“تقرير“| تفاقم عجز حكومة عدن: رواتب متوقفة وضغوط دولية وإشارات إلى حرب اقتصادية جديدة..!

7٬871

أبين اليوم – خاص 

فاقم تأخر صرف الرواتب في مناطق سيطرة حكومة عدن الأزمة المعيشية لعشرات الآلاف من الموظفين، وسط تراجع الإيرادات وتآكل الاحتياطيات النقدية، وفشل الحكومة في توحيد الموارد العامة. يأتي ذلك بالتزامن مع تلويح الرباعية الدولية بفرض عقوبات على قيادات محلية تتهمها بعرقلة برنامج الإصلاحات، في مؤشر على مواجهة اقتصادية مرتقبة ستفتحها الحكومة ومجلس القيادة ضد السلطات المحلية، مدفوعة بالدعم الخارجي.

وبحسب تحقيق صحفي حديث لوكالة “رويترز”، فإن حكومة عدن عزت عجزها المالي المتفاقم إلى توقف الدعم الدولي واحتدام خلافاتها مع السلطات المحلية بشأن توريد العائدات من المحافظات الخاضعة لها. ونقلت الوكالة عن مسؤولي البنك المركزي أن البلاد تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ 2015، بخسائر تتجاوز ثلاثة مليارات دولار نتيجة توقف صادرات النفط وانهيار موارد النقد الأجنبي.

محدودية الدعم السعودي:

رغم تلقي 90 مليون دولار من الدعم السعودي – كجزء من الحزمة المقدرة بـ368 مليون دولار – لم تتمكن الحكومة إلا من تغطية جزء بسيط من رواتب الموظفين المتأخرة، في انعكاس لعمق الأزمة المالية وتهالك موارد الدولة عقب عامين من توقف صادرات النفط إثر الهجمات على الموانئ.

وأكدت “رويترز” أن تقرير “المرصد الاقتصادي لليمن” يتوقع ضغوطًا استثنائية خلال 2025، مع استمرار الحصار على الصادرات النفطية، وتفاقم التضخم، وتراجع المساعدات الدولية، وتعمّق الانقسام المؤسسي، ما أدى إلى أزمة سيولة خانقة شلّت قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها الأساسية.

فشل برنامج الإصلاحات:

ونقلت الوكالة عن مصادر حكومية أن تفاقم الاحتقان الشعبي دفع مجلس القيادة لإقرار خطة إصلاحات مالية وإدارية بدعم دولي تهدف إلى توحيد الإيرادات تحت إدارة الحكومة والبنك المركزي. غير أن “رويترز” أشارت إلى أن هذه الخطوات أثارت مخاوف داخلية، خصوصًا مع اشتراط الرباعية الدولية – الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات – تنفيذ إصلاحات قاسية قبل استئناف الدعم، استنادًا إلى وصفات صندوق النقد الدولي التي تضمنت تحرير سعر الدولار الجمركي وتوحيد التعرفة الضريبية وإلزام المحافظات بتوريد عائداتها إلى بنك عدن.

تهديدات بالعقوبات على السلطات المحلية:

وكشف التحقيق – نقلاً عن مصادر مطلعة – أن الرباعية الدولية أبلغت مجلس القيادة نيتها فرض عقوبات على أي محافظ أو جهة تُعرقل توريد الإيرادات بعد انتهاء المهلة، في خطوة تُشير إلى مواجهة اقتصادية حادة بين الحكومة والسلطات المحلية، تستند فيها عدن إلى دعم المجتمع الدولي. وحذر التحقيق من مخاطر الاختلالات المالية المترتبة على احتجاز الإيرادات، وهو ما أكده صندوق النقد في تقاريره الأخيرة حول أداء الحكومة.

تدهور الوضع المعيشي:

وعلى الصعيد الإنساني، نقلت “رويترز” شهادات موظفين وأكاديميين يكافحون لمواجهة الانهيار الحاد في القدرة الشرائية، حتى إن بعضهم لم يعد قادرًا على تغطية تكاليف المواصلات.

وتحدثت الوكالة عن نازحين حكوميين في عدن مهددين بالطرد لعدم قدرتهم على دفع الإيجارات، في ظل ارتفاع غير مسبوق في أسعار الغذاء والدواء والوقود، وتراجع فرص العمل. كما حذر البنك الدولي من أن أكثر من 60% من الأسر في مناطق الطرفين تواجه صعوبة في تأمين الغذاء، مع تزايد اللجوء لآليات تكيّف مؤلمة كالاستدانة والتسوّل.

وتعكس المؤشرات الحالية دخول مناطق حكومة عدن مرحلة حرجة من الانهيار المالي، حيث باتت القدرة على صرف الرواتب نفسها مشروطة بتفاهمات دولية وإملاءات اقتصادية، فيما تتآكل أدوات الحكومة على الأرض أمام نفوذ السلطات المحلية وتراجع الإيرادات. وتؤكد التهديدات بالعقوبات أن الدعم الدولي لم يعد يتعامل مع الأزمة باعتبارها إنسانية فحسب، بل بوصفها ملفًا سياسيًا واقتصاديًا مرتبطًا بإعادة هيكلة السلطة في الجنوب.

وفي غياب حلول جذرية وفورية، يبدو أن النزاع على الإيرادات سيتحوّل إلى أحد أخطر فصول الصراع الداخلي خلال العام القادم، في منطقة يزداد فيها الفقر والضغوط المعيشية تسارعًا بما يتجاوز قدرة الحكومة والدعم الخارجي على احتوائه.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com