“تقرير خاص“| مناورات “الموج الأحمر“ يكشف الوجه الحقيقي للتحركات السعودية: مواجهة صنعاء أم حماية “كيان الاحتلال“..!

7٬991

أبين اليوم – خاص 

في خضم تحولات غير مسبوقة على الصعيد الإقليمي والدولي، أثبتت قوات صنعاء أن حضورها لم يعد مقتصراً على الداخل اليمني، بل أصبح عامل ضغط حقيقي يعيد رسم موازين القوى في الشرق الأوسط.

بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، التي شهدت العملية النوعية طوفان الأقصى، نجحت صنعاء في استهداف الموانئ الإسرائيلية وإرباك حركة التجارة البحرية، ما جعل البحر الأحمر ساحة نفوذ استراتيجية تتحكم فيها إرادة المقاومة اليمنية.

هذا الواقع أجبر السعودية، الحليف التقليدي للاحتلال الإسرائيلي، على إطلاق مناورات ضخمة في البحر الأحمر تحت عنوان “الموج الأحمر 8″، في محاولة عاجلة لإعادة السيطرة على خطوط الملاحة البحرية، لكنها في الوقت ذاته تكشف عن موقف مرعوب أمام قوة صنعاء وإمكاناتها التي تتجاوز الحدود المحلية.

بهذه الخطوة، يتضح أن اليمن ليست مجرد طرف محلي في النزاع الإقليمي، بل أصبحت لاعباً مؤثراً يفرض نفسه على القرارات الاستراتيجية الدولية، ويجعل التحركات السعودية والدولية تتكيف مع قدرة صنعاء على التحكم بمسار الأحداث في البحر الأحمر وفي عمق المعادلة الإقليمية.

أبعاد المناورات العسكرية:

أعلنت وزارة الدفاع السعودية عن انطلاق التمرين البحري (الموج الأحمر 8) من قاعدة الملك فيصل البحرية بمدينة جدة، بمشاركة القوات البحرية والبرية والجوية السعودية، إضافة إلى وحدات حرس الحدود.

وشملت المشاركة قوات بحرية من الدول المطلة على البحر الأحمر، وهي: الأردن، مصر، جيبوتي، السودان، بالإضافة إلى قوات التحالف في اليمن.
واستمرت المناورات حتى 13 نوفمبر الجاري، وتهدف، بحسب الإعلان السعودي، إلى تعزيز التعاون العسكري وضمان أمن الممرات البحرية الحيوية.

البعدين الدبلوماسي والاقتصادي:

أكد سفير السعودية لدى حكومة التحالف، محمد آل جابر، أن المناورات تأتي ضمن شراكة دولية واسعة، تضمنت مؤتمراً بالشراكة مع المملكة المتحدة لدعم خفر السواحل اليمنية بـ 4 ملايين دولار، إضافة إلى دعم فني يتعلق بالتدريب والمعدات.

وأشار آل جابر إلى أهمية المناورات لليمن والمنطقة، وللتجارة الدولية، والحفاظ على أمن البحر الأحمر، في إطار الرسائل الرسمية المتداولة حول حماية الملاحة.

السياق الإقليمي:

تأتي المناورات بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتعهدت صنعاء بدخول المعركة دفاعاً عن فلسطين. وأدت الهجمات البحرية اليمنية على السفن الإسرائيلية وسفن التجارة المارة قرب الموانئ، مثل “إيلات”، إلى توقف حركة العمل وتقليص النشاط الاقتصادي في الموانئ، وهو ما كشف عن ضعف الاحتلال في مواجهة قدرات صنعاء البحرية، رغم التدخل الأمريكي والدعم المباشر له.

وعليه يمكن القول:

تكشف مناورات الموج الأحمر 8 أن السعودية تتحرك اليوم داخل مسار يخدم الاحتلال الإسرائيلي أكثر من حماية الممرات البحرية، بينما أثبتت قوات صنعاء قدرتها على فرض معادلة ردع حقيقية في البحر الأحمر، وتهديد الموانئ الإسرائيلية وإرباك الاقتصاد الإسرائيلي.

كما تكشف هذه المناورات أن السعودية تتحرك اليوم داخل مسار يخدم – بشكل مباشر أو غير مباشر – متطلبات الأمن الإسرائيلي، في لحظة تاريخية باتت فيها المياه الإقليمية واحدة من أهم ساحات الضغط الاستراتيجي على الاحتلال.

فبينما عجزت “إسرائيل” والولايات المتحدة عن وقف العمليات البحرية التي تنفّذها قوات صنعاء دفاعاً عن فلسطين المحتلة، تحاول الرياض إعادة تموضعها عبر بناء تحالفات بحرية واسعة تهدف إلى تفريغ البحر الأحمر من تأثير الضربات اليمنية التي أعادت صياغة خريطة التجارة العالمية.

إن نجاح صنعاء في فرض نفوذها البحري وإرباك الموانئ الإسرائيلية، وتحديداً إيلات يضع الرياض أمام واقع صعب: كل المناورات والتحالفات العسكرية لا يمكن أن تلغي الدور الاستراتيجي الذي باتت تلعبه اليمن في حماية القضية الفلسطينية.

كما جعل قوات صنعاء اللاعب الأقوى في البحر الأحمر خلال العام الأخير، وهو ما يفسّر الاندفاع السعودي نحو المناورات العسكرية: ليس لاعتبارات “الأمن البحري” كما يُعلن، بل لمواجهة النفوذ المتصاعد لقوى المقاومة التي وضعت مصالح الاحتلال تحت النار.

وبالتالي، تصبح أي محاولة سعودية لإعادة السيطرة على البحر الأحمر أو خفض تأثير صنعاء، مجرد تموضع دفاعي يخدم الاحتلال، في حين أن إرادة المقاومة اليمنية وقدرتها على الضغط البحري تفرض نفسها كعنصر حاسم في أمن المنطقة ومستقبل النزاع الإقليمي، مما يجعل البحر الأحمر ساحة ضغط جديدة لمصلحة فلسطين ودعم حلف المقاومة ضد الاحتلال.

وبينما تراهن السعودية على الدعم الأمريكي والغربي لإعادة السيطرة على الساحل والجزر والممرات، تبدو صنعاء – بثباتها وقدرتها على الضغط البحري – أقرب إلى قيادة محور شعبي وعسكري يدافع عن فلسطين بوسائل عملية تتجاوز الشعارات.

ولذلك، فإن مسار الأحداث يشير إلى أن المعادلة التي فرضتها صنعاء بعد 7 أكتوبر لن تتراجع مهما تعددت المناورات أو التحالفات، وأن أي تموضع إقليمي يقف في خندق الدفاع عن الاحتلال سيجد نفسه عاجزاً أمام التحولات القادمة، حيث تتحول الإرادة الشعبية وقوى المقاومة إلى عامل حاسم في أمن البحر الأحمر ومستقبل المنطقة.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com