“تقرير خاص“| تعز بين فوضى السلاح وصراع النفوذ… من الوازعية إلى قلب المدينة..!

8٬002

أبين اليوم – خاص 

تشهد محافظة تعز، بجغرافيتها الممتدة من الوازعية غرباً إلى قلب المدينة، واحدة من أكثر مراحلها توتراً منذ سنوات، مع تصاعد الصدامات القبلية والمواجهات المسلحة في الأطراف، وتفجر الاحتجاجات والانهيارات الإدارية والأمنية في المركز.

وتكشف هذه التطورات المتلاحقة عن صورة مركّبة من الانهيار: صراع نفوذ بين قوات الإصلاح وقوات طارق صالح المدعومة إماراتياً، وفوضى سلاح واسعة، وتآكل شبه كامل لمنظومة الحكم المحلي.

ففي الوقت الذي تنشغل فيه الفصائل بتثبيت سيطرتها على الجبال والمنافذ والمربعات الأمنية، يعيش المواطن في تعز حالة انسداد كامل: غياب للعدالة، انفلات أمني، تراجع للخدمات، واحتجاجات تتوسع كل يوم. وتبدو المحافظة اليوم أقرب إلى ساحة نفوذ متنازع عليها، لا إلى مدينة تحت إدارة سلطة رسمية.

أولاً: الوازعية.. اشتعال الأطراف في صراع النفوذ:

1. إسقاط طائرة مسيّرة وبداية انفجار الوضع:

شهدت مديرية الوازعية غرب تعز مواجهات عنيفة بين مسلحين قبليين وقوات تابعة لطارق صالح، بدأت مع إسقاط القبائل طائرة استطلاع مسيّرة تابعة للحملة الأمنية، في مؤشر واضح على رفض التمدد العسكري في محيط القرى.

2. استعادة جبال الرواجب وتوسّع رقعة الاشتباكات:

استعاد المسلحون السيطرة على سلسلة جبال الرواجب الاستراتيجية، واندلعت اشتباكات في منطقتي الحضارة والمتين، ما أكد انتقال الصراع من مواجهة محدودة إلى حرب نفوذ مفتوحة.

3. جذور الخلاف: نفوذ الفصائل فوق سلطة الدولة:

جاء التصعيد عقب خلاف يتعلق بإحدى المنظمات الإنسانية، لكنه سرعان ما تحول إلى صراع أوسع بسبب:

  • – محاولات قوات طارق بسط سيطرتها على مناطق قبلية خارج نطاقها.
    – رفض القبائل لأي وجود عسكري مفروض بالقوة.
    – اتهامات متبادلة بين الإصلاح وطارق صالح بتأجيج التوتر.

4. دعم إماراتي يقابله نفوذ إصلاحي قديم:

يمثل ظهور قوات طارق في مناطق غرب تعز تمدداً استراتيجياً مدعوماً إماراتياً، ما يثير حساسية تاريخية لدى قوات الإصلاح التي تهيمن على مدينة تعز. ومع توسع قوات طارق في الساحل الغربي والوازعية، ينظر الإصلاح إلى الأمر على أنه اختراق مباشر لنفوذه التاريخي في المحافظة.

ثانياً: تعز المدينة.. الشارع ينفجر تحت وطأة الفوضى:

في قلب مدينة تعز، يتصاعد الاحتقان الشعبي إلى مستويات غير مسبوقة، ما يعكس عمق الفشل الأمني والإداري لدى الجهات المسيطرة عليها، وعلى رأسها فصائل الإصلاح.

1. اعتصام أهالي ضحايا جرائم القتل: العدالة الغائبة:

يواصل أهالي ضحايا الاغتيالات والمواجهات المسلحة اعتصامهم المفتوح للشهر الثاني، بعد أن امتنعت الفصائل عن تسليم الجناة، خصوصاً أولئك المنتمين لقيادات عسكرية وفصائل نافذة.
بات المشهد يؤكد أن السلاح أقوى من القانون وأن الفصائل باتت مظلة حماية للمتورطين في جرائم القتل.

2. احتجاجات الجرحى.. الانفجار من داخل الصف:

في تطور لافت، نصب جرحى الفصائل الموالية للتحالف خياماً وسط المدينة احتجاجاً على حرمانهم من مستحقاتهم. الاحتجاج من داخل “الفصيل نفسه” يكشف:

  • – الانقسامات الداخلية
    – تآكل الثقة بين المقاتلين وقياداتهم
    – هشاشة البنية المالية والإدارية للفصائل

3. انهيار الإدارة المحلية وتحول تعز إلى ساحة مفتوحة للعصابات:

تعز اليوم تعيش وضعاً شديد الخطورة من حيث:

  • – انتشار عصابات مسلحة تعمل تحت مظلات فصائل مختلفة
    – اغتيالات متصاعدة
    – غياب سلطة الدولة
    – قوى متداخلة تتنافس على الإتاوات والمربعات الأمنية

وتحوّل هذا الواقع إلى بيئة مثالية لتفكك المدينة، مع تفشي الفساد المالي، وانهيار الخدمات، وارتفاع الجريمة بشكل غير مسبوق.

ثالثاً: الربط بين المشهدين.. تعز بين فكي صراع الإصلاح وطارق صالح:

1. تنازع النفوذ يخرج عن السيطرة:

من الوازعية غرباً إلى قلب المدينة، تتوزع خطوط التوتر بين:

  • – الإصلاح: المسيطر على المدينة، ويعتبر أي تمدد عسكري خارجي تهديداً مباشراً.
    – طارق صالح: المدعوم إماراتياً، ويوسّع حضوره في الأطراف على حساب القوى التقليدية داخل تعز.

هذا التنافس أنتج:

  • – فوضى أمنية
    – تعدد مراكز قوى
    – غياب الدولة
    – انفلاتاً في الأطراف والمركز معاً

2. كل طرف يستخدم الجماعات المحلية كأدوات صراع:

في الوازعية تُتهم قوى بإسناد القبائل، وفي المدينة تُستخدم العصابات والفصائل المسلحة في تصفية حسابات داخلية.
وبين الطرفين، يدفع المواطن الثمن الأكبر.

رابعاً: دلالات المشهد وتداعياته على مستقبل المحافظة:

1. الانفجار الاجتماعي في المدينة مؤشر لانهيار الثقة الكامل:

احتجاجات الجرحى واعتصام أهالي الضحايا تعكس فقدان المجتمع أي صلة بمنظومة الحكم الحالية.

2. التوتر في الوازعية ينذر بحرب طويلة:

رفض القبائل للوجود العسكري وتدفق التعزيزات من المخا يشيران إلى احتمال انفجار أوسع.

3. دخول الإمارات والسعودية في معادلة تعز يزيد من تعقيد المشهد:

كل طرف يدعم فصيلاً مختلفاً، ما يجعل تعز ساحة صراع نفوذ إقليمي إضافية.

4. تآكل بنية الدولة يمهد لمرحلة جديدة من التفكك:

في ظل غياب أي سلطة رسمية حقيقية، تتعمق فوضى السلاح والعصابات.

وعليه يمكن القول:

تعز – بجغرافيتها المتناقضة بين مركز حضري ملتهب وأطراف قبلية مشتعلة – تمثل اليوم نموذجاً صريحاً لما يحدث عندما تتحول المدن إلى معسكرات نفوذ تتقاسمها الفصائل، وعندما تحتكر المجموعات المسلحة وظائف الدولة.

الصراع بين الإصلاح وطارق صالح لم يعد مجرد تنافس سياسي أو عسكري، بل أصبح عامل تفجير شامل يفكك نسيج المحافظة ويقودها إلى مستقبل غامض، بينما يدفع السكان الثمن من أمنهم ومعيشتهم ودمائهم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com