“تكساس“| إساءة القرآن في الحملات الانتخابية الأمريكية: دعاية صادمة أم رسالة ولاء سياسي..!

5٬890

أبين اليوم – خاص 

بعد أقل من خمسة أشهر على قيام مرشحة الحزب الجمهوري لعضوية الكونغرس عن ولاية تكساس، فالنتينا غوميز، بحرق المصحف الشريف في أغسطس الماضي ضمن حملتها الانتخابية، عادت موجة جديدة من الإساءة للمقدسات الإسلامية إلى الواجهة، وهذه المرة عبر مرشح أمريكي يُدعى جيك لانغ، أقدم على وضع نسخة من القرآن الكريم في فم مجسم خنزير ضمن مادة دعائية انتخابية.

وتعيد هذه الحوادث المتكررة طرح تساؤل جوهري حول دوافع لجوء بعض المرشحين الأمريكيين إلى الإساءة المتعمدة للقرآن الكريم، وتحويلها إلى أداة دعاية سياسية داخل النظام الانتخابي في الولايات المتحدة.

في السياق السياسي الأمريكي، يعتمد عدد من المرشحين، خصوصًا في التيارات اليمينية المتطرفة، على دعم لوبيات ضغط منظمة بتأييدها المطلق لكيان الاحتلال. وتكافئ هذه اللوبيات المرشحين الذين يتبنون خطابًا عدائيًا تجاه الإسلام، باعتباره بيئة حاضنة – وفق تصورهم – للمقاومة الفلسطينية.

وبناءً على ذلك، يُنظر إلى المرشح الذي يسيء للإسلام أو للقرآن على أنه أكثر “موثوقية” وجدّية في ولائه لهذه الأجندات، ما يفتح له أبواب الدعم المالي والإعلامي واللوجستي. وهكذا تتحول الإساءة الدينية من سلوك شاذ إلى استثمار سياسي محسوب داخل السباق الانتخابي.

ولا تقتصر هذه الممارسات على تحقيق مكاسب انتخابية مباشرة، بل تسهم في إعادة صياغة الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي باعتباره صراعًا دينيًا أو حضاريًا، بدل كونه قضية احتلال وحقوق إنسان، بما يبرر السياسات الإسرائيلية العدوانية تحت شعار “حماية القيم الغربية”.

تحليل:

ما يجري ليس “حرية تعبير” ولا انزلاقًا فرديًا لمرشحين هامشيين، بل انكشاف فجّ لمنظومة سياسية تُكافئ الكراهية حين تخدم أجندة بعينها.

فحين يصبح تدنيس المقدسات الإسلامية بطاقة عبور نحو التمويل والدعم الإعلامي، فإن الديمقراطية الأمريكية تفقد قناعها الأخلاقي، وتتحول إلى سوق مزايدات على العداء والتحريض.

الأخطر أن هذا المسار لا يستهدف الإسلام بوصفه دينًا فحسب، بل يسعى لإعادة هندسة وعي سياسي يبرر الإبادة والاحتلال عبر تحويل الضحية إلى “عدو حضاري”.

الصمت الدولي، والتعامل المتراخي مع هذه الاستفزازات، لا يعني الحياد، بل يمنح الضوء الأخضر لتصعيد أخطر، حيث تُداس المقدسات اليوم، وتُشرعن الجرائم غدًا، تحت شعارات انتخابية زائفة وقيم تُستحضر فقط حين تخدم الأقوياء.

كما تكشف هذه الظاهرة أن الإساءة للقرآن في الحملات الانتخابية الأمريكية ليست تصرفات فردية معزولة، بل جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى كسر الخطوط الحمراء تدريجيًا، وتطبيع العداء للمقدسات الإسلامية داخل الفضاء السياسي والإعلامي الغربي.

فكل إساءة جديدة تُستخدم لقياس ردود الفعل، واستكشاف حدود الصمت أو القبول، تمهيدًا لتصعيد أكثر حدة في المستقبل. وفي العمق، تتقاطع هذه الممارسات مع مساعٍ منهجية لتشويه التضامن مع فلسطين، وشيطنة حركات المقاومة، وربط الإسلام بالعنف في الوعي الغربي، بما يخدم تحصين إسرائيل سياسيًا وأخلاقيًا داخل الولايات المتحدة.

وهكذا تتحول الكراهية الدينية إلى أداة ضغط منظمة، يُوظفها بعض المرشحين لتحقيق مكاسب شخصية، بينما يدفع ثمنها السلم المجتمعي واحترام المقدسات، وتُختزل القيم الديمقراطية ذاتها في منطق الاستفزاز والعداء بدل الحوار والعدالة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com