومة إماراتيًا، والتي يُشبّهها خصومها بقوات “الدعم السريع” السودانية، وبين قوات “حلف القبائل” الموالية للسعودية عند مداخل وادي حضرموت، وسط توقعات بأن المواجهة قد تتسع في أي لحظة.

ارتباط التصعيد بزيارة ابن سلمان لواشنطن:

توقيت التحرك الإماراتي لا يبدو معزولًا عن زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، والتي يتصدر جدولها ملف السودان.

في السودان، تدعم الرياض الجيش رسميًا، فيما تقف الإمارات خلف قوات الدعم السريع، أكبر ميليشيا مسلحة خارج الدولة، والمتهمة دوليًا بتلقي السلاح الإماراتي رغم الضغوط الأمريكية.

وقبيل الزيارة، كشفت وسائل إعلام أمريكية أن أبوظبي تخشى من أن يُطالب ابن سلمان واشنطن بالضغط عليها لوقف تمويل وتسليح قوات الدعم السريع، وهو ما سيُفقد الإمارات ورقتها الأهم في سباق النفوذ على الذهب وحقول النفط السودانية.

لهذا، يبدو أن أبوظبي تحاول إرسال رسالة قوية للرياض: “لدينا القدرة على فتح جبهة تهدد حدودكم مباشرة إن تم التضييق علينا في السودان”.

بهذا المنظور، يصبح تحريك معركة حضرموت ليس مجرد خطوة داخل اليمن، بل ورقة مساومة إقليمية في لحظة تفاوضية حساسة.

وتكشف هذه التطورات في حضرموت عن انتقال الصراع السعودي–الإماراتي من مرحلة “صراع النفوذ الهادئ” إلى مرحلة “الضغط المكشوف”.

فالتحركات الإماراتية عند حدود المملكة ليست حدثًا عابرًا، بل جزء من معادلة إقليمية أوسع تُستخدم فيها اليمن وساحاته كأوراق تفاوض في ملفات تتعدّى حدود اليمن، وصولًا إلى الخرطوم وواشنطن.

ويبقى السؤال الأهم: هل تتطور المواجهة إلى صدام مباشر بين وكلاء الطرفين؟ أم تنجح التفاهمات الإقليمية في احتواء المعركة قبل أن تتوسع؟

حتى الآن، مستقبل التصعيد مرتبط بشكل وثيق بنتائج زيارة ابن سلمان لواشنطن وموقف واشنطن من دور الإمارات في السودان، ما يجعل الأيام المقبلة مرشّحة لتحولات حساسة في أخطر رقعة صراع بالجزيرة العربية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com