“تقرير خاص“| من رأس العارة إلى المهرة.. انسحاب سعودي غامض من الساحل الغربي.. اتفاق تهدئة أم إعادة تموضع في حرب الموانئ..!

8٬772

أبين اليوم – خاص 

شهدت السواحل اليمنية تصعيدًا جديدًا في الصراع بين الفصائل الموالية للسعودية والإمارات، في خطوة تعكس التنافس الإقليمي على النفوذ والسيطرة على الموانئ والممرات البحرية الحيوية. من باب المندب غربًا إلى المهرة شرقًا، تتشابك مصالح القوى الإقليمية مع الديناميات المحلية، لتضع اليمن مرة أخرى في صلب صراع استراتيجي معقد، يهدد استقرار البلاد السياسي والاقتصادي والأمني.

التطورات في باب المندب:

في الساحل الغربي لليمن، أصدرت السعودية الأربعاء توجيهات لفصائلها المعروفة بـ “درع الوطن” بالانسحاب من مديرية رأس العارة. وأفادت مصادر محلية بأن أرتالًا عسكرية لهذه الفصائل، التي يشرف عليها سلطان البقمي قائد الدعم والإسناد بالتحالف، شوهدت وهي تغادر نقاطًا استراتيجية قرب اللسان البحري عند التقاء البحر الأحمر بخليج عدن، وهو موقع حيوي ضمن محافظة لحج.

وكانت المنطقة شهدت خلال الأيام الماضية توترات كبيرة بعد دفع السعودية بتعزيزات للسيطرة على هذا الموقع، الأمر الذي أثار غضب الفصائل الإماراتية مثل العمالقة والحزام الأمني. وقد أدى التوتر إلى تعزيز الطرفين قواتهما، ما جعل المنطقة على شفير مواجهة عسكرية مباشرة.

ويُعد اللسان البحري في رأس العارة موقعًا استراتيجيًا بالغ الأهمية، إذ يربط البحر الأحمر بخليج عدن، ويمثل نقطة حيوية للممرات البحرية والتجارة العالمية، ما يفسر حرص كل طرف على السيطرة عليه.

ويأتي انسحاب السعودية بالتزامن مع تحركات المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، الذي غادر السعودية إلى أبوظبي للقاء وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت الخطوة تعكس بادرة حسن نية أو جزءًا من اتفاق سري للتهدئة.

التطورات في المهرة:

على الساحل الشرقي، شهدت المهرة تصعيدًا آخر مرتبطًا بمحاولات السعودية توسيع نفوذها البحري. وأعلنت لجنة الاعتصام السلمي في المحافظة عن رفضها لإغلاق الموانئ، مهددة بالتصعيد السلمي، بينما أرسلت قوات الانتقالي تعزيزات عسكرية. وقال الشيخ علي الحريزي، رئيس اللجنة، إن المحافظة تدفع ثمن مواقفها الوطنية، مشيرًا إلى أن وثيقة مسربة حول “مكافحة التهريب” تهدف لتمكين فصائل سلفية موالية للسعودية.

وفي الوقت نفسه، عقدت السلطة المحلية اجتماعًا مع مدير مؤسسة موانئ البحر العربي لترتيب ضم ميناء نشطون، في محاولة لإفشال محاولات خنق المحافظة، والحفاظ على استقرار الحركة التجارية. ويشير هذا التصعيد إلى أن السعودية والإمارات تتنافسان ليس فقط على السيطرة العسكرية، بل أيضًا على النفوذ الاقتصادي والاستراتيجي في السواحل اليمنية.

تحليل الصراع الإقليمي:

تعكس التطورات في باب المندب والمهرة الصراع الإقليمي المستمر بين السعودية والإمارات في اليمن، حيث يسعى كل طرف لتأمين مصالحه الاستراتيجية والاقتصادية عبر السيطرة على الموانئ والممرات البحرية الحيوية.

الانسحابات المؤقتة والتصعيدات المتبادلة تظهر أن الصراع لا يقتصر على الداخل اليمني، بل جزء من منافسة إقليمية أوسع على النفوذ في البحر الأحمر وخليج عدن.

وتشكل المحافظات الساحلية اليمنية نقطة حساسة في هذا الصراع، إذ يربط نجاح كل طرف بين النفوذ العسكري والاقتصادي والسيطرة على الممرات التجارية، ما يجعل استمرار الاستقرار المحلي هشًا للغاية. وفي ظل هذا التنافس، يظل اليمن عرضة لتفاقم الانقسامات الداخلية وتعقيد الجهود الأممية الرامية للتهدئة وإعادة الاستقرار إلى البلاد.

وعليه يمكن القول:

تشير الأحداث الأخيرة إلى أن السواحل اليمنية، من المندب إلى المهرة، أصبحت ساحة مفتوحة للتنافس الإقليمي، ما يزيد من هشاشة الوضع الأمني والسياسي. كما يبرز دور المبعوث الأممي في محاولة لاحتواء التصعيد، وسط شكوك حول جدية الأطراف الإقليمية في تبني التهدئة.

ومع استمرار هذا التنافس، يبقى اليمن عرضة لمزيد من الانقسامات والتوترات التي تهدد استقراره السياسي والاقتصادي على المدى الطويل.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com