“تقرير خاص“| اليمن أمام كارثة إنسانية صامتة.. تصاعد الهجرة الإفريقية يهدد بانهيار ما تبقّى من الاقتصاد..!
أبين اليوم – خاص
في مشهد يعكس حجم التعقيد الذي يعيشه اليمن بعد عقدٍ من الحرب والانهيار، تتدفّق موجات بشرية جديدة من المهاجرين الأفارقة إلى سواحله الجنوبية، في واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية والاقتصادية الصامتة التي تواجه البلاد.
فبينما يعجز الاقتصاد اليمني عن تلبية احتياجات سكانه المحليين، يجد نفسه اليوم أمام عبءٍ ديموغرافي وإنساني إضافي، يهدد ما تبقّى من بنيته المتآكلة ويضاعف الضغوط على موارده المحدودة.
هذا وأكد تقرير حديث صادر عن منظمة الهجرة الدولية أن اليمن شهد في شهر أكتوبر الماضي تدفّقًا غير مسبوق لنحو 17,600 مهاجر إفريقي خلال شهر واحد فقط، في أعلى معدل يُسجَّل منذ اندلاع الحرب قبل نحو عشر سنوات، وفقًا لما نقلته وكالة “سبوتنيك عربي” الروسية.
وأوضح التقرير أن هذا الارتفاع الحاد يأتي في وقتٍ يعاني فيه الاقتصاد اليمني من خسائر تراكمية تتجاوز 126 مليار دولار، فيما يعتمد نحو 80% من السكان على المساعدات الإنسانية، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وتُرجع التحليلات أسباب تصاعد موجات الهجرة إلى الأزمات الاقتصادية والنزاعات المسلحة في دول القرن الإفريقي، إضافةً إلى نشاط شبكات تهريب منظّمة تستغل هشاشة الرقابة على المنافذ البحرية والبرية اليمنية، خصوصًا في محافظات أبين ولحج وشبوة وتعز.
وقد أدى ذلك إلى زيادة الضغط على الموارد المحلية، ولا سيما في مناطق حكومة الشرعية التي تعاني أصلًا من ضعف البنية التحتية والخدمات.
وأشار التقرير إلى أن السلطات اليمنية تبذل جهودًا لضبط شبكات التهريب وتأمين المنافذ، إلا أن ضعف الإمكانات التقنية والبشرية يجعل من الصعب السيطرة على هذا التدفق، ما يفرض تكاليف إضافية على القطاعين الأمني والخدمي، ويستنزف الموارد المحدودة المتاحة.
كما حذّر التقرير من أن استمرار تدفق المهاجرين يفاقم الأعباء على البنية التحتية والمرافق الحيوية، بما في ذلك الموانئ والمنافذ البحرية، ويزيد من كلفة الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والرعاية الصحية، في ظل انكماش اقتصادي واسع وتراجع الاستثمارات الأجنبية والإنتاج المحلي.
وأوضحت المنظمة أن هذه الظاهرة تلقي بظلالها أيضًا على قطاع التجارة والخدمات، حيث ترتفع الحاجة لتوفير المأوى والغذاء والرعاية الصحية للمهاجرين، في وقتٍ تعاني فيه الإيرادات العامة من ضغوط هائلة بسبب الإنفاق الطارئ المتزايد وانكماش النشاط الاقتصادي.
وخلال العقد الأخير، أظهرت البيانات أن استمرار النزاع وتفاقم الهجرة غير النظامية أدّيا إلى تراجع الإنتاج المحلي وتقلص الإيرادات العامة، ما ضاعف الفجوة الاقتصادية وعمّق معدلات الفقر والبطالة، خصوصًا في المحافظات الجنوبية التي تواجه انهيارًا متسارعًا في الخدمات العامة.
وعليه يمكن القول:
تكشف موجة الهجرة الأخيرة أن اليمن لم يعد مجرّد دولة عبور تقليدية للمهاجرين القادمين من القرن الإفريقي، بل أصبح نقطة اختناق إنساني واقتصادي بفعل هشاشة مؤسساته وانكشاف حدوده.
ومع عجز الحكومة عن ضبط المنافذ وغياب الدعم الدولي الكافي، يتحوّل الملف إلى أزمة مركّبة تجمع بين الأمن والهجرة والاقتصاد.
ولذلك، فإن أي معالجة حقيقية تتطلب رؤية إقليمية مشتركة تعالج جذور المشكلة في بلدان المصدر، إلى جانب دعم قدرات اليمن في مراقبة السواحل وإدارة الهجرة، لتجنّب تحوّل البلاد إلى بؤرة إنسانية مفتوحة تضاعف من معاناة شعبها وتستنزف ما تبقّى من بنيتها الاقتصادية المنهكة.