في ذكرى الاستقلال 30 نوفمبر.. المحتلون الجدد يتوافدون على المحافظات الجنوبية!
541
Share
تقرير / إبراهيم القانص :
الذكرى الثالثة والخمسون لعيد الاستقلال 30 نوفمبر، ذكرى رحيل آخر جندي بريطاني من المحافظات الجنوبية في الثلاثين من شهر نوفمبر عام 1967م، تتويجاً وتكليلاً للثورة ضد المحتل البريطاني التي انطلقت في الرابع عشر من شهر أكتوبر عام 1963م، يستقبلها اليمنيون للعام السادس توالياً وقد فقدت نكهتها المضمخة بالمجد والحرية والاستقلال، فخلال الأعوام الستة الماضية أُفرغت المناسبة العظيمة من مضمونها الثوري النضالي كون المحافظات الجنوبية لم تعد حُرة كما كانت حين طهرها الأحرار من المحتل البريطاني، فهناك محتلون جدد أعادوها إلى دائرة الاستلاب والهيمنة الخارجية بعناوين مختلفة وشعارات تضليلية في أكبر مغالطة تاريخية تشهدها اليمن.
منذ أن وضع التحالف يده على المحافظات الجنوبية عام 2015م، بدعوى دعم وإعادة الشرعية؛ تكشفت تباعاً نوايا التحالف الحقيقية، وتجلت حقيقة أن دعم الشرعية وإعادتها لم تكن سوى شعار للتضليل، فالشرعية لا تزال في منفاها الإجباري في فنادق عواصم دول التحالف من رأس الهرم- هادي- إلى أصغر موظف، والأوضاع في تلك المناطق التي يسيطر عليها التحالف تنهار بشكل ممنهج وبوتيرة عالية على المستويات كافة، أمنياً واقتصادياً وخدماتياً، ولا صحة لما أعلنه التحالف في البداية من أهداف كان ظاهرها مصلحة اليمنيين وباطنها تدميرهم وتقسيم بلادهم واحتلالها ونهب ثرواتها والسيطرة على مواقعها الاستراتيجية المهمة.
شواهد كثيرة على الأرض أدت إلى يقين لا يخالطه الشك بأن التحالف جاء إلى اليمن بذريعة التدخل العسكري دعماً للشرعية ولمحاربة الحوثيين، ليحتل الأرض وينهب الثروات ويحول المواطنين إلى أتباع مسلوبي الإرادة، كما سلب قرار وإرادة الشرعية نفسها والتي لم يعد لها أي دور سوى تنفيذ ما يمليه عليها التحالف، فالإمارات تحتل مواقع استراتيجية كثيرة وقواتها تسيطر على عدد من المناطق والموانئ والجزر، وأبرزها جزيرة سقطرى، التي أحكمت الإمارات سيطرتها على كل شئونها عسكرياً وإدارياً، حيث بدأت بإنشاء المصانع والمنتجعات السياحية، ومواقع استخباراتية مشتركة مع السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل.
تجاوزت الإمارات ذلك إلى حد أنها شرعت في التعامل مع اليمنيين الوافدين إلى الجزيرة باعتبارهم عمالة وافدة، بعد افتتاحها مكتباً لاستقبال الأجانب الوافدين لأي غرض سواء السياحة أو البحث عن عمل، واليمنيون منهم ولا يختلفون في المعاملة مع أي أجنبي يصل إلى الجزيرة، بل وصل الحد بالإماراتيين إلى تغيير لوحات السيارات اليمنية إلى لوحات تحمل اسم بلادهم، إضافة إلى أن الواصل إلى سقطرى وبمجرد أن تطأ قدمه أرض الجزيرة تصله رسالة إلى هاتفه المحمول مفادها “مرحباً بك في أرض الإمارات العربية المتحدة”، الأمر الذي يعدّه مراقبون احتلالاً مكتمل الأركان.
في المقابل تحتل السعودية المنافذ البرية في محافظة المهرة، وتنشر قواتها على امتداد سواحل المحافظة مقيدةً حركة الصيادين، وتتخذ من مطار الغيظة، عاصمة المحافظة، مقراً لقواتها التي تكثف تواجدها بشكل مستمر، إضافة إلى أن الرياض وأبو ظبي تتقاسمان السيطرة على حقول النفط في شبوة ومارب وحضرموت، وتتمددان في كل المحافظات الجنوبية على خلفية تلك الشعارات المضللة، ومعتمدتين في زيادة تمددهما وتوسيع سيطرتهما سياسة تعميق الصراعات الداخلية بين أبناء المحافظات الجنوبية، بعد تأطيرهم في كيانات وتشكيلات عسكرية وتتوليان دعمها جميعاً ليستمر الصراع وتسهل عملية التوسع في الاحتلال والسيطرة على المواقع ومناطق الثروات.
ويرى مراقبون أن احتلال السعودية والإمارات للمدن والموانئ والجزر والمواقع الاستراتيجية ومناطق الثروات المختلفة في المحافظات الجنوبية، لا ينحصر في نطاق تحقيق مصالحمها فقط، بل يتعدى ذلك إلى تحقيق وتنفيذ أهداف قوى استعمارية عالمية قديمة وحديثة، فبريطانيا أصبحت تحظى من جديد بتواجد عسكري في حضرموت، وفي مطار الغيظة بمحافظة المهرة تتواجد قوات أمريكية وبريطانية بفضل تسهيلات وخدمات السعودية والإمارات اللتين تنفذان في الأصل أجندات خارجية مرتبطة بأهداف وأطماع قوى عالمية، ومؤخراً بدأت تركيا بالبحث عن موطئ قدم لها في المحافظات الجنوبية، بمشاركة طائراتها المسيرة في المعارك الدائرة هناك بين القوات التابعة للإصلاح وحكومة هادي، المدعومة سعودياً، وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي الموالية للإمارات، ولا عزاء اليمنيين أصحاب الأرض سوى ترتيب صفوفهم وبدء الكفاح المسلح لإخراج المحتلين الجدد من أرضهم، وإعادة مناسباتهم الوطنية سواء في ذكرى الاستقلال أو الثورة الأم إلى مساراتها الطبيعية المصبوغة بالحرية والسيادة الكاملة والاستقلال من أي تبعية للخارج إقليمياً وعالمياً.